الاحتفال بالسنة الأمازيغية.. هل هو حق للأحزاب السياسية؟

محمد فارسي*

يشهد هذا الموسم موجة كبيرة للأحزاب السياسية من خلال احتفالها بالسنة الأمازيغية الجديدة 2969، مما خلف ردود عدة من طرف نشطاء و مناضلين في صفوف الحركة الأمازيغية، منها من استقبل هذا المعطى كمكسب للقضية الأمازيغية، و هناك من اعترض و انتقد هذه الخطوة.

عند بروز الحركة الأمازيغية كانت أول معركة لها، أن تقنع الخصوم بالحجج و البراهين العلمية عن حقيقة الأمازيغية و كل ما يدور في فلكها، و خاصة الأحزاب السياسية التي كانت تنفي فكرة الأمازيغية بالبت و المطلق، لكن مع تطور السيرورة النضالية للحركة الأمازيغية، اليوم الكل اقتنع بهذه الحقيقة التي كانت غائبة لعقود، و ذلك بالانخراط في محطاتها التاريخية الموشومة في ذاكرة كل مغربي أمازيغي، مما يعتبر لأي إنسان ناضج أن هذه الحركية التي تسير فيها الأحزاب السياسة بانخراطها في مثل هكذا محطات، تعتبر مكسب للقضية الأمازيغية، و أن هذه الأخيرة لم تعد تبحث عن شرعية لكي تقوي وجودها، بل الكل اقتنع و الكل ينخرط، في أفق تحقيق ما تحمل القضية الأمازيغية في طياتها.

إن الأمازيغية ملكية جماعية و ليست ملكية فردية لجهة أو قبيلة أو حتى شخص معين، فالكل يتمتع بالحق أن يدافع عنها و أن يطورها، و المعركة التي خاضها الملك الأمازيغي ”شيشونغ” و أنتجت على إثرها هذا التقويم الأمازيغي و اتفق عليه أي أمازيغي في شمال إفريقيا، لا يمكن أن نحصره في أي جهة معينة رغم الإستباق للكشف عن تاريخها و تأكيدها بالعلمية، لهذا لا يسعفنا إلا أن نقول، أن الأمازيغية حطمت جميع الحدود التي كانت تمنعها من التطور، ومن كفر في يوم من الأيام نجده اليوم امن.

نحن نعلم أن القضية الأمازيغية تعيش اليوم فراغا تنظيميا منذ النشأة و خطابا لم يتطور و مفاهيم لم تُحَدث، فمن الضروري أن نجد هذه المفارقات من حيث إصدار المواقف أو الاراء المتضاربة حول ظاهرة معينة، إذ لم يعد هناك تمييز بين الانتصار و الخفقان، بين المكسب و الخسارة، و لعل أن إشكالية الحركة الأمازيغية، عدم توضيح نوعيتها، هل هي إصلاحية أم ثورية؟ هذه الضبابية أثرت على ذهنية أي ناشط أو مناضل أمازيغي، و تجعله في مفترق الطرق، يتذبذب في إصدار المواقف و الاراء.

في تحديدنا للحركة الثورية نجدها أنها تلك التي تمتلك نظرية ثورية تؤطرها، موطن اشتغالها هو الشارع، أو بمعنى أخر، التجذر في صفوف الشعب بتأطيرهم و تنويرهم بالمعادلة الصحيحة، و أول أداة لها في تحديد مسارها هي التنظيم الذي يحمل في يده بندقية، لكن في وضعيتنا، أي القضية الأمازيغية، فهي حركة ثورية، صحيح، لكن ثورية على الفكر السائد، ثورية على الفكر الذي يطمس الفكر الأم، فبالرجوع إلى بياناتها و أوراقها منذ النشأة نجد أنها تطالب الدولة، هذا ما ينفي ثوريتها، و هنا المفهوم العلمي للثورة هو قلب البنية الإجتماعية، و ما دون ذلك باطل، أي أن الحركة الأمازيغية هي حركة إصلاحية تطالب أي جهة مسؤولة أو تطالب الدولة في شخص مؤسستها الملكية كما كان في السابق قبل خطاب أجدير.

في هذه المقالة ما نود التأكيد عليه هو وجوب إعادة النظر في الخطاب الأمازيغي و كذلك في عدة مفاهيم التي ترتبط به ، لفهم طبيعة الصراع و تحديد المسلك الذي ستسلكه، لإصدار مواقف صحية، تستجيب للشروط الذاتية و الموضوعية، سواء كان مسلكا ثوريا محضا أو إصلاحيا، أما التواجد بين الاثنين فما هو إلا إشارة على عدم الفهم و الاستيعاب, و هذا الخطير في الأمر، إذ يكبح تطور الأمازيغية في أبعادها الشمولية، و تبقى الأمازيغية في متاهة لتصل لدرجة لن تعرف نفسها.

أما تعليقنا على الأحزاب السياسية بانخراطها في تخليد و الاحتفال بهذه المحطة ما يدل إلا على قوة الخطاب الأمازيغي و شرعيته، و بالإستناد على مبدأ الديمقراطية الذي يغذي الخطاب الأمازيغي، فالكل يتمتع بالحق بالنهوض بالأمازيغية، و في المقابل، ما على الذات الأمازيغية أن تقرأ و تفكر و تعمل بجدية، لأنه كما قلنا سالفا أن الواقع تغير و يجب التغيير معه.

* أستاذ اللغة الأمازيغية

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *