عرفت صناديق الاقتراع يوم 7 أكتوبر 2016، عزوفا كبيرا، إذ لم تتجاوز نسبة التصويت 25 بالمئة في بعض الدوائر الانتخابية، وفي الوقت الذي تتوقع بعض المنابر الإعلامية ارتفاع هذه النسبة مباشرة بعد صلاة الجمعة، يرى بعض الناشطين أن دعوات المقاطعة التي صاحبت الحملة الانتخابية لعبت دورا كبيرا في هذا العزوف.
وفي هذا الصدد يرى الناشط الأمازيغي سمير المرابط أنه توقع أن نسبة المشاركة لن تتجاوز 40 في المائة، “لأن عموم الشعب يدرك عبثية هذه المهزلة وإن بدرجات متفاوتة”، وأضاف المرابط أن خارطة ما بعد 7 أكتوبر معروفة سلفا بحكم الإملاءات الخارجية المفروضة على النظام المخزني، وهو ما سيميه لحكومة إئتلاف حزبي على قاعدة تحالفات غير منطقية ومفروضة بدعوى المصلحة الوطنية كشعار فضفاض و فاقد للمصداقية.
فيما اعتبر منسق الحركة الأمازيغية بوسط الريف، خميس بوتكمانتي، أنه مع تزايد الوعي بأن القرار السياسي يستصنع داخل أنفاق فوق دستورية “ارتأت الغالبية مقاطعة العملية كرسالة منها أنها فهمت أن الصناديق لن تكون أبدا أداة للتغيير في مناخ لا ديمقراطي، وتوقع الناشط الأمازيغي أن تكون نسبة المقاطعة عالية جدا، وأكد أنه في حدود صباح الاقتراع بميضار والنواحي لم يتجاوز الإقبال على صناديق الاقتراع 2 بالمئة في بعض الدوائر الانتخابية.
وأضاف بوتكمانت، أنه في أوج هذا الفتور السياسي “تعتبر مقاطعة الانتخابات أقوى تعبير احتجاجي عن الواقع السياسي و الاقتصادي من لدن عامة الشعب الذي وصل لمرحلة الإشباع و لم تعد له قابلية تقبل الوضع بعد فقدان الثقة، أولا: من مصداقية ما يسمى بالاقتراع، وباعتبار أن العملية الانتحابية فقط مسرحية مفبركة ليست لها أية قوة أو ثقل في آليات صنع القرار السياسي الذي يحدث خارج المؤسسات المخول لها أمر ذلك وفق المسطرة الديمقراطية، هذا وبالإضافة أن الأحزاب المتنافسة نفسها أعربت وأبانت عن عدم قدرتها في لعب أدوار التمثيلية.
وأكدت الناشطة الأمازيغية والمناضلة السابقة في حركة 20 فبراير، شيماء زاوي موقفها، المقاطع لانتخابات 2016 “بسبب النكوص الحاصل في الحريات العامة وبسبب التماطل المتعمد الذي لحق الأمازيغية بخصوص خروج القانون التنظيمي”، والتراجعات الخطيرة التي لحقت إدماج الأمازيغية في التعليم، وأيضا بسبب القرارات اللاديمقراطية واللاشعبية التي اتخذتها الحكومة الحالية التي أزمت الوضع الاقتصادي والاجتماعي، مضيفة “الانتخابات في ظل غياب ملكية ديمقراطية حقيقية، وبدولة يكون فيه الفصل بين السلط مبدأ مقدسا، ما هي إلا مسرحية لتكريس بؤس المشهد السياسي.“
وأضافت الناشطة: قاطعت انتخابات 2011 لأنها كانت تحت ظل دستور غير ديمقراطي من حيث الشكل و لم ينصف الأمازيغية في الفصل الخامس من الدستور حيث لم يجعلها على قدم المساواة مع العربية، و هذا ما كانت له انعكاسات سلبية التي التفاصيل التي جاء بها القانون المنظم للأمازيغية، ونفس الشيء بالنسبة للانتخابات الحالية.
فيما أكد الناشط الأمازيغي جهاد بودونتي، أن المتتبع لعملية الإنتخابات في ساعاتها الأولى هذه يرى بوضوح مدى نجاح المقاطعة وذلك انطلاقا من هزالة نسبة المشاركة، راجع حسب بودونتي إلى “اجترار الأحزاب الكرتونية نفس الوعود و الأوهام و يقين غالبية المجتمع بكون الصناديق ليست هي من تحدث التغيير”.
وأضاف الناشط الأمازيغي أن المشهد السياسي الحالي أفرز قطبين متناقضين يتنافسان على صدارة التنائج، ويرى أن الدعم الذي حظي به حزب الأصالة والمعاصرة من طرف المخزن سيجعل منه متصدرا للانتخابات ليليه حزب العدالة و التنمية بفارق لا يتجاوز عشرة مقاعد فحزب الإستقلال في المركز الثالث من حيث عدد المقاعد .
ويرى الناشط الأمازيغي كريم بوزريوح أن معرفة نسب المقاطعة الحقيقية يستوجب نوعا من الشفافية والنزاهة أولا بالنسبة للقائمين على العملية الانتخابية، ثم الجرأة للكشف عن الأرقام الصحيحة، كي نعرف حقيقة نسبة المشاركين في العملية الانتخابية ونسبة المقاطعين لها.
وبخصوص نتائج اليوم فيتوقع الناشط الأمازيغي نسبة كبيرة من المقاطعين المنضوين تحت إطارات عرفية وقانونية أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات كالحركة الأمازيغية والنهج الديموقراطي القاعدي وجماعة العدل والإحسان، بالإضافة إلى كل من لبى دعوة مثل هذه التنظيمات وغيرها الداعية إلى المقاطعة، لكن يضيف كريم: الدولة لا تملك الجرأة لتعلن عن النسبة الحقيقية التي تقاطع الانتخابات.
فيما يرى رئيس جمعية ادهار أوباران، والناشط الأمازيغي عبد الله يوعلا، “أن دعوات المقاطعة كانت ناجحة بكل المقايس”، على عكس حملات الأحزاب. وأضاف يوعلا أن معظم المصوتين من فئة عمرية متقدمة مما يدل على أنهم ينتمون إلى فئة تتفشى فيها الأمية وغير واعين بالمسرحية”، مؤكدا أن المقاطعة نجحت في تكريس خطاب سياسي قوي في المجتمع، يعمل على فضح سياسة المخزن باعتبار هذا الأخير هو المتحكم الحقيقي.
وأضاف الناشط أن كل التخمينات ترجح “أن نتائج انتخابات اليوم ستكون كارثية في تاريخ المخزن، رغم استعمال كل الوسائل والمؤسسات بما فيها المساجد”، وذلك سواء على مستوى نسبة التصويت، أو المشاركة السياسية، وبالتالي فحس يوعلا “فإن هذه الانتخابات التي ستفرز حكومة شكلية، لن يتحقق فيها شرط الديمقراطية، ولن تمثل الشعب”.
أمضال بريس: كمال الوسطاني