ابراهيم أخياط شهيد أزمة البرد والإهمال..

بقلم: أحمد الدغرني

توفي صباح اليوم، 7 فبراير 2018، المرحوم ابراهيم أخياط، وهو من شخصيات الثقافة والنضال الأمازيغي بالمغرب، ويستحق أن نشرفه بالكتابة، وقد تعرفت عليه في حي باب دكالة بمدينة مراكش سنة 1968، عندما كنت تلميذا في قسم البكالوريا في معهد ابن يوسف، قرب منارة الكتبية المشهورة.

وقد شاركت في مراسيم جنازته اليوم، وتذكرت أنه مرت على تاريخ لقائنا الأول 50 سنة (1968- 2018).

كانت مناسبة اللقاء بالصدفة، هي نشاط ثقافي نظمته جمعية الكوميديا المراكشية للمسرح، التي كان من بين المسرحيين المراكشيين الذين حضروا اللقاء المرحوم مولاي الغالي، المؤلف والممثل المسرحي، وكذلك الممثل المسرحي المرحوم محمد أبو الصواب، الذي كان تلميذا معي في الثانوية، والمرحوم مصطفى القرشاوي، الصحافي والسياسي الاتحادي المعروف بالدار البيضاء، وغير هؤلاء، ممن يمكن أن يكونوا قد حضروا هذه المناسبة.

كان الدور الذي لعبه ابراهيم أخياط، هو عرض أسطوانات الأغاني الأمازيغية لفناني الموسيقى بسوس مثل الحاج بلعيد، ومن ذلك النشاط الموسيقي لفت ابراهيم أخياط نظري، لأن ذلك كان بالنسبة لي أول مرة أدخل فيها إلى مقر جمعية مسرحية وثقافية، استعملت فيها الأغاني الأمازيغية خارج نطاق الأعراس، وتوظيفات الفلكلور، وذكرت هذه الأسماء وهم سبقوا ابراهيم أخياط إلى القبور، لتخفيف آلام الموت، وتسجيل كون هذا الرجل بحضوري، كان منذ 50 سنة يحمل هموم الثقافة الفنية الأمازيغية، وكان منفتحا في علاقاته مع الوسط الثقافي الذي ينشط بالدارجة، ووسائل الإعلام الحزبية، وتكون لديه مبكرا حس بدور الجمعيات المدنية.

توفي ابراهيم أخياط في خضم أزمة البرد القارس والثلوج التي أصابت مناطق المغرب، وكان قبل موته بعدة سنوات قد أصيب بمرض الشلل النصفي، وقاوم المرض بعناد وشجاعة المناضل الذي تدرب على تحمل صعوبات الحياة، إلى أن جاءت نزلة البرد التي حصدت الكثيرين من الضحايا، وأضيف إليهم، ولذلك سميته شهيد أزمة البرد، ليكون البرد والثلج إحدى علامات وقت مفارقته للحياة وهو في حالة مرض الشلل الذي أضيف إليه الإهمال حول حقه في الصحة العامة…

وحضر جنازة ابراهيم أخياط رئيس الحكومة، وشخصيات متنوعة، من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثلين عن بعض الجمعيات المدنية، وكثير من أطر المؤسسات الإدارية، والصحافة التي تشتغل في مجال الأمازيغية، ومجموعات من أُطر النضال الأمازيغي، والتجار، والمهن الحرة، والشباب رجالا ونساء، فأصبح من الواجب أن لا تكون مناسبة وفاته مجرد ظرفية عادية، تمر ويطالها النسيان، خاصة وأننا لم نعلم بأن هذه الشخصية حظيت ببعض الامتيازات التي نسمعها تعطى للبعض، حيث ينقلون إلى المستشفى العسكري أو إلى مستشفى الشيخ زايد أو إلى الخارج… بأوامر استثنائية، لأنه عند بداية إصابته بالمرض مكث بالمصحة الخاصة بالرباط وليس بمستشفى عمومي، لبضعة أيام، وبعد ذلك نقله أهله إلى منزله، ليواجه المرض، في بيته المتواضع، وهنا يجب الثناء على ابنته الطبيبة توف إتري، التي كانت تبذل أقصى الجهود للعناية الطبية بوالدها، وكذلك زوجته التي توفيت قبله ببضعة شهور، وولده ياسين، وهم الذين عانوا مما يمكن تسميته بالإهمال العمومي، وسوء السياسة الصحية مثل غيرهم من أفراد الشعب الذين يواجهون الأزمات الصحية..

مراسيم دفن ابراهيم أخياط تميزت بحمل الشباب في مسيرة توديعه للراية الأمازيغية التي استعملت لأول مرة في تاريخ مقبرة الشهداء بالرباط، وكان له شرف هذا السبق، ليكون موته سببا لترفرف هذه الراية على قبور من مات قبله بدونها، ويؤكد أنه لم يترك فراغا في الدنيا، بعد أن استعملت في كثير من مناطق البلد (جنازة عمر إزم، ومحمد شاشا، ومحمد منيب، ومبارك اولعربي…).

الرباط: 7 فبراير 2018

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *