استقلالية الحركة الأمازيغية في مهب الريح الحزبية

بقلم: سعيد الفرواح
بقلم: سعيد الفرواح

في الماضي كانت إطارات الحركة الأمازيغية تتهم كل الأحزاب المغربية بمعاداة الأمازيغية والأمازيغ، وحرصت على أن تدبج قوانينها الأساسية بعبارة أنها إطارات غير حكومية مستقلة عن الدولة والأحزاب، ولكن هل حقا كانت ولا زالت تلك الإطارات كذلك؟

إن غالبية قواعد الحركة الأمازيغية لم تكن منخرطة في أية جماعة أو حزب قبل أن تنخرط في صفوف العمل النضالي الأمازيغي، الذي وصل أوجه في فترة من الفترات إلى درجة أن بعض المحللين ذهبوا إلى القول بأن مستقبل الساحة السياسية بالمغرب سيشهد بروز قوتين هما الحركة الأمازيغية والحركة الإسلامية، وإن صدق الأمر بالنسبة للحركة الإسلامية التي لا زالت تملك في جعبتها الكثير من الجماعات والتنظيمات التي لم تنخرط بعد في اللعبة السياسية، كما هو الشأن بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، فإن ذلك الإستنتاج كان خاطئا إلى حدود اللحظة بالنسبة للحركة الأمازيغية.

والسبب هو أن تلك الحركة لم تكن مستقلة بدرجة كبيرة عن الأحزاب المغربية لكي تتمكن من تطوير نفسها تنظيميا ومن ناحية الخطاب، فالمنخرطون والمرتبطون بالأحزاب المغربية المنتمون للحركة الأمازيغية حرصوا على الدوام على تقزيم خطاب الحركة وحالوا دون تطوره إلى خطاب قومي، ودون تطوير الأمازيغ لآليات اشتغالهم وطبيعة تنظيماتهم، ولعل خروج فاعل أمازيغي معروف سنة 2005 ليصرح على الصفحات الأولى للجرائد المغربية بأن الذين سيؤسسون حزبا أمازيغيا لا ينتمون للحركة الأمازيغية، وهاجم الحزب الديمقراطي الأمازيغي هو وغيره سرا وعلانية، لدرجة إصدار فتاوي تكفير واعتبار العمل السياسي الأمازيغي المستقل خيانة، ما يظهر أن الأمازيغ المنتمين للأحزاب والمرتبطين بها كانوا سببا في إفشال العمل السياسي الأمازيغي المستقل.

ونتيجة عمل هؤلاء الدؤوب بدأنا نلمسها في الإنتخابات الحالية إذ أن عددا كبيرا من الفاعلين الأمازيغ التحقوا بأحزاب مغربية، بسبب افتقار الحركة الأمازيغية لتنظيم سياسي وإفشال كل المحاولات من أجل ذلك، من قبل طابور خامس وجد لنفسه مكانا في الحركة الأمازيغية بعد أن قدم من صفوف أحزاب أخرى، ويوما بعد يوم يقزم القضية الأمازيغية ويسفه مبادراتها وفاعليها، لدرجة أن الحركة الأمازيغية بدأت شيئا فشيئا تتحول لحركة على هامش أحزاب معينة تتصارع لتستقطب ما يمكن استقطابه من أعضائها وأطرها الفاعلين، وأما القواعد الشابة الجديدة فتبقى تائهة على صفحات الفيسبوك أو تصرخ بالإحتجاج في الشارع الذي لا يخرج بدوره عن توجيه غير مباشر لمرتبطين بالأحزاب الذي كانوا السبب في فشل الكثير من المبادرات الأمازيغية، وما هو أدهى وأمر أن أنشطة كثيرة تحت عنوان الأمازيغية حاليا ينظمها فاعلون حزبيون بل ويأخدون الدعم من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أكثر أحيانا من إطارات أمازيغية فاعلة، وأنشطة أخرى ينظمها الفاعلين الأمازيغ يجلس فيها متحزبون في الصفوف الأمامية ويحركون أشغالها من الكواليس، وكل ذلك لا يثير أحدا.

إن الحركة الأمازيغية تشهد نزيفا نحو الأحزاب يهدد وجودها، وكثير من أنشطتها ومبادراتها أفشلها أو حول مسارها منتمون ومرتبطون بالأحزاب لهذا ظلت تراوح مكانها بلا نتيجة، واليوم بسبب غياب تنظيمات أمازيغية قوية وغياب أي أفق للعمل السياسي الأمازيغي المستقل يلتحق فاعلين أمازيغ جدد بالأحزاب، وهو ما يضعف الحركة الأمازيغية، لدى فلدى الفاعلين الأمازيغ جميعا خيارات محددة قبل أن يجدوا أنفسهم مشتتين بين الأحزاب، ومن ضمنها أن يعملوا على إعادة الإعتبار لاستقلالية الحركة الأمازيغية التي لا تعني القطيعة مع أحد، ويعملوا بجد أكثر على تقوية تنظيماتهم وتطويرها لدرجة تأسيس أحزاب، ويرتقوا بخطابهم نحو خطاب قومي شامل يعتبر القضية الأمازيغية قضية شعب مضطهد على غرار الأكراد، لأنه وللأسف فتدخل عدد من الأحزاب المغربية وفرضها لنفوذها وتأثيرها على العمل الأمازيغي كبير لدرجة أن الحديث عنها جميعا يحتاج لكتاب كامل، واختصار طرق وإستراتيجية كل حزب لاختراق الحركة الأمازيغية في مقال قد لا يكون كافيا، وما يحتاجه إليه الأمر هو أن يعيد الأمازيغ فتح نقاش المرجعية والخطاب والتنظيم، قبل أن يجدوا أنفسهم يزايدون على بعضهم البعض بالإنتماء لحركة واحدة ولكن بمرجعيات مختلفة وخطابات متناقضة وانتماءات وارتباطات حزبية متعددة، يكون الخاسر فيها شعبهم وقضيتهم.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *