منذ أن نص الدستور المغربي لعام 2011 على الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، تحققت خطوة هامة نحو الاعتراف بهذه اللغة وجعلها جزءا من الهوية الثقافية والسياسية للمغرب. ورغم التأكيد على مكانتها الرسمية، لا تزال الأمازيغية غائبة عن العديد من البرامج الأكاديمية في الجامعات المغربية، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية الإصلاحات التعليمية في تفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة. التنظيمي رقم 16-26 الذي أقرته الدولة لضمان إدماج الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة، بما في ذلك التعليم، يشير بوضوح إلى ضرورة أن تكون الأمازيغية جز٤ا أساسيا من المناهج الدراسية. إلا أن الواقع الجامعي لا يزال يعكس تهميشا لهذه اللغة في المجالات الأكاديمية، وهو ما يعكس فجوة بين النصوص القانونية والإصلاحات الفعلية في التعليم العالي
1 – التحديثات المرتبطة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في التعليم الجامعي.
على الرغم من أن الدستور المغربي يضمن للأمازيغية وضعا رسميا في مختلف القطاعات، فإن تطبيق هذا المبدأ في المجال الأكاديمي لا يزال يواجه العديد من العقبات. الإصلاحات البيداغوجية التي تبنتها وزارة التعليم العالي تهدف إلى تحديث المناهج الأكاديمية وفتح آفاق جديدة للتخصصات الجامعية، إلا أن الأمازيغية لم تجد لها مكائا كافيا في هذه الإصلاحات. فقد ظل غياب الأمازيغية في العديد من التخصصات الأكاديمية سمة بارزة، كما أن البرامج الجامعية لا تشمل تدريس اللغة والثقافة الأمازيغية
في مختلف فروع العلوم الأدبية والقانونية وغير ذلك….. وهذه الظاهرة لا تعكس فقط غيابا للغة في البرامج، بل تشير أيضا إلى تجاهل للحق الثقافي واللغوي للأمازيغيين في الحصول على تعليم يعترف بلغتهم وهويتهم الثقافية.
منذ أن نص الدستور المغربي لعام 2011 على الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، تحققت خطوة
.2- إشكالية هيمنة اللغات الأجنبية في المناهج الجامعية
من جهة أخرى، يعزز الإصلاح التعليمي الجديد الذي يولي أهمية كبيرة للغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية من هيمنة هذه اللغات في النظام الأكاديمي على حساب اللغة الأمازيغية. في الواقع، يتم تخصيص معظم الموارد والجهود التعليمية لتعليم اللغات الأجنبية، بينما تظل الأمازيغية مهمشة في البرامج الدراسية. هذه الهيمنة تساهم في تعزيز الفجوة اللغوية والثقافية، مما يساهم في تهميش الأمازيغية داخل الفضاءات الأكاديمية. كما أن استبعاد الأمازيغية من المناهج الجامعية يعوق تطويرها، ويقلل من فرص استخدامها في الأبحاث العلمية والتخصصات الأكاديمية، مما يقلل من فرص اعتراف أكاديمي وثقافي باللغة الأمازيغية في المجتمع
3. غياب التخصصات الجامعية الموجهة لدراسة الأمازيغية
من النقاط الأساسية التي تبرز في غياب الأمازيغية عن الإصلاحات الجامعية هو نقص التخصصات الأكاديمية التي تركز على دراسة اللغة والثقافة الأمازيغية. على الرغم من أن بعض الجامعات المغربية تقدم بعض الدورات أو التخصصات في هذا المجال، فإنها تظل قليلة وغير كافية لتلبية الحاجة إلى التكوين المتخصص في هذا المجال. كما أن غياب البنية التحتية الأكاديمية اللازمة لدراسة الأمازيغية من حيث المناهج والبحوث العلمية يعكس نقصا في الالتزام الفعلي بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في التعليم
العالي. ولذا، تظل هذه اللغة، على الرغم من مكانتها الدستورية، غير قادرة على تأكيد وجودها في السياق الأكاديمي بشكل يوازي التحديات التي تواجهها .
4- تدابير قانونية وضرورة التطبيق الفعلى
من الناحية القانونية، ينص الدستور المغربي والقانون التنظيمي 16-26 على ضرورة ضمان إدماج الأمازيغية في جميع المجالات، بما في ذلك التعليم العالي. ورغم ذلك، لم تنفذ هذه الالتزامات بشكل كامل في الجامعات المغربية. إذ تظل النصوص القانونية تقتصر على المبادئ العامة دون أن تجد سبيلا إلى التطبيق الفعلي. لتحقيق العدالة اللغوية، يجب أن تضمن وزارة التعليم العالي إدماج الأمازيغية من خلال وضعها جنبا إلى جنب مع تدريس اللغات الأجنبية والمهارات الحياتية وبقية المواد في جميع الشعب والتخصصات الجامعية.
يتضح أن غياب الأمازيغية عن الإصلاحات البيداغوجية في الجامعات المغربية يعكس خللا في تطبيق التزامات الدولة تجاه اللغة الأمازيغية. لتحقيق تفعيل حقيقي للغة الأمازيغية في التعليم العالي، يجب أن تتبنى وزارة التعليم العالي مجموعة من التدابير الاستراتيجية. من بينها: إنشاء تخصصات أكاديمية جديدة تركز على دراسة الأمازيغية، وتوفير التدريب المناسب للأساتذة، وتطوير المناهج الجامعية لتشمل تدريس اللغة والثقافة الأمازيغية بشكل فقال. كما ينبغي تخصيص الدعم المالي والبنية التحتية لتشجيع البحث العلمي في هذا المجال، وضمان تمثيل الأمازيغية في مختلف مجالات التعليم الأكاديمي. إن تحقيق هذه التدابير سيسهم في تعزيز مكانة اللغة الأمازيغية في الجامعات المغربية، ويساعد على تحقيق العدالة الثقافية واللغوية التي ينص عليها الدستور .
*طالب باحث