اتهم رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى بممارسة ”التمييز العنصري” ضد الأمازيغية، معتبرا أن ذلك يعد “انتهاكا صارخا، يتنافى أولا مع التوجيهات الملكية، ثانيا، مع مقتضيات الدستور الحالي، وكذا القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وردا على المؤتمر الصحفي الأخير للوزير شكيب بنموسى، والذي أعلن فيه عن استمرار توظيف 400 أساتذة لتدريس الأمازيغية، قال الراخا في رسالته أن “لقد نظمتم للتو مؤتمرا صحفيا، وأعلنتم أن وزارتكم ستوظف 400 مدرس للغة الأمازيغية فقط، مثلما حدث في 6 شتنبر من العام الماضي، في استمرار للسياسة التمييزية الكارثية لحكومة حزب العدالة والتنمية السابقة ووزير القطاع آنذاك سعيد أمزازي العضو في حزب الحركة الشعبية! إنكم بذلك تتعارضون مع الإرادة السياسية لرئيس حكومتكم، أمغار عزيز أخنوش. الذي مافتئ يصر، في كل مرة، على ضرورة النهوض بالأمازيغية، والتي خصص لها ميزانيات سنوية كبيرة “.
في ما يلي نص الرسالة كاملا:
السيد شكيب بنموسى
وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة
الموضوع: إن إصلاحكم للسياسة التعليمية من أجل تعميم اللغة الأمازيغية “الرسمية” و”الأصلية” يتعارض مع الإرادة الملكية وتوصيات الأمم المتحدة واليونسكو والبنك الدولي. لماذا ؟
السيد الوزير،
يؤسفني أن أسائلكم، للمرة الألف، حول الفشل المدوي واللافت للنظر لإصلاحكم المتعلق بالسياسة التربوية بخصوص تعميم تدريس اللغة الامازيغية، رغم أنها رسمية وأصلية، في التعليم الابتدائي وكذا عنادكم وإصراركم على إقصائها نهائيا من التعليم ما قبل المدرسي(1) ولأبناء المغاربة المقيمين بالخارج(2).
لقد نظمتم للتو مؤتمرا صحفيا، وأعلنتم أن وزارتكم ستوظف 400 مدرس للغة الأمازيغية فقط، مثلما حدث في 6 شتنبر من العام الماضي، في استمرار للسياسة التمييزية الكارثية لحكومة حزب العدالة والتنمية السابقة ووزير القطاع آنذاك سعيد أمزازي العضو في حزب الحركة الشعبية! إنكم بذلك تتعارضون مع الإرادة السياسية لرئيس حكومتكم، أمغار عزيز أخنوش. الذي مافتئ يصر، في كل مرة، على ضرورة النهوض بالأمازيغية، والتي خصص لها ميزانيات سنوية كبيرة (3).
وللأسف الشديد، يبدو واضحا أن نيتكم في تعميم اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية ليست في المحصلة سوى خدعة! إذ كيف يمكن تحقيق هذا الهدف بالاعتماد على 400 مدرس سنويا فقط! وإذا لم يكن في استطاعة موظفيك إجراء عمليات حسابية بسيطة، فلنقم بذلك معًا. في البداية، دعونا نتذكر ما قلتموه في الندوة الصحفية التي نظمتموها في الأول من يونيو. لقد أكدتم: “أن هناك 1.066 مدرسة ابتدائية تقوم حاليا بتدريس اللغة الأمازيغية لفائدة 330 ألف تلميذ. هدفنا هو الوصول، بحلول عام 2030، إلى 12 ألف مؤسسة قادرة على تدريس اللغة الأمازيغية، أي حوالي 4 ملايين تلميذ. لقد رسمنا مسارًا لتحقيق هذه الأرقام ونأمل أن نحقق أهدافنا بحلول عام 2026″! ولتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية، فإن لجنة التقرير الدوري السادس للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التابع للأمم المتحدة، الصادر في 1 ديسمبر 2016، حددت عددهم بحوالي 100 ألف مدرس، في حين أنكم، خلال لقاء نظمه حزبكم السياسي، التجمع الوطني للأحرار، في أكتوبر 2021 بمدينة الناظور، اقترحتم أن هناك حاجة إلى 17 ألف مدرس لتعميم هذا التدريس، بمعدل مدرس واحد لكل 8 فصول! وأخذا بعين الاعتبار هذا الرقم الضئيل فقط، ووفقا لتحليلكم، سيتعين علينا لتحقيق هذا الهدف، الانتظار 42 سنة لتحقيق تعميم الأمازيغية آنِف الذكر، وبالكاد على مستوى التعليم الابتدائي، و لـ 4 ملايين تلميذ فقط، بينما سيتجاوز عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية، في عام 2065، العشرة ملايين!!!؟؟؟
وبخصوص هذا الموضوع، أتيحت لنا الفرصة لتخصيص المنتدى الوطني الثاني لأمازيغ المغرب، الذي نظم بمدينة خنيفرة أيام 2 و3 و4 يونيو 2023/2973 من قبل منظمتنا غير الحكومية، التجمع العالمي الأمازيغي، بالتعاون مع جمعية مدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية بجهة مكناس-فاس، وجريدة “العالم الامازيغي” وجمعية “أيادينا”، وبدعم من مؤسسة، الألمانية فريدريش ناومان من أجل الحرية ، حيث أصدرنا توصيات مهمة، تم تقديمها إلى مكتب الضبط بوزارتكم في 12 يونيو، حيث طُلب منكم بالقيام على الأقل: “بإعادة النظر في عدد المدرسين المتخصصين في اللغة الأمازيغية من خلال زيادته بـ 400 منصب سنويا ليصل إلى 4000 منصب سنويا لتسريع وتيرة عملية التعميم “، المتعلقة بالتحسين النوعي للممارسة التربوية لتدريس/تعلم الأمازيغية بالمغرب (4).
وهنا اسمحوا لي أن أعترف لكم بأنكم تركتمونا في حيرة من أمرنا، بسبب اللامبالاة والبرودة التي تعاملتم بها مع توصياتنا المشروعة وعدم احترام حقوقنا الدستورية!
وليكن في علمكم أنه مع إصراركم على الاستمرار في استبعاد اللغة الأمازيغية، التي أضحت رسمية منذ عام 2011، من مرحلة التعليم الأولي، ولأبناء المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج واقتصار تدريسها على أقل من 10 ٪ من التلاميذ في فصول السلك الابتدائي، فتأكدوا أن عدد الأطفال الذين يغادرون المدرسة سيستمر في تجاوز 330 ألف تلميذ سنويًا، ولن يتحسن معدل الهدر المدرسي، ولا النسبة المئوية لأولئك الذين يكتسبون المهارات الأساسية للقراءة والكتابة… وأن إصلاحكم التربوي محكوم عليه بالفشل التام، كما كان الحال بالنسبة “للبرنامج الاستعجالي” للوزير الأسبق أحمد أخشيشن من حزب الأصالة والمعاصرة، ، والذي ظل “يتجرجر” في ردهات العديد من المحاكم!
وأذكركم أن هوسكم بـ”التمييز العنصري” ضد الأمازيغية يعد انتهاكا صارخا، يتنافى أولا مع التوجيهات الملكية، ثانيا، مع مقتضيات الدستور الحالي، الصادر في 1 يوليو 2011، وتخرقون بشكل سافر مضامين ديباجته التي تنص على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”، وكذا مقتضيات المادة الخامسة التي تؤكد على أن: “…تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء…”، والقانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلسيْ البرلمان سنة 2019 (الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 121-19-1، في 12 من محرم 1441 /12 سبتمبر 2019).
وبالإضافة إلى ذلك، فإن موقفكم غير المفهوم وغير المقبول المتمثل في الحيلولة دون تعزيز اللغة والهوية الأمازيغيتين يتعارض مع توصيات الأمم المتحدة، بما في ذلك تلك التي أعربت عنها لجنة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في أكتوبر 2015 (5)، من قبل لجنة التقرير الدوري السادس للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في فاتح ديسمبر 2016 ، وتوصيات المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكُره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصُّب، والتي أعدتها السيدة تنداي أشيوم بناء على دعوة وجهتها إليها المملكة المغربية في ديسمبر 2018 (6). دون أن ننسى أنكم تنتهجون سياسة مناهضة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989م، التي أكدت المادة 7 منها على أن للطفل الحق في التعليم منذ الطفولة المبكرة، كما نصت المادة 8 منها على أن: “تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته…” وكذا التوصيات النبيلة لليونسكو وعقدها الدولي للغات الأصلية 2022-2032(7)، وكذلك النصائح العملية للبنك الدولي، التي تؤكد على الأهمية القصوى للغة الأم في تعليم الأطفال (7) .
وفي الأخير، آمل أن تجد رسالة المساءلة والاحتجاج هذه صدى لديكم، وليكن مرة واحدة على الأقل، مع تذكيركم بأنكم لم تعودوا وزيراً للداخلية، بل وزيراً للتربية الوطنية! واسمحوا لي بالمناسبة أن استشهد بفكرة للكاتب الفرنسي الكبير فيكتور هوغو، الذي قال «من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن»، كل هذا لنقول لكم إنه ليس من الطبيعي على الإطلاق أن تقوم الشرطة المغربية بتوظيف 6637 رجل امن هذه السنة، بينما ترغبون أنتم في توظيف 400 مدرس للغة الأمازيغية فقط، في حين أن الفرنسية والإنجليزية اليوم، رغم أنهما ليستا لغتين رسميتين وفق دستورنا، تتوفران على عشرات الآلاف من المدرسين!
وتفضلوا، السيد الوزير، بقبول تحياتي الخالصة.
رشيد الراخا
أمغار التجمع العالمي الأمازيغي
نسخ موجهة الى:
– السيد أمغار عزيز أخنوش، رئيس حكومة المملكة المغربية
– صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل
– السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)
– السيد م. جيسكو هنتشِل، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الدول المغاربية ومالطا
– السيدة ناتالي فوستير ، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المغرب
– السيدة باتريشيا بيلار لومبارت كوساك، سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب،
هوامش:
(2)- https://madar21.com/174264.html
(3)- https://youtu.be/nPpGzaqs0nY