تناول موضوع الأضرحة ، وعلى الخصوص الأضرحة الساحلية التي تشكل في نظرنا امتدادا انتروبولوجيا لفكرة دار السلم ودار الحرب، وفي هذا الإطار نفهم التواجد المكثف للاضرحة على طول الشريط الساحلي الأطلسي المغربي من اعمدة هرقل الى آخر رباط في تخوم افريقيا جنوب الصحراء ومنها الرباط الذي شيده عبد الله بن ياسين قبل انطلاق حركته في اتجاه الشمال وتأسيس دولة المرابطين، انطلاقا من رباط على ضفاف نهر، وتوالت بعدها عملية تأسيس الربط والزوايا في المنطقة ككل. ومنها رباط تيط، رباط ايگلي، رباط ماست، رباط المنستير بتونس….
وبالنسبة لمنطقة سيدي وساي، وفي غياب ابحاث اركيولوجية في الفترة السابقة على دفن سيدي عبد الرحمان في موضع الضريح الحالي، يتبادر الى ذهن الباحث سؤال أساسي يتعلق باسم الموضع، فالتسمية الرائجة في المنطقة هي سيدي وساي، واذا تأملنا جيدا في تركيب الكلمتين وعند محاولتنا تفكيك مدلولها لا شك اننا سنجد انفسنا امام حقيقة تاريخية ولغوية وتدل على ضريح وموضعه، اي ان هنالك اقتران للموضع مع صفة قدسية، او دينية التي تحيل عليها كلمة سيدي والتي تقال لشخص او شخصة يراد التبرك بها ورفع قيمتها المعنوية والرمزية، نظرا لمكانته الدينية والاجتماعية المبنية على فعل الخير والاتيان بافعال جليلة مقيادة الجهاذ المذاكرة وتعليم الناس اصول الدين، بينما تحيل كلمة وساي الى موضع الضريح وهو موضع جوار البحر كان معروفا بانتشار نبات ساحلي يدعى اساي، وفي هذا الصدد نكون امام التعبير التالي: سيدي ن وساي، وقد سقط حرف الربط بين شقي التعبير بفعل التداول اليومي، ومن تم يقال فقط سيدي وساي عوض التعبير الكامل الذي اشرت اليه.
عذا التحليل يعطينا نتيجة محتملة وهي ان موضع الضريح كان موجودا قبل ان يتحول الى مرقد سيدي عبد الرحمن الروندي، وعلى ما يبدو كان موجودا قبل انتشار الديانة الإسلامية في المنطقة وفي منطقة الغرب الاسلامي بصفة عامة، وفي هذا الصدد سبق للسيد احمد الثوفيق ان تساءل حول زمن تحول الأضرحة بين الازمنة الدينية في التايخ. تبقى الإشارة الى ان موضع الضريح ليس مرقد والي واحد (عبد الرحمن الروندي)، فالى جواره دفن العالم الكبير محمد التسكاتي، وهو عالم ماسي سوسي عاش في فترة حكم المولى سليمان، وكان من خدام المخزن في هذه الفترة، وهو الذي قام بقيادة حركة مواجهة بوحلايس الذي ثار في ايت باعمران.
وقام التسكاتي بإسم المخزن بمواجهته والقضاء على حركته في العوينة ناحية ايت جرار الذي شهد مقتل هذا الثائر السوسي في بئر رمي فيه واحرقت في جوفه جثته بعد ان قام باحراق آلاف اليهود في مشهد مازالت تفاصيله تجري على ألسنة شياب المنطقة…
فسيدي محمد تكريما لروحه ولافعاله في رد التمردات وضمان الأمن في المنطقة دفن جوار سيدي عبد الرحمن الروندي، وفي المقابل رفضت قبيلة ماست ان يدفن فيها استاذه وموجزه سيدي احمد الصوابي، وتلك قصة أخرى… اذن سيدي وساي هو مرقد الاولياء ومدفن شخصيات علمية وقامات دينية مختلفة تنتمي الى عصور وازمنة مختلفة.