ابنة بويافر الريفية كوثر بوشليخت: كلما ازدادت ثقة الانسان بنفسه، كان الطريق لتحقيق أهدافه ممهداً

“ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻗﻮﻥ ﻛﺄﻧﻨﺎ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ”…

وأنت تجول في أروقة واقعنا الرمادي هنا، يأسرك بعضا من نورٍ منبعث من سراج خافت، ليزيل بعضًا من العتمة في حاضرنا …

ابنة بويافر الريفية كوثر بوشليخت.. مسيرةً عطرةً مهما اختلف عليها البعض …

لا يهمني من هي هذه الشخصية وبغض النظر عن انتماءاتها السياسية أو الفكرية، فالأهم من كل هذا، قوة صفعة مدوية هدمت كبرياء من يعتقد أنه “اعتى” قوة مضادة لتواجدنا هنا بل ولوجودنا اصلا… الزعيم الورقي “فيلدرز”… والأذكى من كل هذا وذاك ان هذه الصفعة في وجه ” الزعيم” أتته من حيث لا يدري في فترته العصيبة… اللصفعة المؤلمة اليوم أتته بشكل ديمقراطي، من رحم الانتخابات…

وما يزيد من قوة الصفعة، رسالتها الواضحة بأننا “ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻗﻮﻥ ﻛﺄﻧﻨﺎ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ” على حد قول الراحل محمود درويش.

شابة، لم تمنعها الظروف الصعبة ولا كل المعوقات التي صاحبت مسيرتها من الامتداد إلى ردهات السياسة ومجالس القرار، لتفوز بمقعد برلماني في الانتخابات البرلمانية الهولندية.

شابة تحمل همومها واحلامها وبعضا من احلامنا وهمومنا في قلبها وتعلي راية النسوية حيث ما مرّت، شابة تحدّت كل الظروف وكل الصعاب وكل الاتهامات دون أن تتخلى عن فلسفتها القائمة على تغيير الواقع وإصلاح مايمكن اصلاحه.

شابة طموحة تتحلى بالثقة بالنفس آمنت بنفسها، رسمت حلمها بكل ثقة، وسعت لتحقيقه.. مؤمنة انه كلما ازدادت ثقة الانسان بنفسه ازداد نجاحه وكان الطريق لتحقيق أهدافه ممهداً.. وانه عندما ترتبط الثقة بالنفس بالطموح والإرادة، لا بد أن تصل بصاحبها لتحقيق ما يداعب خياله من أحلام، وما يصبو إليه من أهداف.

انخرطت اجتماعيا في مرحلة مبكرة في الهياكل الجمعياتية خاصة المتعلقة منها بمجال البيئة وازدادت تعبئتها ومرئيتها اتّساعا خلال السنوات الاخيرة بولوجها عالم السياسة..

في ذهنها كان تمثيلها في هياكل اتخاذ القرار هو المأمول لتمكينها من التأثير المباشر في تطور السياسات.. وهو الامر الذي اشتغلت عليه وبات يؤتى اليوم ثماره.. نجحت في الظفر بمقعد في البرلمان .. لتكون بذلك أول مرتدية حجاب تدخل البرلمان الهولندي..

“كوثر بوشليخت الشابة الهولندية المسلمة ذات الأصول المغربية تفوز بمقعد برلماني في الانتخابات البرلمانية الهولندية “، الجملة التي اصبحت تتصدر عناوين الصحف والاخبار .. كما اسمها كذلك، بداية بعد ضمها مؤخرا من طرف حزب اليسار الأخضر لقائمته في الانتخابات البرلمانية.. وبعده بعد فوزها بمقعد برلماني في الانتخابات البرلمانية عن نفس الحزب.

صدارة في العناوين لم تخلو من غضب مدفون، واول الغاضبين -طبعا- اليمين المتطرف بزعامة ‘خيرت فيلدرز’ الذي أغضبه إعلان فوز كوثر .. بل وغرد “الزعيم” مباشرة على الحدث “يوم أسود لهولندا”… معتبرا فوز “كوثر بوشليخت” كأول سياسية شابة من أصل مغربي محجبة تفوز بمقعد في البرلمان الهولندي. يوما أسودا !!

لم تتوقف الاتهامات.. إتهام تلو اتهام بدون تمحيص، ومن غير توقف ولا تبيين، او شرح أو تبيان…

ولم تكن هذه هي المرة الأولى ولا الاخيرة التي تعرضت فيها كوثر بوشليخت لمثل هذه المضايقات فبعد فترة وجيزة من تقديم حزبها ( اليسار الاخضر ) لقائمة المرشحين ، تعرضت الفتاة البالغة من العمر 27 عامًا لانتقادات بسبب منصبها في مجلس إدارة منظمة الشباب الإسلامية (المسلمين الأخضر ).(Groene Muslim Foundation) التي تترأسها وقالو ان لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين… وهي في الاصل منظمة تنشط في مجال البيئة و ترى أن أزمة المناخ تزيد من عدم المساواة… وهي جمعية هولندية تهتم بقضايا الاستدامةِ.. “القرآن والرسول يخبراننا منذ 1400 سنة عما تعنيه الاستدامة في حياتنا اليومية. وهو ما نسعى إلى تطبيقه باستمرار”.. . تقول كوثر بوشليخت..

واتهامها بانها تنتمي للاخوان المسلمين لم يكن فقط لتشويه صورتها بل كان ذلك للضغط حزب اليسار الأخضر لسحب ترشيحها.. فبعد ترشيحها في قائمة الحزب تلقى الحزب والفتاة سيلا من النقد المرتبط بخلفية الفتاة دينيا، لكن الحزب وقف إلى جانبها ببيان من رئيسه شخصيا .

كوثر ‬وقفت في‮ ‬وجه رياح اليمين المتطرف،‮ فرضت نفسها وكذلك تحدَّت هبوب عواصف النظرة السلبية للمهاجر…‬‬‬‬

تشكل فعلا عنصرا نشيطا في الساحة السياسية رغم صغر سنها ورغم كل الافكار المسبقة والعراقيل المختلفة التي طبعت مسيرتها.. وتشكل ردا عمليا وقويا على كل من سولت وتسول له نفسه الإساءة إلى الاقليات هنا، ومنها طبعا الأقلية المغربية….

مزيدا من التألق والعطاء والتجديد‮ والنجاح الدائم…‬‬

محمد بوتخريط . هولندا