الأمازيغية وإيديولوجيا الدولة

من نحن؟ وماذا نريد؟ من هنا بدأت القصة، قصة مسار تعامل الدولة المغربية مع القضية الأمازيغية. فوثيقة بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، أو ما تعرف اختصارا ببيان محمد شفيق (مارس 2000)، لم تكن وثيقة عادية، وإنما هي مشروع وتصور جديد لمغرب جديد ولدولة جديدة من منظور الحركة الأمازيغية جوهره الإجابة عن السؤالين من نحن؟ وماذا نريد؟.

لكن للدولة تصور آخر حول هذا الموضوع، عبر عنه جلالة الملك في خطابه ل 30 يوليوز 2001 بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد، إذ قال جلالته «لقد كان عرش المغرب على الدوام أكثر من رمز للسيادة، لأنه ظل ولا يزال قيادة وطنية مسؤولة واعية لأمانتها العظمى، ضمن ملكية شعبية، العرش فيها بالشعب، والشعب بالعرش. لذلك فان الاحتفاء به ليعد وقفة سنوية للتأمل والتدبر، لا للتساؤل عمن نحن، وماذا نريد؟ فالمغرب دولة عريقة في حضارتها، متشبثة بهويتها ومقدساتها، دائمة الانفتاح على مستجدات عصرها، موحدة وراء عاهلها، رفيقة للتاريخ، تعرف من أين أتت والى أين تسير» طبعا كلام جلالة الملك هذا هو جواب صريح عن موقف الدولة من طرح هذين السؤالين. ومحمد شفيق نفسه أدرك هذا الجواب فقال «حينما كنت أستمع لخطاب العرش يوم 30 يوليوز 2001 خطر ببالي مثل من أمثالنا القديمة يقول: «إن أردت أن لا تنسى إلى أين أنت ذاهب، فتذكر من أين انطلقت» قد يتساءل المرء منا «كيف انسينا أو تناسينا أو تناسى بعضنا من أين انطلقنا، ومن نحن؟ فما الذي حدث حتى أصبحنا نتجادل بشأن هويتنا في عهد «الاستقلال» بالذات؟»».

إذن حول هذين السؤالين هناك نوع من عدم التوافق بين منظور الدولة، وطموح الحركة الأمازيغية، فبالنسبة للدولة المسألة محسومة ولا تحتاج إلى إعادة طرح أسئلة، فالدولة المغربية «تعرف من أين أتت والى أين تسير»، بمعنى آخر أن موقف الدولة من هذه المسألة هو موقف ثابت ومحافظ، في حين ترى الحركة الأمازيغية- وفقا لمضمون البيان- أن المدخل الحقيقي لإعادة الاعتبار للأمازيغية تقتضي في البدء الإجابة عن هاذين السؤالين؟ ولعل ما يتضمنه البيان من معطيات تاريخية كان الهدف منها هو تسليط الضوء على جزء من من نحن، وذلك قصد توفير أرضية صلبة لطرح «ماذا نريد؟» أي تلك المطالب المتضمنة في البيان، من هذا المنظور فالحركة الأمازيغية تطمح إلى التغيير، فهي تعتبر إن التوجهات الثابتة والمحافظة للدولة لا يخدم البتة القضية الأمازيغية كما يطرحها البيان. إذن ما بين ثبات موقف الدولة وطموح الحركة الأمازيغية إلى التغيير تكمن إيديولوجيا التعامل مع الأمازيغية. فماذا نقصد بالايديولوجيا؟ وباديولوجيا الدولة؟ وما منظور إيديولوجيا الدولة للأمازيغية؟ وكيف أثرت هذه الايديولوجيا في توجيه مسار التعامل السياسي مع الأمازيغية؟ وما هي الآفاق المستقبلية للامازيغية في ظل هيمنة الايديولوجيا الرسمية للدولة؟ وهل بامكان الأمازيغية تغيير ايديولوجيا الدولة؟ (يتبع).

د.عبدالله اكلا

باحث في الفعل العمومي الوطني والترابي.

 

 

اقرأ أيضا

ابن الشيخ: البرلمانية اليسارية نبيلة منيب تُغرد خارج سياق التاريخ والجغرافيا

اعتبرت أمينة ابن الشيخ، في تدوينة نشرتها على صفحتها في فيسبوك، أن تصريحات البرلمانية اليسارية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *