يتمادى عدد من المعلقين الرياضيين والمحللين والإعلاميين عبر مجموعة من القنوات الدولية، والشرق أوسطية بالخصوص، في التعريب القسري لمنتخبات شمال إفريقيا المشاركة في كأس أمم إفريقية الجارية بدولة الكاميرون ووصفها بـ “المنتخبات العربية”.
ولا يجد عدد من الإعلاميين والمحللين الرياضيين غضاضة في تكرار مصطلحات عرقية، عنصرية وإقصائية تختزل منتخبات شمال إفريقيا في بوتقة “العروبة” العرقية، من خلال وصفها بالمنتخبات “العربية” والتمادي المستفز في الحديث عن “الوطن العربي” المزعوم من “المحيط إلى الخليج” و”الشعوب العربية” في إقصاء وتجاهل تام للواقع الجغرافي والتاريخي للشعوب المغاربية، وضرب بعرض الحائط الدستور المغربي والجزائري الذي يقر برسمية الأمازيغية إلى جانب العربية والاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي للبلدين.
تقتضي الموضوعية والنزاهة الفكرية والحياد الإعلامي احترام الواقع الجغرافي والتاريخي والعلمي وقوانين بلدان شمال إفريقيا ودساتيرها واحترام التنوع اللغوي والثقافي وفسيفساء الشعوب المغاربية والهوية الأمازيغية الأكثر عراقة والضاربة في عمق التاريخ.
وبينما يُقر الدستور المغربي والجزائري بالعربية والأمازيغية و بتعدد المكونات الثقافية واللغوية للبلدين، واستمرار الحراك الأمازيغي الليبي في المطالبة بالاعتراف الرسمي بالأمازيغية وانبعات الحراك الهوياتي الأمازيغي في تونس، يعمل عدد من الإعلاميين والمعلقين والمحللين الرياضيين في القنوات الدولية على تكرار بشكل مستفز ومبالغ لعبارات عنصرية وعرقية تختزل هوية بلدان المنطقة في مكون “العروبة الخالصة”، في تزوير فاضح وغير أخلاقي للواقع وللتاريخ وللحضارة والثقافة والهوية الأمازيغية المغاربية وللأبحاث العلمية والاكتشافات الأركيولوجية خدمة للأيدولوجية “التعريب”.
فإن كانت إفريقيا هي مهد البشرية، بعد أن اكتشف علماء الآثار بقايا أقدم إنسان عاقل في أدرار “إيغود” بالمغرب، والذي يعود إلى 300 ألف سنة، واكتشاف 32 قطعة من الأصداف البحرية استُعملت حلياً بمغارة بيزمون، الصويرة، في مستويات أركيولوجية ما بين 140 و150 ألف سنة، واكتشاف قطعا أثرية في كهف قرب مدينة تمارة، الرباط، يعود تاريخها إلى ما قبل 120 ألف عام.. وغيرها من الاكتشافات العلمية التي تدحض كل هذه المزاعم وسياسة الأدلجة التي يمارسها الإعلاميون والقنوات الدولية اتجاه المنطقة وشعوبها ومحاولتهم المستمرة في الصاقهم بالشرق الأوسط وبـ “العرق العربي الخالص”.
وإذ نؤكد أن المغرب ومصر وتونس المتأهلين إلى دور ربع النهائي، ليسوا عربا ولا يمثلون العرب، إنما منتخبات إفريقية تمثل الشعوب الإفريقية في تظاهرة إفريقية تقام فوق الأراضي الإفريقية، ولا علاقة لها بعرب المشرق وشعوبها، فإننا ندعو مجددا إلى تغيير هذه المفاهيم والمصطلحات العرقية والعنصرية والكف عن المحاولات البئيسة التي تسعى إلى تذويب حضارة وثقافات ولغات الشعوب المغاربية في بوتقة “العروبة الخالصة” وضرب عرض الحائط بمبادئ الرياضة التي تقرب الشعوب.
رئيس التجمع العالمي الأمازيغي
رشيد الراخا