الرهان على العهد الجديد لم يتحقق . لم يتم القطع مع الماضي لعدم استكمال ارساء ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وعلى الخصوص في المجال الأمني بعدم ارساء قواعد التدبير السلمي للصراع السلمي الاجتماعي والسياسي ثم تعثر بلوغ الحقيقة حول مصير المختطفين على عهد سنوات الجمر وعدم الكشف عن الحالات العالقة .
على الدولة ان تعترف بكل أخطائها السياسية والأمنية والتي تسببت في إجهاض كل إمكانيات الانتقال الحقوقي على مرحلتين ، المرحلة الاولى ما بين 2006 وفبراير 2011 ، مرحلة لم تعرف تفعيل جدي لالتزامات وتوصيات القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة وكذا مظاهر الاستبداد ، ثم مرحلة ما بين 2012 و 2017 والتي كان المخطط التشريعي الحكومي شاهدا على استمرار التوتر في العلاقة مع حقوق الإنسان وفصل السلطات واستقلال القضاء كسلطة ، وهذا التردد أربك معه كل الانتظارات التي ضخمها مهندسو العهد الجديد ، وبالتالي تعثر تجديد مفهوم السلطة وبالأحرى دمقرطة مفهوم العدل ، لذلك على الجميع تحمل مسؤولياتهم حول ما جرى ، ولا يعقل ان نحمل مسؤولية التعثر للحكومة دون محاسبة من رخص وسهل لهؤلاء السياسيين الذين لم ينخرطوا بجدية في العدالة الانتقالية ، ولا سبق لهم ادوا ثمن النضال الدمقراطي خلافا لسلالة المقاومة وجيش التحرير ، بذريعة تدبير مرحلة ما بعد الحراك الربيعي وعلى حساب تراكم لبنات الانتقال السياسي حتى لا نزعم التحول الديمقراطي .
وبيت القصيد أن الدولة مارست للقطيعة مع الماضي ، مع هوية ومشاريع وتاريخ الحركة التقدمية ، ودعمت كل نقائضها من محافظين وفاسدين ، وخلقت ثقافة جديدة في صفوف الفئات الهشة والمعتمدة على اقتصاد الريع والتهريب وغير المهيكل والاتجار في الممنوعات والبشر ، مقابل مناهضتهم لكل آليات الدفاع المدني والوساطات الحقوقية والسياسية ، بدعوى أن المخاطب الوحيد هو المؤسسة الملكية دون ” الدكاكين ” السياسية ، وهي حالة سوسيولوجية خطيرة دعمتها الحقيقة الاعلامية بايعاز من اللوبيات والأباطرة وبلطجية المقاربة الأمنية ، حالة تحتاج إلى نقد وتحليل وتشخيص للأسباب الجوهرية والبنيوية بخلفية استشراف وبلورة حلول من أجل إنقاذ وطن منخورة قيمه ونبني مستقبله للمجهول في العلاقة مع حدود الجوار وفلول الرجعية والاستعمار ..