
لم يكن اختيار “تماويت” مجرد فقرة فنية عابرة، بل رسالة واضحة تؤكد أن الأمازيغية حاضرة بقوة في المحافل القارية الكبرى، وأن صوت الجبل والذاكرة الجماعية يمكنه أن يعتلي أكبر المنصات الرياضية في القارة. فقد صدح اللحن الأمازيغي العريق في فضاء الحفل، ليمنح الافتتاح بعدًا روحيا وإنسانيًا تجاوز حدود الفرجة إلى عمق الانتماء.
وتُعد “إيطو تمهاوشت” من أشهر التماويت التي تختزن تاريخًا من الحكمة والصمود والاعتزاز بالأرض، وهو ما منح الحفل بعدًا رمزيًا يعكس قيم التضامن، الشجاعة، والتحدي، وهي القيم ذاتها التي تقوم عليها المنافسة الرياضية الشريفة.
هذا الحضور الأمازيغي اللافت أعاد التأكيد على أن المغرب، وهو يحتضن هذا الحدث القاري الكبير، لا يقدّم فقط بنية تحتية وتنظيمًا محكمًا، بل يقدّم أيضًا هويته المتعددة والرّاسخة، حيث تتعايش الثقافة الأمازيغية والعربية والإفريقية في لوحة واحدة.
وقد لقيت هذه اللحظة تفاعلًا واسعًا من الجماهير داخل الملعب وخارجه، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون لحظة إنصاف رمزي للثقافة الأمازيغية، ورسالة اعتزاز موجهة للأجيال الصاعدة بأن لغتهم وفنهم وتراثهم قادر على الوصول إلى العالمية.
هكذا، لم يكن افتتاح كأس إفريقيا مجرد إعلان لانطلاق مباريات كرة القدم، بل كان احتفالًا بالذاكرة والهوية والصوت الأمازيغي، الذي تألق في سماء القارة الإفريقية بكل فخر واعتزاز.
الحسين محامد باحث في الثقافة الأمازيغية
جريدة العالم الأمازيغي صوت الإنسان الحر