استقلال القبايل والدبلوماسية المخزنية

بقلم: أحمد الدغرني
بقلم: أحمد الدغرني

انطلق نقاش سطحي حول قضية لا تحتمل سوى النقاش في العمق ،الا وهي قضية مشروع انفصال القبايل Les Kabyles  عن دولة الجزاير وترتبط القضية منهجيا بثلاث مشاريع أخرى معروفة هي:

(الجمهورية العربًية الصحراوية) انفصال عن المغرب.
(جمهورية أزاواض)Azawadh  انفصال عن مالي.
جمهورية القبايل (انفصال عن الجزاير) وهناك مشاريع ثلاثة أخري قابلة للاعتبار هي الريف بالمغرب ومزاب في الجزاير ومنطقة السود في موريتانيا.
بمناسبة مبادرة المخزن المغربي إلي استعمال مشروع انفصال القبايل عن دولة الجزاير كمقابل لاستعمال الجزاير لانفصال دولة الصحراء الغربية عن المغرب، تبدأ مرحلة سياسية جديدة في شمال إفريقيا والساحل تتميز بمظهرين:

١-  تراجع الأنظمة الحاكمة عن أحلام الوحدة الترابية الموروثة عن الإستقلالات عن فرنسا وإسبانيا.

٢- الشروع في قبول بعض أشكال الانفصال عن دولة الاستقلال (عندما تقبل الجزاير استقلال الصحرا، وقبل المغرب استقلال القبايل)، نصبح أمام قبول رسمي متبادل للإنفصالات، ليخرج كل طرف بحظه من الانفصال، ونجري مقارنة بين المشاريع الثلاثة الأولى التي ذكرناها أعلاه كما يلي:
ا- المغرب والجزاير متفقتان ومتعاونتان ضد دولة أزاواض وذلك تبعا لفرنسا ومصالحها مع النظامين معا.
٢الموقف السياسي للجزائر والمغرب حول الصحرا والقبايل ليس مبدئيا، بل هو فقط كوسيلة لضغط نظامي الحكم علي بعضهما من أجل أن يصلا معا إلي اتفاق مشترك ضد القبائل والصحراويين والأزاواضيين والناس جميعا، وهو اتفاق استحال تحقيقه منذ سنة 1975.
٣فرنسا ترفض استعمال قواتها العسكرية في الصحرا والقبايل لأنها تستفيد من الخلاف بين المغرب والجزاير ومصالحها العليا مركزة في مالي وموريتانيا ونعني المناجم واليورانيوم والغاز…..ولو كانت جمهورية البوليساريو لها مطالب ترابية في مالي أوموريتانيا لتجند لها الجيش الفرنسي وسحقها.
٤مشروع استقلال أزاواض والقبايل مبني علي حقوق الأمازيغ وكل من النظامين الحاكمين يقمع الأمازيغ بالداخل ويريد استعمالهم فقط خارجيا كورقة ضغط.
٥الديبلوماسية المخزنية سوف تتورط في الصراع مع القوميين العرب والإسلاميين المتطرفين ضد الأمازيغ، لأنهم لن يسمحوا بقيام دولة أمازيغية في شمال إفريقيا ولو على حساب الجزاير، وسيدعمون أيديولوجيتهم بالأسلحة والدمار كما يفعلون في الشرق الأوسط، لأنهم في خطابهم العقائدي يعتبرونهم أداة تمزيق “الوطن العربي” المزعوم، وسيبقي البوليساريو أداة لهم باعتباره يؤسس جمهورية “عربية”، لكن يمكن أن تتغير كل سياسات العروبة الحاكمة لو راجعت البوليساريو خطتها بحذف كلمة “العربية” من اسم جمهوريتها لاستقطاب الأمازيغ الذين يعانون من الميز العنصري.
٥المغرب والجزاير لديهما قبائل أمازيغية لها امتداد داخل البلدين معا مثل بني يزناسن وايت خباش، وقبائل صحراوية ناطقة بالأمازيغية مثل أيت باعمران. وايت أوسا وتكنة..، وهم أولى باستعمال ديبلوماسية القرابة العائلية والتفاهم اللغوي لمواجهة الجمهورية العربية التي يدعمها حكام الجزاير وستكون بيدها فرص المستقبل.
٦الموقف الديبلوماسي المعتمد علي استعمال الأمازيغ لفض نزاع الصحرا تخلف عنه المخزن لمدة طويلة منذ سنة 1975إلى 2015 وكنا كمواطنين نطالب باستعماله، وشرحت شخصيا تفاصيله في كتاب البديل الأمازيغي منذ سنة 2006، وكان القمع والمنع هو جواب المسيطرين علي الديبلوماسية المغربية وهو مشروع مسروق منا، ولكنه محفوظ في التاريخ، ونحن أول من اخترع مصطلح الحل الأمازيغي لمشكلة الصحرا وعرضناه على الرأي العام ولم يكن مبنيا على خطة دعم الانقسامات بل كان وحدويا.

