ندّد المكتب الإداري لمنظمة تاماينوت فرع أيت أملول، بـالهجوم السافر من قبل أحد السلفيين، على أيقونة الفن الأمازيغي الموسيقية والشاعرة فاطمة تاباعمرانت في مقطع فيديو على قناته في موقع التواصل الاجتماعي.
وقالت تاماينوت في بيان، إن المدعو (أ.ع ) تجرأ على ذاكرة الموسيقى الأمازيغية وضمنا على الثقافة الأمازيغية في المغرب، مدبجا أحكاما قيمية أخلاقية تستقي رؤيتها من صوت يضيق بالفن وبمختلف مظاهر الحياة والفرح الإنسانيين ومختلف حوامل الذاكرة المغربية في اختلافيتها وتنوعها، متجاوزا الموضوعية اللازمة والمسؤولية في حرية التعبير عن الرأي ومشدودا إلى التجريح الأخلاقي حد الوقاحة”، مضيفة “قول يصدر عن صوت كاسر يتغدى من متخيل الكراهية ونسق الانغلاق ويتحرك في مساحات من قبيل النبش في التاريخ الشخصي لما يعتقده طريدته، موظفا مسالك التدليس والتضليل ومتوشحا أردية السواد الموغلة في نفي المعنى ومحوه”.
وأوضح ذات المصدر، أن “الصوت الكاسر اختار هذه المرة صوت موسيقية بأثر خلاق أسهم في تشكيل الوجدان واضطلع بأدور رئيسة في الحفاظ على الحوامل الفنية للموسيقى الأمازيغية في المغرب، فاطمة شاهو التي استطاعت لعقود أن تجترح للفن الأمازيغي آفاقا رحبة، واستطاع صوتها أن يظفر بصدى خصيب في مختلف مدن وقرى المغرب، فنانة تغنت بالجمال والحياة والحرية والأمل والهوية، وانتصرت للقيم الكونية النبيلة، كان من الحتمي وهي التي ألهمت حواس متلقيها من أجيال المغرب المعاصر مديح الجذور والاعتزاز بالانتماء وبالثقافة واللغة الأمازيغيين والمغرب المتعدد أن يكون صمتها أعز ما يطلب عند الأصوات المفارقة للاجتماع البشري المغربي وخصوصياته الثقافية، وهي تحاول أن تؤسس لمغرب ثقافي على مقاسات خرائط ذاكرة تقارب سؤال الفنون بذهنية التحريم، رؤية سلفية تحاول أن تحد من العنفوان الهادر للثقافة الأمازيغية متوسلة بذلك قولا مبتذلا يتفيأ ظلال الجزم باستحالة إمكان أبدع مما كان ويكرع مختلف تعبيرات الإساءة الشديدة رسوخا في دركات اللامعنى، التصور ذاته الذي كتبت السوسيولوجية المغربية فاطمة المرنيسي أنه لا يستدعي الأجداد إلا ليفتكوا بالفجر وينهشوا الشمس ويحولوا الأحلام إلى هذيانات”.
وأعلن المكتب الإداري والمجلس الإداري لمنظمة تاماينوت فرع أيت ملول عن تضامنه مع “الموسيقية الشامخة حفيدة تيهيا وتنهنان، سليلة المجد الأمازيغي القديم، فاطمة شاهو تاباعمرانت”.
وعبر عن إعتزازه بها “أمازيغية تمارس دورها التنويري والنقدي في خدمة الثقافة الوطنية وقضايا التنوع الثقافي والتعدد اللغوي، نقاسم معها صادق مشاعر التضامن في محنتها، وهي بالكاد تكابر ألم فقدان فلذة كبدها وفداحة غيابها، ونعي أن استهدافها في هذا الوقت بالذات هو ديدن الفكر الكاسر أو اللافكر وبلاهة أفكاره الجاهزة الذي يتحين الفرصة الملائمة للانقضاض على ضحاياه، فكر البلاهة الذي لايدرك أن الارتباط بالجذور من قبل لبؤة الأطلس الصغير، ارتباط وجداني عميق تترجمه مسيرة أربعة عقود من تحديث الموسيقى الأمازيغية وإبداعها، في الوقت ذاته تغفل بلاهة هذا الفكر أن الهوية الثقافية الأمازيغية في حالة هذه السليلة الأطلسية، لها إقامة استثنائية بين الروح والمادة”. وفق ذات البيان.
و “نعي في منظمة تاماينوت فرع أيت ملول وانطلاقا من الديناميات التي نقترحها على المتداول الثقافي وانطلاقا من رهاننا على الانفتاح الثقافي أن استهداف فاطمة تاباعمرانت هو استهداف لجدول من الجداول التي تحمل من المنبع الأمازيغي ومن سجلات الذاكرة قيما إنسانية نبيلة إلى مختلف الطبقات الشعبية، وتسمو بالإنسان ليعيش إنسانيته في الحاضر ويتملك ماضيه ويستشرف مستقبله”. يقول ذات البيان، ويضيف “إننا ندرك أن التحولات التي مست البنيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الثالثية التي عاشت التحديث التقني بهذا القدر أو ذاك، قد أسهمت في ميلاد خطاب ديني جديد، وميلاد شخصية ذات وضعية اعتبارية جديدة في المتداول الاجتماعي تتمثل فيما سماه عبد الله الغدامي بشخصية الفقيه الفضائي، إن التحول الذي مس قنوات تلقي وإنتاج هذا الخطاب من المنبر إلى الشاشة، جعلت الفقه الرقمي فقها مفارقا للأرض ولذاكرة الجماعات الثقافية التي أهالت المعنى عليها وشكلت لوجودها رمزياته الخاصة، وهو ما تمت مراعاته من قبل الفقه المشدود إلى معيش الناس والناظر في حاجاتهم والمنتبه إلى مقام تداوله وأحوال مخاطبيه”.
واعتبرت أن ” الخطاب ذاته نصب نفسه نقيضا لكل الممارسات الثقافية المحلية وللمغرب الثقافي، لكنه مع ذلك لم ينفصل عنها فقد حضن بعض أمشاجها، لقد بات أصحابه يقدمون فرجة مؤسسة على خطاب الانفعال ومعتمدة السخرية وجالبة لرأسمال مادي، أكثر مما يقدمون خطابا معرفيا رصينا حول ممارسات ثقافية تاريخية، لذلك كان من الطبعي أن يكون هذا الخطاب موضوعا للتنكيت و الفرجة”.
وزاد ذات المصدر “ينبغي دوما أن نستعيد ما قاله التوسير عن الخطاب ونحن نتأمل خطابات فقهاء رقميين من قبيل (أ. ع)، يمارسون مختلف أشكال التدليس والتضليل إزاء الأصوات المثقفة والتصورات النقدية، والتحريم إزاء ممارسات ثقافية من قبيل إيض إيناير والروايس وتماوايت والسقير وتقرفيت و غيرها من الممارسات التي تضطلع بوظائف نفسية واجتماعية كممارسات رمزية تسهم في لحمة المجتمعات ، إنه خطاب غير بريء، خطاب له أساسه الاجتماعي، وتفكيك ما يتعيش عليه من فكر خرافي يستلزم وجود حوامل اجتماعية كالمقرارات التربوية يمكن أن تضطلع بدور مركزي في تمكين المجتمع من القيم الكونية النبيلة والفكر النقدي ، والإيمان بالحق في ثروات الذاكرة وبتعددية الثقافة المغربية التي تعتبر مصدرا لبناء إنسان منفتح على كل الثقافات مجابه لنزعات التطرف وما يتصل بها من نزوعات العنف والهيمنة”.
وقال المكتب الإداري لمنظمة تاماينوت فرع أيت أملول، إن “الانشغال الكبير والهائل بهذا الخطاب من قبل المجتمع ناتج عن أعطاب عديدة وتنشئة ثقافية تحتاج إلى تفكيك دائم، إن بعض السواد لا ينبغي أن ينسينا إشراق الإسهامات التي تسدي خدمات جليلة للثقافة المغربية من أنطولوجيات للروايس والعيطة وأعمال علمية وأكاديمية حول التاريخ والثقافة المغربية والأمازيغية وأعمال مسرحية وسينيمائية وموسيقية حول هذه الثقافة ، إنها الجديرة بأن تكون موضوعا وحدثا جديرا بالاحتفاء والتقاسم والتداول الإعلامي والاستثمار التربوي في المدرسة المغربية.
وناشدت منظمة تاماينوت “مختلف الفنانين والفنانات والمبدعين والمبدعات والفاعلين الثقافيين وكل منتجي الفنون وحراس المعنى إلى التأييد العلني للقيم الكونية النبيلة والفن، وإلى نقد مختلف مسالك الإساءة إلى الفنانين والفنانات ومسالك استهداف الوضع الاعتباري للفنان في المجتمع، بما هو مناعة المغرب المتعدد لتعزيز العيش المشترك والرقي بالذوق الفردي والجماعي ضد قيم الكراهية والانغلاق”.
اوصي بالمتابعة القضائية لمثل هؤلاء ليكون عبرة للجميع