الجائزة الوطنية للمساواة المهنية بين الجنسين مفتاح ريادة مؤسسة “التميز” للتعليم الخاص بأكادير

ينتابك وأنت تدخل باب أي مؤسسة تعليمية في بداية شهر سبتمبر شعور طفولي يحمل رائحة جو خريفي ممزوج برائحة خشب المقاعد في حجرة الدراسة المقفلة طيلة العطلة الصيفية. لكن وأنت تلج باب مؤسسة التميز للتعليم الخاص بمدينة أكادير ينتابك بالإضافة إلى هذا الإحساس الطفولي شعور ددقة التنظيم الإداري، وفاعليته، والاهتمام الزائد بالفضاء التربوي، وجماليته المتناهية في الترتيب بلغة الألوان تخلق بيئة عملية هادئة تساعد على الإنتاج. تذكرك بخلية نحل الكل يعمل بجدية ليكون الإنتاج في آخر السنة.

يرافقك وأنت تجوب مرافق المؤسسة وتتحدث إلى موظفيها وعمالها ظل الفضول في محاولة معرفة هذا الاعتزاز بالعمل والدقة في تنزيله والسر في هذه الابتسامة التي تتوزع في جوانب المِؤسسة تمنحها روحا متميزة، وسرعان ما يتبدد هذا التيه الذي يلفك لتكتشف السر عندما تعرف أن المؤسسة حصلت في شهر ماي من الموسم الدراسي الماضي وفي حفل كبير حصلت على شهادة المساواة المهنية بين الجنسين. ولتكتشف أن وراء هذا التتويج حكايات مثابرة نسجت خيوطها إرادة الأشخاص وإدارة مؤسسة.

تفاصيل هذه الحكايات تجتمع عند محمد بيرواين، الرجل العصامي الذي يحمل بداخل شخصيته شموخ وصلابة جبال الأطلس الصغير وطبيعتها. تتحدث عينه الضيقتين ذكاء، وتحملان أفقا واسعا في تسيير مشاريعه الاقتصادية. لم يكن محمد بيروان يعلم وهو يحبو خطواته الأولى في جبال الأطلس الصغير أنه في يوم ما سيأتي ليصبح من كبار رجال الأعمال الذين يساهمون في النهوض بالاقتصاد الوطني بمدينة اكادير. ولم يكن يعلم انه سيتسلم من وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات جائزة المساواة المهنية بين الجنسين. في نسختها السادسة والتي تهدف إلى مكافأة المقاولات التي تميزت بشكل واضح في المساواة بين الجنسين في العمل تكريما لمجهوده في إرساء المساواة المهنية بين الجنسين في مؤسسته التعليمية “التميز” بمدينة أكادير.

يعتبر مدير المؤسسة السيد محمد بيرواين بأن الدخول المدرسي لهذا الموسم يمثل استثناءا على غير ما سبقه من المواسم التعليمية منذ إنشاء مؤسسة التميز للتعليم الخاص بمدينة اكادير. بكونه الموسم الأول بعد حصول المؤسسة في ماي الماضي على جائزة المساواة بين الجنسيين. وهي اعتراف دولي قبل ان يكون اعترافا وطنيا بدور المؤسسة في النهوض بمجهودات الدولة المغربية من أجل المساواة بين الجنسين وتكافئ الفرص.

كانت الدراسات العالمية السابقة تؤكد أن اقتصاد المقاولات التي تسعى إلى سد الفجوة الواسعة في المساواة بين الجنسين في العمل تحقق أرباحا بمعدلات متزايدة. ولأننا هنا لسنا أمام مقاولة اقتصادية محضة. وإنما أمام مقاولة علمية. التحصيل العلمي فيها هو الهدف قبل التحصيل المالي، استطاع السيد محمد بيرواين مدير مؤسسة التميز أن يرسم لمشروع المؤسسة وبعصاميته المعهودة منذ إنشائها خارطة طريق عملية لتنفيذ هدف الوصول إلى التميز اسما وعملا. واستطاع إضافة ختم المساواة بين الجنسين على سجل السيرة الذاتية لمؤسسة التميز كأول مؤسسة للتعليم الخاص تحصل على هذه الجائزة منذ إنشائها.، لم تستطع مؤسسات عتيدة في مجال التعليم الخاص بأكبر المدن المغربية في تحقيق نفس الرؤية العملية والحصول عليها. بل ولم تستطع لذلك سبيلا حتى المؤسسات الخاصة التي تم إنشاؤها منذ عهد الحماية في كل من فاس والرباط والدارالبيضاء بالرغم من تجربتها الطويلة في مسار المطالبة بالحقوق السياسية والمدنية والنهوض بالتعليم الخاص منذ بداية القرن الماضي و مؤسسيها يعتبرون من رواد الحركة الاستقلالية وكذا رواد الحركة القومية .تلك المدارس التي طالما اعتبرت نفسها مصنعا للأطر السياسية للأحزاب وكذا الأطر الإدارية للمخزن السياسي وباقي الأطر الاقتصادية. ونظر أصحابها بنظرة تشوبها الدونية إلى المغرب غير النافع بجبال الأطلس الذي لا ينتج إلا رواد الحركة الفقهية في المغرب من خلال مدارس العلم التي تنتشر في أرجائه. إلا أن التاريخ ينصف جبال الأطلس كما ينصف أبناء المغرب غير النافع ويلد برواين لتسائل عصاميته ومجهوداته في سبيل اعلاء راية العلم كل من حط من قيمة المغرب غير النافع .ويعتلي أحد أبناىه المنصة التاريخية لتتوجه الدولة المغربية بتتويج تفتخر به مؤسسة التميز وتفتخر به مدرسة تنتمي إلى سوس العالمة.

وكان البنك الدولي قد حدد نموذجا للمساواة بين الجنسين يساعد القطاع الخاص على تحقيق تطور في إنتاجيته الاقتصادية وذلك من خلال التشجيع على سلسلة من الممارسات الجيدة في أربع مجالات. التطوير المهني، التوازن بين العمل ومسؤولية المنزل. سياسات مكافحة التحرش الجنسي.

عصامية السيد محمد بيرواين لم تكن حاجزا أمام تفعيل رؤية المساواة بين الجنسين والرفع من فاعليتها في مجال التعليم بفضاء مؤسسة التميز التي تنتمي إلى بيئة يحتفي مجالها الثقافي بهذه المساواة منذ ألاف السنين. يشهد بذلك الأعراف والتقاليد الأمازيغية التي تشكل ثقافة جل العاملين بالمؤسسة وكذلك مديرها الذي يسهر على تطبيق هذه الرؤية في المساواة بعد أن حمل على عاتقه النهوض بقطاع التعليم الخاص من خلال رئاسة رابطة التعليم الخصوصي بجهة سوس ماسة وكذلك من خلال العضوية بالمجلس الإداري بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة.

وسعى من داخل مؤسسة التميز أن يصل إلى تحقيق أهداف المساواة المهنية بين الجنسين من خلال سلسة من الممارسات في الاختيار والتوظيف وكذلك المساواة في الاستفادة من فرص التطوير والتكوين بالإضافة إلى إتاحة الإمكانية في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية في المنزل وكذلك تهيئ البيئة العملية السليمة التي تختفي فيها كل حالات التحرش والمضايقات التي تتعرض لها المرأة وتوفير بيئة عمل داعمة لها من أجل إبراز قدراتها وتعزيز مشاركتها في النشاط الاقتصادي.

شهادة التقدير التي حصلت عليها مؤسسة التميز بأكادير هي شهادة التقدير للمدير والعاملين بالمؤسسة لمساهمتهم في تحقيق رؤية المغرب المستقبلية ووضعها في منظومة اقتصادية عالمية لا تؤمن بالاختلاف بين الجنسين. نموذج عملي في فضاء ثقافي بعيد عن المركز المنتج لسياسة المساواة بين الجنسين.

بقلم: محمد كزغلر
دكتور في الحقوق
محامي بهيئة الدارالبيضاء

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *