أعرب المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن “خيبة أمله بخصوص مشروع القانون المالي الحالي بالنظر إلى افتقاده للرؤية السياسية ولعجزه عن التجاوب مع الانتظارات المختلفة”.
وعبر المكتب السياسي لرفاق نبيل بنعبد الله، بعد ” تقييم اللقاء الدراسي الذي نظمته المجموعة النيابية للحزب بمجلس النواب حول مشروع القانون المالي لسنة 2020، يوم أول أمس الأربعاء 34 أكتوبر، عن “خيبة أمله الشديدة بخصوص المشروع في شموليته، بالنظر إلى أن بناءه العام لم يتأسس على أي مدخل سياسي إصلاحي، كما أنه لا يـنم عن رؤية إستراتيجية ومقدامة للحكومة، ويفتقد إلى الهوية الاجتماعية والاقتصادية الممـيـزة، بالإضافة إلى كونه عجز عن التجاوب مع التطلعات التي تحبل بها المرحلة، لاسيما بعد التعديل الحكومي الواسع الذي كان من المتعين أن يحمل معه قيمة مضافة للأداء الحكومي”.
ونوه الحزب “بالنجاح السياسي الكبير” الذي حققه اللقاء الدراسي الذي نظمته المجموعة النيابية” مشيرا إلى أن خلاصته تـجسـد “أرضية ملائمة لتعديلات سيتقدم بها برلمانيات وبرلمانيو الحزب، بغاية الترافع حول ضرورة تحسين مضامين ومقتضيات مشروع قانون المالية المعروض على المؤسسة التشريعية، وذلك من موقع المعارضة الوطنية الديمقراطية التقدمية، البناءة والمسؤولة”. على حد قوله.
ورغم تسجيله أن مشروع القانون المالي الحالي يتضمن بعض الإجراءات والتدابير المقبولة على العموم، إلا أن المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية تأسف “لكون مشروع قانون المالية لسنة 2020 بعيدا تماما عن قدرته على أن يؤسس لتوجهات جديدة، أو أن يجسد ولو جزء يسيرا من عناصر الجواب على الأسئلة الجوهرية التي تطرحها مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، ومن بينها سؤال النمو الاقتصادي، وسؤال التوزيع العادل للثروات مجاليا واجتماعيا، وسؤال الثقة المجتمعية والمؤسساتية”. وفق تعبيره
وعبّر التقدم والاشتراكية عن “رفضه التام لما جاءت به الحكومة من عدم إمكانية خضوع أموال وممتلكات الدولة للحجز بغاية إجبارها على تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضدها
وعبر المكتب السياسي للحزب، عن “رفضه التام لما تضمنه مشروع القانون المالي من تنصيص صريح على عدم إمكانية خضوع أموال وممتلكات الدولة، بأي حال من الأحوال، للحجز، بغاية إجبارها على أداء ما في ذمتها تجاه دائنيها بعد صدور حكم قضائي نهائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به”.
وطالب الحكومة بحذف “هذا المقتضى غير العادل، بالنظر إلى مخالفته الصريحة لمبدأ المساواة في كنف دولة الحق والقانون، ولقاعدة خضوع الجميع لأحكام القضاء، وكذا بالنظر إلى تناقضه مع الفلسفة الحقوقية الصريحة التي تأسس عليها دستور سنة 2011، نصا وروحا”.
من جهته، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله إن الحزب “لن يتعاطى مع مشروع قانون المالية وفق مقاربة عدمية وسلبية”.
وأوضح بنعبد الله خلال اليوم الدراسي الذي نظمته المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب حول “مشروع قانون المالية لسنة 2020” إن مشروع قانون المالية “يأتي في غياب أي برنامج أو تصريح حكومي يؤطر عمل الحكومة في صيغتها الثانية، أو يعطي إشارات حول التوجه العام الذي ستسلكه “.
