ارتفعت حصيلة قتلى حرائق الغابات المتواصلة منذ الاثنين في مناطق عدة في الجزائر الى 69 هم 28 عسكريا و41 مدنيا، بعد تسجيل 4 وفيات جديدة ظهيرة الأربعاء في بجاية، بينما تواصل فرق الحماية المدنية الجزائرية مدعومة بقوات الجيش ومتطوعين، العمل على إخماد النيران.
وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن نقيب الحماية المدنية حكيم لطرش أن “اربعة أشخاص قضوا في الحرائق التي تشتعل في برباشة جنوب شرق بجاية”.
واوضح لطرش ان “هؤلاء هم أول ضحايا حرائق الغابات منذ اندلاعها الاثنين” وهم “رجلان يبلغان 23 و60 سنة وامرأتان لم يتم التعرف على عمريهما”.
وكان لطرش نبه في وقت سابق الى أن الوضع “مقلق” في ولاية بجاية المجاورة لتيزي وزو وثاني أكبر مدينة في منطقة القبائل.
وقال “كانت الأمور تحت السيطرة، لكن مع اندلاع تسعة حرائق كبيرة صباح الأربعاء، تشتتت قواتنا”، مشيرا إلى اتلاف 400 هكتار من الغطاء النباتي.
وكانت آخر حصيلة اعلنها التلفزيون الحكومي أشارت إلى”ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية من بينهم 28 عسكريا و37 مدنيا، أغلبهم في ولاية تيزي وزو”. وأوضح أن “12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى”.
وإثر ذلك، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون “حدادا وطنيا لمدة ثلاثة أيام ابتداء من الخميس”.
ونص بيان الرئاسة على “تجميد مؤقت لكل الأنشطة الحكومية والمحلية، ما عدا التضامنية”.
وقال المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوي لتلفزيون “الشروق” صباح الأربعاء إن “عدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 24 حريقا في تيزي وزو وحدها”، وحذر من أن “الرياح التي تهب حاليا يمكن أن تزيد من انتشار الحرائق”.
وأوضحت المديرية العامة للحماية المدنية في بيان أنها جندت لإخماد الحرائق في تيزي وزو “800 رجل و 115 شاحنة إخماد الحرائق بالإضافة إلى تدخل مروحيتين من المجموعة الجوية” التابعة لها.
وشاهد مصو ر في وكالة فرنس برس صباح الأربعاء طائرتين مروحيتين تابعتين للجيش تقومان بنقل المياه من سد تقسبت بتيزي وزو للمساهمة في إخماد الحرائق.
واندلعت الحرائق التي تقول السلطات إنها “مفتعلة”، في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر، ثم اجتاحت كل المناطق الساحلية بشمال وسط وشرق البلاد، وصولا الى ولاية الطارف الحدودية مع تونس التي شهدت بدورها اندلاع بعض الحرائق.
في تيزي وزو وحدها، ما زال رجال الإطفاء مدعومين بقوات الجيش على الأرض وبالمروحيات يعملون على إخماد 23 حريقا اندلعت منذ الاثنين في المنطقة الكثيفة بالسكان والمعروفة بجبالها وغاباتها، وفق ما أفاد مدير الغابات في ولاية تيزي وزو يوسف ولد محمد وسائل إعلام محلية الأربعاء.
في دائرة الأربعاء ناث إيراثن التي تقع ضمن الولاية وتضم عددا من البلدات والقرى، اضطر السكان الى مغادرة منازلهم بعدما حاصرتها النيران، وهم لا يحملون سوى أمتعة خفيفة ووثائقهم المهمة.
وقال عبد الحميد، التاجر في قرية بني يني، في اتصال هاتفي مع وكالة فرنس برس، إنه ترك كل ما يملك في قريته وهرب مع زوجته وثلاثة من أبنائه إلى مدينة تيزي وزو.
وأضاف “من حسن حظي أنني أملك شقة في وسط المدينة لجأت إليها مع أسرتي وآويت معي أحد جيراني”.
وذكر ولد محمد أن “الطرق نحو هذه القرى مغلقة والوضع خطير جدا”.
وفتح مواطنون بيوتهم لاستقبال الهاربين من النيران، وفق رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمان الذي أعلن أيضا تسخير “كل الفنادق حتى الخاصة منها وكذا الاقامات الجامعية” من أجل إيواء المنكوبين.
ومنذ صباح الثلاثاء، بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات لتنظيم قوافل لمساعدة سكان قرى تيزي وزو، ولجمع مواد غذائية وأدوية وتقديم وسائل نقل المياه والمساعدة في إخماد الحرائق.
وانطلقت من العاصمة شاحنات تنقل مواد تبرع بها مواطنون وتجار، وكذلك سيارات مواطنين حملوها خاصة بمياه الشرب وحليب الأطفال والحفاظات، وفق ما نقل مراسل لفرانس برس.
ونشرت صفحة “أطباء” على “فيسبوك” نداء للتطوع من أجل الانتقال إلى مستشفى تيزي وزو للمساعدة في علاج المصابين، مشيرة الى أن العاملين في المستشفى مرهقون أصلا بسبب ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19.
كما أعلنت وزارة الصحة تخصيص أماكن إضافية للمصابين بحروق خطيرة في المستشفيين المتخصصين بالعاصمة.
وأعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان في تغريدة على “تويتر”، استعدادها “لتقديم دعمها بغية مواجهة هذا الوضع العصيب”، مبديا تضامنه مع الشعب الجزائري.
وتوقعت مصالح الأرصاد الجوية استمرار موجة الحر الشديد التي لا تساعد في كبح الحرائق، إلى يوم 15 غشت، وأن تصل درجات الحرارة إلى 46 درجة.
وأعلنت الإذاعة الجزائرية العامة الثلاثاء توقيف ثلاثة من “مشعلي حرائق” في مدينة المدية (شمال)، فيما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية توقيف رابع في عنابة.
وتضم الجزائر، وهي أكبر دولة إفريقية، 4,1 ملايين هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنية بلغت 1,76%.
وتشهد البلاد حرائق غابات سنويا، وقد أتت النيران العام 2020 على حوالى 44 ألف هكتار.
وتنتشر ظاهرة الحرائق في عدد من دول العالم، وترتبط بعناصر مختلفة توقعها العلماء، لا سيما ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعتبر الزيادة في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار مزيجا مثاليا لتطور الحرائق.
في تونس المجاورة للجزائر، حطمت العاصمة تونس الثلاثاء، رقمها القياسي على الإطلاق، وبلغت الحرارة فيها 49 درجة. وسجل نحو خمسة عشر حريقا في الشمال والشمال الغربي لم تسفر عن ضحايا، وفق المتحدث باسم الحماية المدنية المعز تريعة.
على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ، المنطقة الأكثر تضرر ا خلال الأسبوعين الماضيين، خلفت سلسلة من الحرائق الضخمة ثمانية قتلى على الساحل التركي وثلاثة قتلى في اليونان.