الأمازيغية مصلحة مغاربية علياء لتعزيز الأدوار الإقليمية

بقلم : أبوبكر الانصاري ناشط طوارقي امازيغي

تحتفل الشعوب الامازيغية في طول شمال افريقيا وجنوب الصحراء الكبرى و غرب المتوسط يوم 12/01/2023 براس السنة الامازيغية للعام الامازيغي 2973 وهو تقليد يشبه ما يقوم به الاشقاء الكرد والتركمان والفرس بعييد النوروز لتخليد الثقافة الشعبية للشعوب الإصلية لشمال إفريقيا والصحراء الكبرى .

تعد السنة الامازيغية الثانية ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ و ﺗﺮﺟﻊ ﺑﺪﺍﻳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺣﺪﺙ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﻋﻨﺔ ﻣﺼﺮ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻐﻲ ﺷﻴﺸﻨﺎﻕ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻚ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻔﺮﻋﻮﻥ ﺭﻣﺴﻴﺲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﻨﺔ 950 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻭﺟﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎﻑ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻟﻠﻔﺮﺍﻋﺔ للاستيلاء ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺍﺿﻲ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ .

و ﻳﺼﺎﺩﻑ ايضا ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﺳﻢ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻎ ،و أﺻﺒﺤﺖ ﻛﻞ ﺷﻌﻮﺏ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﺤﺘﻔﻞ به ﻭﺑﺎﺳﻤﺎﺀ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻴﻪ “ﺣﺎﻛﻮﺯﺓ ” ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻴﻪ ايضا #ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻴﻪ #ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻣﺴﻤﻴﺎﺕ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ. و ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻﺧﺮﻯ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺪﻳﻨﻴﺔ .

ﻭﻳﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻻﺕ ﻭﺍﻟﻄﻘﻮﺱ المتنوعة والغنية ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻭﻧﻮﻉ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ في كل منطقة ﻭ ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺍﻏﻠﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺴﻜﺲ ﺑﺴﺒﻊ ﺧﻀﺮﺍﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﺤﻢ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺮﺓ ﻭﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺬﺭﺓ ﻟﻠﺘﻤﺮ ﻭﻣﻦ ﻭﺟﺪﻫﺎ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺷﺮﺑﻬﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺤﻈﻮﻅ ﻭﺳﻨﺘﻪ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻻﻓﺮﺍﺡ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻮﻓﻴﺮ .

ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻣﺄﻛﻮﻻﺕ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮ ﻭﺍﻟﺘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺠﻔﻒ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ و ﺸﺮﺏ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﺍﻟﻤﻨﻌﻨﻊ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻭﺍﻣﻮﺭ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ.
لقد مرت الحركة الامازيغية بأوضاع صعبة منذ خمسينيات القرن الماضي بعد وصول جمال عبدالناصر واتباعه امثال هواري بومدين ومعمر القذافي وحزب الاستقلال المغربي للسلطة بعد انهيار اخر خلافة إسلامية في إسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى و ظهور القومية العربية التي يقود فكرها مسيحيون مثل ميشيل عفلق والبيطار وجورج حبش في المشرق العربي و يراد منها ان يكون المسيحي العربي في الشام ومصر اقرب للعربي المسلم في اقليمه من اي مسلم غير عربي في إقليم اخر من العالم الإسلامي لتبرير الوقوف مع الاستعمار الاوروبي المسيحي “بريطانيا وفرنسا ” ضد الدولة العثمانية المسلمة غير العربية واصبحوا يعتبرون اي فكر مختلف تحدي ومؤامرة صهيونية غربية لتفكيك العالم العربي وتقسيم المقسم وتجزىة المجزأ وتفتيت المفتت . ونتيجة لتصرفاتهم ارتفع الشعور القومي لدى القوميات المسلمة غير العربية مثل الكرد والامازيغ والترك والارد واندنوسيا وماليزيا واصبحوا عبروا عن هويتهم القومية مع افتخارهم بدينهم الإسلامي وقيمه ورسالته السماوية كمصدر اعتزاز وقوة .