من جانبها، أكدت رئيسة المجموعة النيابية للحزب النائبة عائشة الأبلق أن هذا اليوم الدراسي ينعقد في سياق خاص بعد خروج الحزب من الحكومة إلى صفوف المعارضة، معتبرة أن قانون المالية ليس مسألة تقنية أو مسألة توازنات مالية، بقدر ما هو أداة تدخل الدولة لمعالجة وتوجيه الاقتصاد بما يخدم العدالة الاجتماعية والتنمية المنشودة.
وقالت إن “القانون المالي ليس مسألة تقنية أو مسألة توازنات مالية، بقدر ما هو أداة تدخل الدولة لمعالجة وتوجيه الاقتصاد بما يخدم العدالة الاجتماعية”.
وتساءلت الأبلق في هذا السياق عن مدى استجابة المقتضيات والمضامين والإجراءات التي يتضمنها مشروع قانون المالية 2020 للطلب الاجتماعي المتنامي المتعلق على الخصوص بمسائل البطالة والتشغيل والخدمات العمومية الضرورية وفك العزلة عن العالم القروي.
وأكد عبد اللطيف أوعمو، من جهته، أن مشروع قانون المالية الجديد “لا يتضمن أي إجراء إيجابي يهم تخفيض الضريبة على الدخل أو إعفاء التعويضات ذات الطابع الاجتماعي حيث لا تزال الاقتطاعات الضريبية بالنسبة للناتج الداخلي مرتفعة جدا مقارنة مع معدل الدول المجاورة”.
وشدّد المستشار البرلماني على ضرورة الإصلاح الجبائي عبر تنزيل القانون-الإطار وتصحيح القانون التنظيمي للمالية، وتنفيذ توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات.” مبرزا أن ” البنية المالية للميزانية لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر منذ عدة سنوات، مما جعلها لا تخرج عن سياقها المعتاد”.
و أبرز أوعمو في كلمته، خلال اليوم الدراسي، على أن استمرار “تعقيد الأجواء السياسية وتأزيمها بسبب التناطحات والتجاذبات والحروب الجانبية بين مكونات الحكومة الحالية والتسابق نحو مراكز التأثير السياسي تجعل البنية المالية العمومية غير قادرة على تحقيق فعالية الطابع الاجتماعي المعلن عنه لمشروع الميزانية”.
ويرى المستشار البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية أن القانون المالي الجديد،”كرس للامساواة واللاعدالة، خصوصا وأنه نص على حصانة ممتلكات الدولة، وهو أمر يقدم الدولة على أنها ليس دولة قانون بل “طاغية”، فضلا عن إعفاء مهربي الأموال من النتابعة مقابل استرجاعها، فيما يتم بالمقابل الزيادة في الضرائب ذات الطابع الوطني والمحلي وتشديدها على باقي الفئات الاجتماعية”.
من جانبه، قال عبد الواحد سهيل عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إن “الحكومة الحالية وضعت مشروع القانون المالي الجديد، دون وضعه في هذا الإطار السياسي ودون أي إشارة أو ربط بما تم الإقرار به من فشل في النموذج التنموي الجديد، فضلا عن كون الحكومة الحالية لم تقدم أي مشروع جديد ولم تكلف حتى بمراجعة النموذج التنموي أو بلورة آخر جديد، واكتفت بوضع قانون مالي لا يراعي السياقات الجارية، خصوصا، وأن الحكومة مقلصة ومعظم وزراءها غير منتمين لأي حزب سياسي من أحزاب الأغلبية البرلمانية، وغير مسؤولين سياسيا ولا علاقة لهم بالاقتراع العام”.
واعتبر الخبير الاقتصادي، محمد الشيكر، أن المشروع الحالي لقانون المالية يحمل مجموعة من التناقضات، مشيرا إلى أن ” مشروع القانون الجديد يرى على أن النشاط الاقتصادي يبقى إيجابيا بشكل عام، في الوقت الذي يعاني فيه هذا النشاط في الواقع، وهو ما أثبته الحكومة نفسها ومختلف الباحثين الذين يدعون اليوم إلى نموذج تنموي جديد”.