رسمت منظمة العفو الدولية صورة سوداء لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب في تقريرها لسنة 2015- 2016، وأوردت أمنستي أن السلطات المغربية فرضت قيوداً على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، حيث قامت بإلقاء القبض على منتقديها وملاحقتهم قضائياً ومضايقة جماعات حقوق الإنسان وتفريق الاحتجاجات بالقوة.
وأشارت أمنستي كذلك إلى الأنباء الواردة عن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والمحاكمات الجائرة. والتمييز الذي يواجه النساء، والقُبض على مهاجرين وطالبي لجوء تعسفاً، وتعرضهم لاستخدام القوة غير الضرورية والمفرطة. ومواصلة المحاكم فرض أحكام الإعدام رغم أنها لم تُنفذ أية عمليات إعدام.
وأورد تقرير منظمة العفو الدولية فيما يخص حرية التعبير، قضية محاكمة السلطات لصحفيين رأت أنهم أهانوا شخصيات عامة ومؤسسات الدولة وسجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان، وأدانت بعضهم بتُهم حق عام، يبدو أنها ملفقة، واستمرت السلطات في تضييق الخناق على دعاة حقوق الإنسان والناشطين والفنانين، وأخضعت بعضهم للمقاضاة وتقييد حرية التنقل. هذا إلى جانب منع السلطات عدة مدافعين عن حقوق الإنسان من مغادرة المغرب لحضور فعاليات خارج البلاد، وأخضعتهم للاستجواب. بالإضافة لحظر السلطات فعاليات ثقافية، منها عرض مسرحية للجمهور العام حول المهاجرين الأفارقة في المغرب.
وفيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها أورد تقرير أمنستي أن الهيئات التي انتقدت سجل الحكومة في مضمار حقوق الإنسان تعرضت للمضايقات من جانب السلطات، التي منعتها من تنظيم فعالياتها الجماهيرية المشروعة واجتماعاتها الداخلية، وغالباً ما كان يتم ذلك بصورة غير رسمية عبر تحذيرات شفوية، أو باستخدام قوات الأمن لسد السبل أمام من يريدون الوصول إلى أماكن الفعاليات. كما أنها وضعت قيوداً على الأنشطة البحثية من جانب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، ومنها منظمة العفو الدولية و”منظمة هيومن رايتس ووتش” و”المعهد الدولي للعمل اللاعنفي” (نوفاكت).
وبخصوص حرية التجمع أورد تقرير العفو الدولية أن قوات الأمن قامت بفض احتجاجات نظمها مدافعون عن حقوق الإنسان وناشطون سياسيون وخريجون عاطلون عن العمل وطلاب، باستخدام القوة أحياناً. وتم إلقاء القبض على بعض المحتجين وتغريمهم وسجنهم.
وأشار ذات التقرير إلى ما اعتبره القمع الذي يطال ما أسماه المعارضة والنشطاء الصحراويون، ولكنه بالمقابل أشار إلى حصول “الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية” على التسجيل الرسمي بعد 10 سنوات من تقديم طلبها الأول إلى السلطات، مع أنه لم يتم رفع القيود المفروضة على أنشطتها.
وفي قضية التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أكد تقرير منظمة العفو الدولية أن السلطات المغربية لم تضمن توفير الحماية الكافية للموقوفين والسجناء من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. ولم تقم السلطات، على وجه الخصوص، بإجراء تحقيقات عاجلة في مزاعم التعذيب أو ضمان مساءلة مرتكبيه.
وفيما يرتبط بالأمن ومكافحة الإرهاب أوردت منظمة العفو الدولية أن السلطات المغربية اعتقلت يونس شكوري، وهو معتقل سابق في مركز الاعتقال التابع للولايات المتحدة في خليج غوانتنامو، فور عودته إلى المغرب في سبتمبر/أيلول، واستجوبته بشأن تهم ذات صلة بالإرهاب. وفي مايو/أيار، أقرت الحكومة قانوناً جديداً يجعل من انضمام المغاربة إلى جماعة إرهابية خارج البلاد جرماً جنائياً يعاقب عليه بالسجن 10 سنوات. وضاعف التعديل من الجوانب الإشكالية في التشريع الحالي لمكافحة الإرهاب، الذي يتضمن نصاً يسمح بالتوقيف للنظر قبل المحاكمة لمدة 12 يوماً، وبتأخير إمكانية الاتصال بمحام، ليضيف مفهوماً غامضاً لجريمة “الإشادة بالإرهاب” التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
وفي قضية الإفلات من العقاب أشارت منظمة العفو الدولية إلى استمرار حرمان ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت بين عامي 1956 و1999 من العدالة، ولم تنفذ السلطات التوصيات التي قدمتها “هيئة الإنصاف
والمصالحة”، التي فحصت انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة ما بين 1956 و1999، ومنها وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإفلات من العقاب.
وفي مجال حقوق المرأة أكدت تقرير “أمنستي” أن المرأة واجهت التمييز في القانون والممارسة العملية، ولم تتمتع بالحماية الكافية من العنف الجنسي، وغيره من أشكال العنف.
وبالمقابل أشارت المنظمة الحقوقية الدولية إلى طلب الملك من الحكومة إعادة النظر في القوانين المغربية المقيِّدة للإجهاض. وتوسيع نطاق السماح بالإجهاض ليشمل من تتعرض صحتهن للخطر بسبب تشوه الجنين، أو من يحملن نتيجة الاغتصاب أو سفاح القربى؛ قبل أن تنشر السلطات مسودة القانون بحلول نهاية العام.
وأشار تقرير “أمنستي” كذلك إلى قضية فتاتي إنزكان وأورد أن السلطات وجهت إلى امرأتين الاتهام بالإخلال بالآداب العامة، لارتدائهن تنورتين قصيرتين، على ما يبدو. وأسقطت عنهما التهم عقب احتجاجات غاضبة واسعة النطاق على الصعيدين الوطني والدولي.
ونوهت أمنستي إلى عدم إحراز الحكومة لأي تقدم نحو إقرار مشروع قانون أُعلن عنه في عام 2013، يجرِّم العنف ضد النساء والأطفال.
تقرير أمنستي أورد كذلك الخروقات التي تطال حقوق المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية الثنائية والمتحولين جنسياً ومزدوجي النوع.
هذا بالإضافة إلى الخروقات التي تطال حقوق اللاجئين والمهاجرين، حيث أوردت أمنستي أن المهاجرون وطالبو اللجوء من دول جنوب الصحراء الأفريقية واجهوا الاعتقال، وزعموا أن سلطات الحدود المغربية والأسبانية استخدمت ضدهم القوة غير الضرورية والمفرطة لمنعهم من دخول أسبانيا. وسمحت السلطات المغربية، بناء على إجراءات تعسفية، بإعادة بعض المهاجرين الذين دخلوا الأراضي الأسبانية بصورة غير شرعية (انظر باب أسبانيا).
وفيما يخص مخيمات البوليساريو أورد تقرير منظمة العفو الدولية أن “جبهة البوليساريو” تقاعست مجدداً عن اتخاذ أي خطوات لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في المخيمات الخاضعة لسيطرتها.
وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام أشار تقرير العفو الدولية إلى أن المحاكم المغربية أصدرت أحكاماً بالإعدام؛ ولم تُنفذ أية عمليات إعدام منذ 1993.
هذا وغابت لمرة أخرى عن التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية أي إشارة للخروقات التي تطال حقوق الأمازيغ.
أمدال بريس/ ساعيد الفرواح