رغم صدور القانون المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، في 26 سبتمبر 2019، ودخل حيز التنفيذ بعد أن صدر في العدد 6816 بالجريدة الرسمية، إلا أن الحديث بالأمازيغية داخل قبة البرلمان، لا يزال يثير الجدل والمنع، ويعيد النقاش إلى نقطة الصفر.
وأثار حديث النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، أحمد صدقي، بالأمازيغية خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب، أمس الاثنين 25 نونبر، جدلا كبيرا وسط البرلمان، بعد تدخل رئيس “الفريق الحركي” بمجلس النواب، محمد مبدع والمطالبة بترجمة مداخلة زميله في الأغلبية الحكومية بالأمازيغية إلى العربية.
واعترض مُبديع وهو رئيس فريق حزب “الحركة الشعبية” بمجلس النواب، والوزير المنتدب السابق لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، على مداخلة صدقي بالأمازيغية، والتي تحدث فيها هذا الأخير حول موضوع يتعلق بالتفاوتات المجالية وضعف التنمية ببعض المناطق القروية.
وطالب مُبدع بنقطة نظام من رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي ليقوم بتعقيب على مداخلة زميله بالقول :” هنيئا لنا لأننا نتحدث بلغة رسمية ثانية، ولكن نحن لم نفهم، ونريد أن نفهم ونتابع ما يقوله الأخ”. وزاد:”نحن لا نعرف الشلحة ولا الأمازيغية، من حقه أن يتحدث بها، ويجب أن تكون هناك ترجمة فورية، ولكن يجب اتخاذ التدابير اللازمة حتى يمكن للإخوان الذين يريدون التكلم بالأمازيغية أن يتحدثوا بها”. ممّا خلق جدلا كبيرا وسط البرلمان، بعد أن اعترض مجموعة من البرلمانيين على طلب رئيس الفريق الحركي، في الوقت الذي سانده آخرون.
ورغم أن رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي أكد لـ”مبدع” بأن النائب صدقي سيترجم ما قاله باللغة الرسمية الأمازيغية، إلا أن الجدل استمر داخل غرفة البرلمان، وامتد النقاش إلى خارج غرفة مساءلة رئيس الحكومة.
إذ عبّرت فعاليات أمازيغية عن استغرابها من موقف رئيس فريق الحركة الشعبية الذي يصنف نفسه في خانة “الحزب المدافع عن الأمازيغية منذ تأسيسه”، وهو”الحزب” الذي طالب مرارا في السابق بالإسراع في تفعيل رسمية الأمازيغية بعد ترسيمها في الدستور لسنة 2011، و”بعد الحديث بالأمازيغية اعترض عليها في مشهد سوريالي وبهلواني نعيشه في واقعنا الحزبي والسياسي ” يقول عدد من المعلقين على موقف مبدع.
ووصف نشطاء أمازيغ، موقف مبدع بـ”الموقف الشّاذ والخارج عن السياق التاريخي والسياسي ويشكل مساسا مباشرا بترسيم الأمازيغية وما جاء في فصول القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل رسمية الأمازيغية”، مطالبين بتوضيحات من “حزب الحركة الشعبية” حول ما صدر عن رئيس فريقه بمجلس النواب.
يذكر أن مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، جرى التداول فيه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 26 سبتمبر2016، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وأودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 30 سبتمبر 2016، ولم يشرع في التداول فيه من قبل هذا المجلس، إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه، في قراءة أولى، بالإجماع، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 10 يونيو 2019، وبعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، وأدخل تعديلات على بعض مواده، ووافق عليه بالأغلبية، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 23 يوليو 2019، ثم صادق عليه مجلس النواب نهائيا، في قراءة ثانية، بإجماع أعضائه الحاضرين، في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 26 يوليوز 2019″.
وأقرت المحكمة الدستورية مطلع شهر شتنبر الماضي في دستورية القانون التنظيمي، وفق اختصاصها للبت في دستورية القوانين حسب الفصل 132 من الدستور، بأن مواد القانون التنظيمي مطابقة للدستور، حيث أمرت بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره بالجريدة الرسمية، من أجل بداية تفعيله.
ويهدف القانون التنظيمي رقم 26.16 إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف المجالات العامة ذات الأولوية، من خلال مقتضيات تمحورت حول المبادئ العامة المؤطرة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإدماجها في مجال التعليم، وفي مجال التشريع والعمل البرلماني، وفي مجال الإعلام والاتصال، وكذا في مختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني وفي الإدارات وسائر المرافق العمومية، والفضاءات العمومية ومجال التقاضي.
منتصر إثري