تعرف عدد من مدن الريف احتجاجات مستمرة منذ مساء أمس، الأربعاء 16 مارس 2016، الذي عرف واحدة من أعنف الهزات التي ضربت المنطقة منذ بدايتها في 25 يناير الماضي، إذ مباشرة بعد هزة يوم أمس التي خلفت هلعا كبيرا وسط المواطنين وتسببت في العديد من الإغماءات في مختلف المدارس العمومية، فضلا عن تسببها في تشققات كبيرة في البنايات، خرج المئات من المواطنين الريفيين إلى الشوارع احتجاجا على سياسة اللامبالاة التي تنهجها الدولة في ظل تفاقم مخاطر الزلزال، التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا لحياة ساكنة الريف.
فقد عرفت قبيلة تمسمان مساء أمس، خروج العشرات من المحتجين من ساكنة وتلاميذ رفقة معلميهم، في اتجاه مقر جماعة كرونة تنديدا بسياسة الآذان الصماء التي تنهجها السلطات المعنية تجاه مطالب الساكنة بتوفير معدات وقائية من خطر الزلازل، وفي الليل خرج عدد من ساكنة مدينة ميضار إلى الشوارع تنديدا بالسياسة التي تتعاطى بها الدولة في ظل الخطر الحقيقي الذي يهدد الريف، عن طريقة طبيعة الإعدادات غير الوقائية التي أقبلت عليها سلطات الوقاية المدنية، والمتمثلة في معدات لإخراج الجثث وتكفينها (مطارق، ثاقب كهربائي، كلاب مدربة، وأكفان..) إجراءات وصفت أنها تزيد من نشر الرعب في أوساط الساكنة، فيما عرف صباح اليوم مسيرة حاشدة لتلاميذ ثانوية الأمل بميضار احتجاجا على لامبالاة السلطات المحلية بما فيها “إدارة المؤسسة” التي تكتفي بمراقبة الأمور في جو يخيم عليه الخوف والهلع من هزات عنيفة محتملة.
وتستمر احتجاجات ساكنة الريف، إذ يخرج في هذه الأثناء المئات من المتظاهرين بكل من مدن إمزورن وبنطيب، وميضار والدريوش وتمسمان، في خطوات تصعيدية، مطالبين الدولة باحترام مواطني الريف وتوفير معدات السلامة لهم، على غرار ما هو معمول به في جميع الدول التي يصيبها الزلزال، وفي هذا الصدد قال الناشط المدني خميس بوتكمنت في تصرح خص به “العالم الأمازيغي” أن الظرفية تستوجب تدخلا فوريا من طرف الدولة للقيام بخطوات استباقية من شأنها تجنيب الريفيين مأساة حقيقية، إلا أن الدولة يضيف بوتكمنت “لا تزال تنهج سياسة الآذان الصماء بتجاهلها لحجم الفاجعة مكرسة بذلك نظرتها الدونية تجاه الريف وأبناءه واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية”، مؤكدا “لم يتم تسجيل أي تحرك رسمي لرصد حجم الخسائر ولا تكليف أي لجنة للقيام بخطوات استعجالية كإخلاء البنايات الآيلة للسقوط وإخلاء المؤسسات التعليمية إلى حين التأكد من كونها تستوفي شروط السلامة للمتعلمين”.
وأكد خميس بوتكمانت أنه “أمام هذا الصمت الرسمي وإعطاء أهمية لقضايا هامشية زاد اليأس والإحباط الجماهيريين فأفرزا خروج السكان إلى الشوارع منددين بتجاهل الدولة لهم متهمين إياها بالقصور واللامبالاة وانتظارها لحدوث فاجعة حتى تحرك أجهزتها كالعادة”، وقال خميس أن رقعة الاحتجاجات تزداد يوما بعد يوم وتشمل جميع مدن وبلدات الريف، “احتجاجات يطالب من خلالها الريفيون الدولة إما بتحريك الميكانيزمات المعمول بها في ظرفية الكوارث ووضع جميع مصالحها في حالة تأهب وإما باعتراف صريح بعدم كمالية شروط مواطنتهم التي لا تأخذ بعين الاعتبار إلا في الحسابات الانتخابية والمالية الضرائبية”.
وقال بوتكمنت أن المحتجين طالبوا أيضا بإيفاد لجن لتقييم حجم الكارثة وإنشاء مناطق إيواء مؤقتة وتوزيع الخيام وإرسال بعثات طبية لتقديم استشارات طبية ونفسية للسكان الذين يعيشون حالات نفسية متدهورة جراء الهلع والرعب الدائمين، “بدل هذه الحالة المعاشة التي لا يمكن وصفها إلا بحالة غياب تام للدولة و تخلي تام عن ملايين المواطنين الذين ينتظرون الموت و الفاجعة في أية لحظة وسط صمت رسمي مشجوب ومغيب حتى في المؤسسة الإعلامية الرسمية.
كمال الوسطاني