التنزيل الامثل لقانون حالة الطوارئ الصحية المحاماة، الصحافة ودولة الحق والقانون

محمد امغار*

ورد في العديد من الاعمدة والتدوينات من بعض الاخوة الصحافيين مامفاده ان المحامين رفضوا تطبيق قانون حالة الطوارئ الصحية الشيء الذي يستدعي توضيح بعض النقط الحقوقية والقانونية للجميع لكي تتضح الرؤيا ونسعى جميعا الى التنزيل الأمثل لمرسوم قانون رقم 292_20_2 المنظم لحالة الطوارئ الصحية و إجراءاتها، لذلك فان اول ملاحظة يمكن ابداءها هو ان هذا القانون اسس على مبادى قانونية وحقوقية منصوص عليها في المواد 21 و24 و 81 من الدستور وكذلك المبادئ المنصوص عليها في اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لسنة 2005، هذه المبادئ التي تسعى الى الحفاظ على حقوق الاشخاص والجماعات من جهة وحماية الصحة العامة من جهة تانية، وقد كان مشرع مرسوم قانون حالة الطوارى الصحية المغربي موفقا في ضمان هذا التوازن في هذا النص التشريعي، كما هو واضح من المادة الثالتة من نفس القانون، والذي اعطى الصلاحية للسلطة العامة في اتخاد كافة التدابير الرامية الى حماية الصحة العامة بشرط ان لاتحول التدابير المتخذة المذكورة، دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتامين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين، لذلك زملائي الصحفيون ان النقاش الحقوقي القانوني الهادئ هو مايلي:

ان الدورية الثلاتية اجراء وتدبير من الاجراءات والتدابير الاحترازية المتخدة في اطار المادة 3 من قانون حالة الطوارئ الصحية وليست قانون تشريعي بالمعنى المنصوص عليه في الدستور والذي اعطى هذه الصلاحية للمؤسسة التشريعية، لذلك فان النقاش الحقيقي هو التالي:

هل احترم هذا الاجراء او التدبير مقتضيات المادة 3 من قانون حالة الطوارئ الصحية؟

ان الجواب على هذا السؤال يقتضي القول ان مرفق العدالة مرفق عمومي حيوي، يجب تامين الخدمات التي يقدمها للمرتفقين، وفرض جواز تلقيح دون وضع اجراءات مصاحبة تضمن حقوق وحريات غير الحاملين للجواز هو مربط الفرس هنا لان عدم اتخاداجراء من هذا النوع فيه مساس بمقتضيات المادة 3 من قانون حالة الطوارئ الصحية، التي ذهبت الى ضرورة وضع قواعد واجراءات تراعي التوازن مابين حماية الصحة العمومية واستفادة الجميع من الولوج الى العدالة، لذلك فان عدم اشراك المؤسسات المهنية للمحاماة في التدابير المتخذة هو الذي ادى الى هذا الوضع، والكل يعرف ان الفقرة 14 من المبادئ الاساسية للامم المتحدة بشان دور المحامين تنص على انه يسعى المحامون، لدى حماية حقوق موكليهم واعلاء شأن العدالة،الى التمسك بحقوق الانسان والحريات الاساسية التي يعترف بها القانون الوطني والقانون الدولي وتكون تصرفاتهم في جميع الاحوال حرة متيقظة مطابقة للقانون والمعايير المعترف بها واخلاقيات مهنة القانون، لذلك فان اشراك المؤسسات المهنية في اتخاذ هكدا تدابير، اقول تدابير وليس قانون بالمعنى النص الصادر عن السلطة التشريعية، هو تنزيل لمقتضى اممي الذي ذهب الى ان الحكومات تكفل للمحاماة القدرة على اداء جميع الوظائف المهنية دون تخويف، او اعاقة، او مضايقة، او تدخل غير لائق .

لهذا فانني شخصيا اتفهم الحالة الانتقالية المرتبطة بتنزيل القوانين المنظمة لقطاع العدالة بعد دستور 2011 الذي اسس تشريعيا لمفهوم استقلال السلطة القضائية، والاشكاليات المرتبطة بالجهة المختصة بتدبير قطاع العدل على ضوء النصوص الجديدة، خاصة وان القانون المنظم لاختصاصات السادة العمال اي قانون 1977 والذي اعطاهم سلطة التنسيق مابين المصالح الخارجية للوزارات والمؤسسات العمومية، لايمكن تطبيقه على مستوى المحاكم.

ان القراءة المتانية من السادة الصحفيين العاملين في اطار السلطة الرابعة تقتضي استحضار خصوصيات كل قطاع وكل مؤسسة، وهذا لايعني ان هناك شخص او هيئة فوق القانون بل بالعكس فان الجميع ينبغي ان يخضع للقانون، ويسعى في الوقت ذاته للتنزيل الامثل لهذا القانون، والاكيد ان للمحاماة اعراف وتقاليد ومبادى اممية ينبغي للمحامين ان ينضبطوا لها، كما للصحافة والاعلام اعراف وتقاليد ومبادئ اممية تتطلب تحري الدقة في نقل الخبر والعمل على توعية الجميع بحقوقه، اذا اردنا جميعا ان نسعى الى دولة ومجتمع الحق والقانون.

*كاتب مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء
دكتور في العلوم السياسية

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *