بعد بضعة أيام من الحجر الصحي، أود أن أسجل بعض الارتسامات حول مسائل تبدو لي ذات دلالة قوية وتستحق التحية والتنويه:
المسألة الأولى: تهم الوحدة الوطنية التي تحققت، بفعل التفعيل الحقيقي لواجب التضامن والتآزر والالتزام بأساليب الحماية الاجتماعية والوقاية من الأوبئة حول واجب التضامن والتآزر والالتزام بأساليب الحماية الاجتماعية والوقاية، لما تكون البلاد مهددة بمصائب أو تواجه تحديات تقتضي الانضباط الجدي والمسؤول. ويعد هذا من شيم المغرب والمغاربة، الذين يلتحمون فيما بينهم كلما شعروا بأن هناك تهديد لأمن الوطن وأمن المواطنين. مما يستدعي التحية و التنويه.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بتحمل التباعد الاجتماعي واستحمال البعد عن الأصدقاء والأهل، بحيث تفاعل المواطنون بتلقائية، وتقبل الجميع للتمارين سريعة والتأقلم، بصدر رحب، والتفاعل بشكل فعال مع كل مستجد. وهو شيء ايجابي علينا أن نحييه كذلك ونسجله.
المسالة الثالثة مرتبطة بروح الإبداع والخلق، بابتكار مختلف أشكال التضامن، عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن بعد، والتنسيق لنشر التضامن داخل الأحياء، وإعمال الهواتف داخل المنازل، واستغلال آليات التواصل الحديثة لإرسال رسائل تضامنية والتعبئة وتجنيد القوى ومساعدة المحتاجين، والدعوة إلى التزام البيوت واحترام التعليمات.. وهي مبادرات تنم عن حس وطني عالي.
المسألة الرابعة، هي تحية لمبادرة فنية وتظاهرية خلاقة من شرفات المنازل ونوافذها، في حوار وتناغم بين الجيران، ولو تباعدوا، للتعبير عن التضامن، بإخراج الأعلام الوطنية، وترديد النشيد الوطني، وفي كل هذا رمزية ودلالة قوية للرفع من المعنويات، وتوجيه الشكر لكل العاملين من أجل ضمان استمرارية الخدمة العمومية، وبالخصوص، الأطقم الطبية والشبه الطبية والتقنية، ولكل العاملين المتواجدين في واجهة المعركة ولكل المتدخلين من قوات مسلحة وقوات الأمن والدرك والقوات المساعدة والوقاية، ولكل المجندين من أجل ضمان وتوفير التزويد بالحاجيات الأولية… فيتم إشعال الأضواء وإضاءة أنوار الهواتف ليلا، وهو شيء مهم للتعبير عن عمق الوعي بحساسية الظرف، وتعبير عن نور الأمل، وعن قرب انجلاء الليل وانبعاث الأمل في الحياة، وتحدي للقدر، بحلوه ومره، من أجل شحد الهمم والعزائم بهدف تجاوز هذه الأزمة الصحية، في ظروف صعبة يطبعها الالتزام والانضباط.
وعلى هذه الشعلة أن تستمر، باستمرار التعبئة لربح رهان الصحة العامة، وخلق تلاحم أكبر بين أبناء هذا الوطن، لكي لا يبقى هناك مواطن مغربي خارج عن هذا الالتحام والإجماع الوطني، في مواجهة الشدائد، والالتزام بالبيوت والانضباط للتدابير الوقائية والاحترازية لمنع انتشار الوباء والمحافظة على التعبئة المدنية المسؤولة، لكي لا تضطر الدولة إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة وقساوة.
وأن التصرفات الطائشة لبعض المتهورين الذين يستصغرون هذه التعبئة الوطنية القوية لن تزيد الشعب المغربي إلا إصرارا ومناعة، لأن الخروج عن الإجماع وعن روح الانضباط، بدوافع لا تخفى على أحد، هو تهديد لمصالح البلاد.
وأن من يقومون بذلك في موقع العصيان، هم يضعون أنفسهم في موقع التحدي لإرادة وإصرار شعب بكامله، على احترام الإجراءات المشروعة التي اتخذتها الدولة من أجل حماية هذا الشعب.
وأن كل خروج عن هذه القاعدة أو التظاهر أو التعبير عن تذمر ما، هو أمر في غير محله، وخروج عن الصواب واستصغار للمغاربة الذين عبروا عن التحامهم وتماسكهم في مواجهة الصعاب والشدائد. وهو تهديد سافر لأمن وسلامة هذا الوطن العزيز.
عبد اللطيف أعمو