أعلنتم مؤخرا عن تأسيس “جبهة سياسية أمازيغية” ما هي الدوافع وسياق وأهداف هذه الجبهة؟
هذه مبادرة جماعية تمتح من نضالية مجموعة من فعاليات الحركة الأمازيغية، وليست “دوغما” ولا تنتظم ضمن الإِوَاليات ولا في حدود النهايات، إنها إجابة سياسية نسبية على رهبوت المخاطر التي تزداد حدة ضد الأمازيغية والحركة الأمازيغية معا، بالرغم من دسترتها وتمكينها من ترسانة قانونية مهمة.
نسعى إلى توسيع فضاءات النقاش العام حول المشاركة السياسية المباشرة للحركة الأمازيغية، أو التحول إلى مباشرة العمل السياسي المباشر بآفاقه التنظيمية والمؤسساتية، والغاية الكبرى هي ضمان وتيرة قوية للعمل الأمازيغي داخل المؤسسات، ما من شانه أن يعطي أيضا قوة رمزية ومادية لعموم مكونات الحركة الأمازيغية.
هل يمكن اعتبار خيار الدخول لأحزاب سياسية إدارية قائمة عجز من “الجبهة” في تأسيس وإنشاء أحزاب سياسية بخلفية أمازيغية رغم محاولاتها المتكررة؟ أم هو خيار استراتيجي أني وتكتيك مؤقت؟
انكسارنا في الظفر بحزب سياسي أمازيغي، من بعض انكسارات الأمازيغ على مر التاريخ. فما أشبه انكسار سنة 2008، التي أرَّخت لحل وإبطال الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، بجراحات سنة 1212 في معركة العقاب بالأندلس التي أرخت لانهزام الموحدين. تاريخ العمل الأمازيغي تاريخ يرفل في الأزمة ..ولا يكاد يُمَكَّنُ له من القوة أو السلطة حتى يرتكس ويعود للتواري.
هذه مقدمة لا مندوحة منها لفهم محاولاتنا لبناء تنظيم سياسي يجمع الأمازيغ، فأمر الفشل في تلكم المحاولات مضمخ “بالذاتي والموضوعي” في آن، بَيْد أن “الذاتي” يرخي بظلاله الثقيلة على ذات الفشل.
أما خيار الدخول لأحزاب سياسية قائمة، فليس خيارنا البتة، بل الأجدر القول أن سوق الأحزاب في مسيس الحاجة إلى الحركة الأمازيغية التي تعاني من احتباس ايديولوجي وشرعي لن تجده إلا في الأمازيغية كبديل لأفقها.
هل تعتقدون أن الفعل السياسي من داخل الأحزاب القائمة أولوية بالنسبة للحركة الأمازيغية؟ وهل تظنون فعلا بأن العمل الجمعوي والثقافي والترافعي استنفذ مهامه؟
بدل الحديث عن أولويات الحركة الأمازيغية، الأجدر الحديث عن “مهام الحركة الأمازيغية”، لأن “الأولويات” إحالة مباشرة على التدبيري والإجرائي فيما “المهام” إحالة على الفعل المُسَتْرَج المتكئ على رؤية.
فمن هذا الباب، أقول بمسألة الفعل السياسي للحركة الأمازيغية المحايث للفعل المدني، ضمن نسق تعمل عناصره وظيفيا باعتماد بعضها على البعض، بالضبط كما نظر لهذا الأمر تارلكوت بارسونز.
بِمُكْنَة اعتماد النسق البارسونزي في العمل الأمازيغي أن نضمن بقاءه وتطوره وتفاعله، وربح الممكنات التي يمنحها البديل السياسي المُشْرَعِ أفقيا وعموديا على التراكم المدني.
هل يمكن اعتبار كل هذه التجارب امتداد للحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي كنت منسقا له؟
لقراءة هذه التجربة مرفوعة إلى أُسّ الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، لابد من توافر المسافة الضرورية -اللازمة في عرف النقد، وهو الأمر الغير المتوفر بالنظر لحداثة تجربة الجبهة من جهة، وللارتدادات التي لم تتوقف بعد من كاتاكليزم حل وإبطال الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي.
أنا أميل إلى نظرية القطيعة كما نحتها باشلار مواجها ما يرسون ودعاة الاستمرارية الذين يرون أن العقل الإنساني يظل هو ذاته عبر كل مراحل تاريخ الفكر. فبالرغم من ارتباطي النوستالجي بمرحلة الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي ولعلاقتي الوثيقة بأمغار أحمد الدغيرني، فلا أقول أبدا بأن البنية الأمازيغية بنية استمرار وليس قطيعة، بل أتأبط رؤية ليون برانشفيك، ومقتنع بالتالي بأن التاريخ يمثل تطورا مستمرا للشعور ويقضي نحو تفتح هائل للعقل، وأن التاريخ ذاته يكشف النقاب عن الديناميكي الذي لا تتوقف حركته أبدا.
لتكن تجربة الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي تَكِئَةً للتفكيك والبناء بكل ما تحمله من آلامِ القطائع، ولا سبيل إلى الارتكان إلى الاستمرارية وما تحمله من لواعج..
حاوره/ منتصر إثري