عانى الاكراد من الحرمان من الجنسية العربية السورية لأنهم مسلمون غير عرب في دولة تحكمها القومية العربية التي تعتبر المسيحي العربي احق بالمواطنة من المسلم غير العربي رغم وجود ضريح الكردي صلاح الدين الايوبي محرر القدس من الاحتلال الصليبي في دمشق وقام القوميون العرب ببيع شط العرب ملتقى نهري دجلة والفرات عبر اتفاق الجزائر عام 1975 لإيران من اجل بناء حلف قومي فارسي عربي ضد القومية الكردية وعانى الامازيغ في طول شمال وغرب افريقيا من الشيطنة الممنهجة حتى إن ما عرف في الثلاثينات بالظهير البربري الذي اقره سلطان المغرب لتسهيل عملية التقاضي بالقضاء العرفي الامازيغي تم اتهامه بأنه مشروع فرنسي لتمزيق المغرب العربي .

توالت مظاهر التنكيل بالامازيغ بمنع استخدام لغتهم في الاعلام و التضييق على فنونهم و في المقابل انتشر الغناء باللهجة المصرية والشامية بحجة أنه عربي في المغرب الكبير على حساب الفنون المحلية الامازيغية وتم الترويج لشعوب شمال افريقيا على انها جاليات عربية مشرقية تعيش في المغرب العربي و التنكر للماضي الاندلسي ولتاريخ المرابطين الامازبغ .

من التجارب النضالية الامازيغية التي تكتب بمداد من ذهب المجاهد الامازيغي الجزائري الحسين ٱيت احمد رئيس جبهة القوى الاشتراكية احد ابطال الثورة الذي جاء حزبه في المركز الثاني في انتخابات عام 1991 التي الغاها الجيش وتسبب الجنرالات القوميون العرب ” خالد نزار ومحمد العماري وتوفيق” في العشرية السوداء التي راح ضحيتها مئات آلاف الجزائريين وقد تضررت المنطقة المغاربية من الصراعات البينية للقوميين العرب الذين تسببوا في تقسيم الاتحاد المغاربي وجعلوه ساحة تصفية حسابات مشرقية بين ملكيات داعمة للمغرب وجمهوريات مؤيدة للجزائر ودعم القدافي وجنرالات الجزائر لإيران الفارسية ضد العراق العربي في حرب الثماني سنوات على خلفية الصراع على خلافة جمال عبدالناصر لقيادة القومية العربية .

من تجارب جيل الشباب في الثمانيات والتسعينيات وبداية القرن الجديد الشهيدين المطرب القبائلي معطوب وناس و المظابي كمال الدين فخار اما في ليبيا فقد تم حبس شاب امازيغي 15 عام في عهد القذافي لأنه غنى في عرس عائلي بالامازيغية .

وفي المغرب هناك تجربة المحجوبي احرضان ونجله اوزين واحمد الدغرني رئيس الحزب الديمقراطى الامازيغي الذي رفضت السلطات ترخيصه والذين اوصلوا الامازيغية للتداول في الإعلام العمومي المغربي كما نشر مناضل امازيغي مغربي صورة له من امام محكمة كانت قد حكمت بسجنه سنوات في الثمانينات والتسعينيات بتهمة الفتنة لنضاله الامازيغي وقد اضافت حروف تيفناغ بجانب العربية والفرنسية .

لقد قطعت الامازيغية اشواط كبيرة في المغرب والجزائر واصبح هناك اعتراف بمكانتها مع شيطنة الانظمة للمعارضين مثل مناضلي القبايل في الجزائر وحراك الريف بقيادة الزفزاف في المغرب كما تقدمت الامازيغية في تونس وليبيا بعد الربيع العربي ويعيق تقدم الحراك الامازيغي اخطاء يقوم بها البعض مثل الخطاب المتشنج الذي يبالغ في نقد العرب ويتهجم عليهم لأن البيئة المتدينة في المغرب الكبير لا تتقبل ذلك وتفضل الترويج للامازيغية دون قدح غيرها من المكونات الاجتماعية ووجوب التمييز بين العربية كلغة لها ارتباط بالدين الاسلامي من جهة و بين سلوك وفكر القوميين العرب الذين يقود فكرهم مسيحيون مشرقيون مناهضون للمسلمين العجم و تفضل البيىة المغاربية استخدام اللغة العربية للتحرر من الاستعمار الثقافي الفرنكفوني و إن تبقى تيفيناغ ابجدية محلية شاهدة على انجازات وحضارة الامازيغ مثل اهرامات مصر كما يفعل مسلمو الهند وماليزيا والشيشان وغيرها من التجارب المسلمة غير العربية .

تبنت الكثير من الدول الإسلامية غير العربية نهج الاعتماد على النفس عقب عزل القوميين العرب انفسهم عن قضاياهم بعد تحالف جمال عبد الناصر مع الهند الهندوسية ضد باكستان المسلمة و دعمه مودي بوكيتا ضد الطوارق المسلمين غير العرب و اصبحت الاشتراكية والشيوعية اهم لدى القوميون العرب من الإسلام و بفضل اعتمادها على نفسها اضحت الدول المسلمة غير العربية اقوى عسكريا ومنها من يعد ضمن افضل عشر جيوش في العالم مثل باكستان وتركيا وبعضها و دون نفط او اي موارد طبيعية اضحت من اقوى اقتصاديات العالم مثل ماليزيا واندونيسيا وبنغلاديش واصبح إقليم كردستان واحة سلام في محيط مضطرب ويتوفر على بنى تحتية لا تتوفر عليها بعض الدول البترو دولارية .

في المقابل خضعت مساحات واسعة من المشرق العربي الذي حكمته القومية العربية للنفوذ الإيراني بسبب توزيع ادوار بين المشروع الفارسي واليمين الاستيطاني الاسرائيلي والصراعات على قيادة القومية العربية و اصبحت طهران عبر اذرعها تتدخل في ادق التفاصيل الداخلية للعراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين وتجعل قضاياهم اوراق في مفاوضات ملفها النووي تعزل وتعين من تريد وصار قاسم سليماني الفارسي اهم لدى بعض الشعوب العربية من جمال عبدالناصر رمز العروبة كما تضررت القضية الفلسطينية من احتكار القوميين العرب الحديث باسمها وصراعهم على الوصاية عليها حتى إن ما قتلته الانظمة القومية العربية من الفلسطينيين اكثر بكثير ممن قتلوا على يد إسرائيل وبينما يخضع قادتهم في المشرق العربي للتبعية والتدخل الفارسي يتنمر متطرفوا القومية العربية في المغرب الكبير على إخوتهم الامازيغ ويشيطنونهم ولسان حالهم يقول اسد على اخوتهم الامازيغ ونعامة امام المد الفارسي في المشرق العربي .

رسميا تتابع الحكومات المغاربية تنامي قوة التيار الامازيغي في الدول الغربية خاصة امريكا الشمالية واوروبا وزيادة تأثيرهم الانتخابي حيث تدار السياسة الخارجية الغربية من طرف لوبيات يشكل الامازيغ رقم صعب في معادلاتها وتحاول الحكومات المغاربية مد يد الصداقة معهم لتقوية علاقاتها الغربية رغم ما يشهده الداخل المغاربي من شيطنة ومحاربة للهوية الامازيغية من جانب تيارات تعتبر نفسها جاليات عربية مشرقية وتنكر اي حق امازيغي و تقوم بتوزيع الادوار بينها فمنها من يستخدم الدين لتكفير النشطاء الامازيغ ومنهم من يستخدم المتاجرة بالقضية الفلسطينية ويحاولون ربط إي نشاط غير قومي عربي بانه مؤامرة صهيونية لتمزيق المغرب العربي و أصبحت الحكومات المغاربية بين مطرقة اندفاع تيارات داخلية معادية للامازيغية وسندان الحاجة الدبلوماسية للقوة الناعمة الامازيغية المؤثرة في عواصم صنع القرار الغربي و باتت تدرك تاثير الامازيغ وقدرتهم على تلميع صورة اي نظام و تقريبه من صناع القرار الغربي وتسعى الحكومات المغاربية لإبعاد نفسها عن الحملات التنمرية الشعبوية لأن مصالحها العلياء مختلفة عن انتهازية تلك التيارات وتهدف الانظمة المغاربية لكسب الورقة الامازيغية في علاقاتها الخارجية وترى أن من يهاجمونهم مرتبطين بقوى خارجية تسعى للوصاية على القرار الوطني المغاربي .

خلاصة القول إن الامازيغية هوية ثقافية يمكن لاي امازيغي ان يكون من اصول عربية او رومانية او اوروبية او إفريقية او حميرية ويفتخر بامازيغيته ولا تناقض بين الامرين فالرئيس الباكستاني السابق محمد ضياء الحق هو من احفاد محمد بن القاسم الثقفي ابن عم الحاج بن يوسف ومع ذلك فهو رمز قيادي للشعب الاردي الباكستاني المسلم غير العربي وإنه من المفيد التعامل مع الامازيغية في شمال وغرب افريقيا على انها كنز ثقافي دبلوماسي وارث تاريخي مغاربي ومنحها المزيد من الاهتمام الشعبي إلى جانب الرسمي وإتاحة الفرصة لنشطاءها بالتعبير عن انفسهم دون تخوين ودون شيطنة ضمن روح المواطنة والمصالح الوطنية العليا .

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *