اجماع يزيد من وجع ديمقراطيتنا الناشئة

عبدالله بادو

تنضاف واقعة تمرير مشروع قانون 04.20 الخاص ببطاقة التعريف الوطنية الى مجموعة من الوقائع ، المخيبة للامال طبعا،والتي بالمناسبة ترجعنا الى أساليب حكم نظن انها كانت بائدة منذ عقود، كما اننا اعتقدنا ان الدولة تملك رغبة وارادة للمضي قدما نحو تعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان من مداخل متعددة منها الاصلاح الدستوري والتشريعي، واحداث اليات ومؤسسات تعنى بمجال الحكامة وحقوق الانسان والشفافية (CNDH HACA، ICPC.،CNDP…الخ).

للاسف الواقعة اؤكد بعدنا عن بلوغ مستوى مقبول على صعيد ارساء الحكامة الجيدة والرشيدة وترصيد المضامين الحقوقية المكرسة بموجب دستور 2011.
ما يقع اليوم الى جانب ما راكمته الحكومات المتعاقبة على تدبير الشان العمومي منذ حراك 2011 الى يومنا هذا انقلاب وتنصل والتفاف الدولة من التزامتها لما بعد 2011، كما أنها في نظري تعصف بالمكتسبات الهشة التي تحققت على مدى العقدين الاخيرين، والتي دفع المغاربة ثمنا كبيرا وغاليا لتحقيقها.

اننا اليوم نعيش لحظات ممزوجة بتجرع مرراة الوهن والضعف الذي تعيشه مؤسساتنا السياسية والحزبية، وعدم قدرتها على المواجهة والتصدي للمخططات التي تستهدف فقط مصالحها الضيقة ولكن ستنسف كل التراكمات التي حققت خلال العقود الاخيرة وتعيدنا الى نقطة الصفر من مسار دمقرطة البلاد التب على ما يبدو لازالت تراوح مكانها، وان عوامل المقاومة لاي تغيير تنتصر في الاخير للنكوص والتراجعات ولا ترضخ لاي ضغط ولا تحترم اي تعاقدات مع كل الفاعلين السياسيين والمدنيين على حد سواء.

انها سياسة مقيتة لتكميم الافواه والتحكم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسياسية على حد سواء، وتفضح وجود اليات للتحكم خارج طوع رئيس الحكومة ولا تخضع لارادىة الاحزاب السياسية. فاللجوء الى تكمييم الافواه والضغط على اللجنة لتمرير مشروع القانون رغم عدم دستوريته وتعارضه مع الخطوات التي خطتها الدولة المغربية في مجال النهوض باللغة والثقافة الامازيغية من جهة، ودعم المؤسسات الحزبية.

لتحضي بثقة المواطنين والمواطنات والامر الذي يبدو اليوم بعيد المنال، لان اكراه الاحزاب على التصويت على مشروع عبر العديد من قيادييها ومسؤوليها عن رفضهم للمشروع لانه لا يساير ولا بيخدم الغايات الدستورية المتعلقة بفتنح اوراش تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية. كما ان هذا السلوك سينضاف الى مناورات الحكومة والمؤسسات على مدى ما يناهز عقد من الزمن لتعطيل اصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية.

هكذا سلوك يذكرنا بالكثير من الانظمة الديداكتورية والرافضة للفكر الديمقراطية ومنهجية العمل السياسي المسؤول على اعتماد استراتيجية تحقيق الاجماع بخصوص القضايا السياسية الخلافية لوأد اي اختلاف قد ينشأ بين الفرقاء السياسيين، فتلجم بذلك كل طموح لارساء ارضية للنقاش العمومي وتضمن مشاركة المواطنين والمواطنات عبر مؤسساتهم الحزبية والمدنية في وضع واعداد السياسات العمومية بشكل عام.

ان تعمل لجنة الداخلية والجماعات الترابية وسياسة المدينة والسكنى على تمرير مشروع القانون والتصويت عليه دون حتى التداول بخصوص مضامينه خاصة احترام ادراج الامازيغية في بطاقة التعريف الوطنية واحترام حماية المعلومات الشخصية للمواطنين/ات، يؤكد ان الاحزاب لم تعد قادرة على مواجهة تسلط ام الوزارات، كما أن عملية تقليم أظافرها على ما يبدو لم تكن موفقة منذ ابعاد البصري الى يومنا هذا؛ حيث يتأكد يوما بعد يوم أنها استرجعت هيمنتها على كل القطاعات ، خاصة في فترة قانون الطوارئ، حيث على ملا لاحظناه ورصدناه من سطوة الداخلية على تدبير كل العمليات وتغييب شبه تام لباقي الفاعلين والمتدخلين، ما يرسخ لدينا ان كل المحاولات التي عرفها المغرب خلال العقدين الاخيرين لم تفلح في تخفيف هيمنة وتسلط هذه الوزارة على باقي الوزارات، والا كيف نفسر ان الوزارة لم تستشر الفاعلين الحكوميين قبل طرح المشروع للنقاش ووضعتهم امام الامر الواقع وصادقو في المجلس الحكومي على المشروع دون تعديله او تسجيل ملاحظات عليه، لتتم بعد ذلك احالته على البرلمان كمشروع وادرج في لجنة الداخلية والجماعات الترابية وسياسية المدين والسكنى، حيث تسابق البرلمانين من مختلف الاحزاب الى التصريح برفضهم للمشروع قبل ان يقوموا اليوم بالتصويت عليه بالاجماع موالاة ومعارضة دون ان يقدموا ولو سببا ووجيها لقبولهم للتصويت رغم عدم قبولهم بمضامينهم؟؟

الواقعة نستقي منها خلاصة مريرة وواقع أمر هو كون حكومتنا خارج السياق وفي حالة شرود كبير، تصفق للشيء وضده في الان ذاته دون ان تشعر بالخجل والحرج من سلوكاتها. ما بفسر لنا ما نعايشه من قلة حيلة رئيس الحكومة أمام وزراء حكومته وشرودهم الدائم، كما نفهم ونستوعب سبب وهنه وعزلته من جهة، وضعف تملكه هو ووزارائه للعديد من القرارت والاجراءات التي تشرف عليها بعض الوزارات القوية خاصة الداخلية والخارجية…

الظاهر اننا في حاجة الى نقاش رصين وجدي لاعادة النظر في ماسسة الدولة وتوزيع السلط بشكل يوضح المسؤوليات وييسر عملية المساءلة المؤسساتية لكل الفاعلين.

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *