أكد الدكتور الإسباني الباحث في علم الوراثة السكانية بجامعة كومبلوتنسي بمدريد، أنطونيو أرنايث فيينا، على أن الشعبين الأمازيغي والإيبيري كانا يشكلان شعبا موحدا قبل الاحتلال الروماني لغرب البحر الأبيض المتوسط، وأن كلا الشعبين عانيا من الهيمنة الثقافية الرومانية والفينيقية.
وأشار أنطونيو خلال ندوة نظمها المعهد الثقافي الإسباني بالرباط بشراكة مع جريدة العالم الأمازيغي، مساء أمس الثلاثاء 9 مايو2017، حول موضوع “أية علاقة بين الأمازيغ والإيبيريين؟”، إلى أن الصحراء الكبرى شكلت مهد الحضارة المتوسطية عندما كانت أرضها خصبة قبل أن تتحول إلى صحراء، كما تشير إلى ذلك النقوش الأثرية بتشاد وجنوب الجزائر، وأضاف أن مثل هذه النقوش وجدت بشبه الجزيرة الإيبيرية وجزر الكناري ما يعني أن وفودا من سكان شمال إفريقيا هاجروا واستقروا بهذه المناطق.
وقال صاحب كتاب “المصريون، الأمازيغ، الكناريون والباسك“ أن فكرة بناء الأهرامات والمعابد الحجرية كانت منتشرة بكل من شمال إفريقيا وغرب أوروبا، وشكلت ثقافة دينية مشتركة بين سكان ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وأضاف أن انخفاض درجة الحرارة بشمال أوروبا وارتفاعها بمنطقة الصحراء الكبرى دفعت مجموعات بشرية للاستقرار على ضفتي البحر الأبيض المتوسط مشكلة حضارة متوسطية مشتركة، كما بينت ذلك الاكتشافات الأثرية الأخيرة في المغرب وكذا نتائج الأنثروبولوجيا الوراثية.
وقدم أنطونيو، الذي نشر العديد من الكتب حول القرابة الوراثية والأنثروبولوجية واللغوية بين الأمازيغ والإيبيريين، عددا من الصور والوثائق التي تؤكد على وحدة الدين واللغة بين شعوب الضفتين، وذلك من خلال مقارنة مجموعة من الرموز الدينية والكتابات الصخرية المتواجدة بمختلف مناطق شبه الجزيرة الإيبيرية وشمال إفريقيا.
قبل أن ينتقل إلى تقديم مقارنة جينية بين شعوب البحر الأبيض المتوسط، تبين مدى قرب الإيبيريين جينييا من الأمازيغ وبعدهم عن الألمان وبقية الأوروبيين، محددا المسافة الجينية بين مختلف الشعوب. وأكد أنطونيو، على عكس ما كان سائدا، أن الجينات لا تربطها أية علاقة مع اللغات المتداولة، إذ أن هذه الأخيرة يتم فرضها حسب النظام السياسي القائم، بينما الجينات تبقى مستمرة.
من جانبه أكد الإعلامي رشيد الراخا، رئيس مؤسسة دافيد مونتجومري هارت للدراسات الأمازيغية، على أن وجود هياكل عظمية تعود للإنسان القديم بشبه الجزيرة الإيبيرية، لا يمكن تفسيرها إلا بقدومه من شمال إفريقيا.
وقال الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي (AMA)، أن الاعتقاد السائد بأن كل مظاهر الحضارة الإنسانية بما فيها اكتشاف المعادن والكتابة وغيرها جاءت إلى إفريقيا من الشمال أو الشرق، هي اعتقادات خاطئة، موضحا أن الدراسات الأخيرة التي قام بها الباحثان الأنتربولوجيان يوسف بوكبوط ومصطفى أوعشي بمنطقة الخميسات “تفيد بأن سكان المغرب الأولون خبروا تقنيات استخراج المعادن منذ آلاف السنين”، كما أفادت الأبحاث التي أجريت بمغارة “إفري نعمار” نواحي الناضور بأن إنسان شمال إفريقيا مر بجميع مراحل التطور البشري من البدائية حتى التعدين واكتشاف الزراعة.
وقال الراخا أن اكتشاف الزراعة ساهم كثيرا في بناء الحضارة الأمازيغية، فظهرت مجموع من المدن والتجمعات الحضرية في سفوح جبال الريف والأطلس وعلى ضفاف الأنهار، “وطور الأمازيغ أساليب الزراعة والعمران، وحولوا إيبيريا على مر القرون التي استقروا بها إلى جنة من الحدائق والقصور” يضيف الراخا.
ووضح الراخا كيف كان لتطور الزراعة في المجتمع الأمازيغي من أثر في التفكير فيما بعد الموت والجنة وبناء الأهرام بالنسبة للفراعنة، وملؤها بالذهب والخمور التي اخترعها سكان شمال إفريقيا بعد تحقق فائض في إنتاج الحبوب والكروم، إلا أن الإفراط في قطع الأشجار يضيف الراخا “من أجل بناء الأهرامات أدى إلى تدهور التربة وتصحر الأراضي الزراعية الخصبة، ما دفع الأمازيغ للهجرة إلى الشمال والاستقارا على ضفتي البحر الأبيض المتوسط”.
أمدال بريس/ كمال الوسطاني
رابط لألبوم الصور:
https://www.facebook.com/Amadalpresse/photos/pcb.746468948856195/746467108856379/?type=3