٧مشروع الحل الأمازيغي لمشكلة الصحرا لن يتم بغياب ثلاث شروط أساسية:

ا- كونه مشروعا متكاملا لا يمكن اعتماده على المناورة الوحيدة المعتمدة على استعمال استقلال القبايل, ونعني أن الحل مرتبط بتبني موقف شمولي تجاه تلبية مطالب الأمازيغ ككل يشمل ليبيا وتونس وموريتانيا وبقية دول الساحل؛ فالإطاحة بدولة الطوارق بجيش الدولتين في أزاواض أعلنه المغرب وفرنسا والجزاير رسميا ولم ينته الصراع بين الطوارق ودولة مالي حتى اليوم وسيزداد قوة بعد تورط المغرب في مشروع استقلال القبايل.
ب- طرح واضح لمشكلة هوية دولة الجزاير والمغرب وتونس وموريتانيا حول عروبة أنظمة الحكم باعتبار البوليساريو صريحة تجاه بناءها للانفصال على عروبة الجمهورية الصحراوية، وموريتانيا التي تلعب من الخلف صريحة في كونها جمهورية إسلامية، وأمازيغ ليبيا يموتون بسلاح العروبة والأصولية…وفي تونس يموتون بالتهميش وبدستور العروبة وفي المغرب تعتبرهم الدولة عرقاethnie  وتواجههم بالمنع والقمع….
ج-الإعتماد على الأمازيغ أنفسهم كشخصيات ومنظمات وقبائل وحركات وجمعيات وليس فقط الإعتماد على البيروقراطية المخزنية التي لم تحل مشكل الصحرا منذسنة 1975.
وقد أسند المخزن المغربي رئاسة جهات المغرب إلى أعوانه نتيجة الانتخابات المصطنعة في 4 شتنبر 2015، كتمهيد لاستخدام ورقة القبايل ضد الجزاير ضانا أنه سوف لن تستعمل الجزاير ورقة الأمازيغ في مختلف الجهات المغربية وهي خطة غير مضمونة العواقب، لأنها ستفتح الباب لتجديد المطالَب الانفصالية في كل مكان، لينتقل شمال إفريقيا إلى حالة اليمن أو سوريا، ومن هذه الخطة تشتيت جهة الريف لمحو خريطة دولة محمد بن عبدالكريم الخطابي ومحو كلمة “الريف” من قوانين الجهات في المغرب بعد سنة2011، وعلى كل حال فإن الرهان السياسي بعد تغييرات أنظمة شمال إفريقيا بعد سنة 2011، سوف يكون هو تحويل الأمازيغية إلى ورقة ديبلوماسية وإستراتيجية يستعملها كل من يريد، وهو تطور متقدم بعد أن كان بعض الناس يظنون أن الأمازيغ لا دور لهم في التاريخ الحالي.

شاهد أيضاً

سيدي وساي: تأويلات ممكنة لتاريخ مشهد ساحلي مشهور (الجزء الخامس والأخير)

– الضروف العامة لقيام ثورة بوحلايس أول ملاحظة نريد تسجيلها فيما يتعلق بثروة بوحلايس، انها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *