الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترسم صورة قاتمة للوضع الحقوقي بالمغرب

تطرقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لسنة 2018، لوضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها خلال سنة 2017، حسب مجموعة من المجالات، وقالت إن أهم ما يميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هو التراجع الخطير في مجال الحريات والحقوق الأساسية، مؤكدة أن الدولة تنتهج سلوكا قمعيا في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي.

ورسم التقرير الذي قدمته الجمعية المغربية لحقوق الانسان يوم الجمعة 5 يوليوز 2019، صورة سوداوية عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب، من خلال ما رصدته الجمعية من انتهاكات، شملت في مجملها جميع مجالات وأجيال حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا.

وأشار التقرير إلى أن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2018؛ كما يقدمها تقرير الجمعية بناء على ما تم تجميعه من قضايا ومعلومات، إما بالرصد المباشر للانتهاكات من طرف فروعها في مختلف المدن والمناطق (91 فرعا، ولجنة تحضيرية لتأسيس فروع جديدة، و10 فروع جهوية، من بينها ثلاثة فروع بالخارج)، أو من خلال ما تنشره وسائل الإعلام بصفة عامة؛ وإن كنا لا ندعي أنها تغطي كافة الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان ببلادنا، إلا أننا نعتبرها كافية لرسم صورة عامة لسلوك الدولة في هذا المجال، ومؤشرا دالا على مدى احترامها للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا. وهي وضعية تتسم في سياقها العام بتراجعات كبيرة ومتواصلة وملحوظة للدولة المغربية عن العديد من المكتسبات الحقوقية، التي حققتها الحركة الحقوقية والقوى الديمقراطية والحركات الاحتجاجية والمطلبية عبر نضالات، مريرة كلفت الكثير من المجهودات ومن التضحيات.
ويتوزع هذا التقرير على المحاور الرئيسية التالية:
• الحقوق المدنية والسياسية: الحريات العامة وضمنها حرية الرأي والتعبير والتنظيم والتظاهر السلمي، حرية الصحافة والإعلام والأنترنيت، التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية، المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان، الحق في الحياة، أوضاع السجون والسجينات والسجناء، حرية المعتقد، والحريات الفردية؛
• الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: وضمنها الحقوق الشغلية، الحماية الاجتماعية، الحق في التعليم، الحق في التعليم العالي، مستوى المعيشة وحالة الفقر، وضعية الحقوق الثقافية واللغوية، الحق في الصحة؛
• حقوق المرأة؛
• حقوق الطفل؛
• حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛
• قضايا الهجرة واللجوء؛
• الحق في بيئة سليمة؛
وسيلاحظ المتصفح(ة) لهذه المحاور، أن وضعية حقوق الإنسان ببلادنا تزداد ترديا وتدهورا بشكل تصاعدي جراء السياسات العمومية المتبعة، حيث تتملص الدولة المغربية من التزاماتها الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ليس فقط، بسبب عدم إعمالها لمقتضيات الاتفاقيات والعهود الدولية، أو بعدم اكتراثها لتوصيات اللجان المعنية وتقارير المقررين الخاصين، أو بتجاهلها لتقارير وملاحظات المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية والوطنية، ولكن أيضا بتصعيدها لهجومها على حقوق الإنسان والحريات، العامة والفردية، وباستهدافها للمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وللمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية والوطنية.
وفي هذا السياق، فإن من بين أهم سمات سنة 2018 على المستوى الحقوقي، هو استمرار الدولة في نهجها التحكمي عبر مقاربتها التسلطية لضرب المكتسبات في جميع المجالات، وعدم التزامها بالقانون. ويمكن اعتبار محاكمات نشطاء حراكي الريف وجرادة والأحكام الجائرة الصادرة في حقهم، عنوانا لحالة حقوق الإنسان في المغرب، ومؤشرا لقياسها، بالنسبة لسنة 2018 التي يشملها هذا التقرير.
ولا تعتبر هاتان القضيتان البارزتان من الانتهاكات سوى عينة، لجملة من الانتهاكات التي طبعت سنة 2018.
ففي ما يتصل بالشق المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وبخصوص أسمى حق، وهو الحق في الحياة، فقد أحصت الجمعية ما يزيد عن 125 حالة وفاة خلال سنة 2018، من بين المئات من الحالات الأخرى، موزعة على الشكل التالي:
• وفيات في مخافر الشرطة أثناء الحراسة النظرية: 07 حالات؛
• وفاة ناتجة عن إطلاق الرصاص على المواطنين:01 حالة الشابة حياة بلقاسم؛
• وفاة ناتجة عن تعنيف عناصر القوات المساعدة لوقفة احتجاجية: 01 حالة المواطنة فضيلة عكيوي؛
• وفيات داخل السجون: 07 حالات؛
• وفيات ناتجة عن حوادث الشغل أو نقل العمال 20 حالة؛
• وفيات إثر حوادث أو اعتداءات على الطريق العمومية بسبب غياب شروط السلامة والأمن: 11 حالة؛ علما أن حوادث السير تتسبب سنويا في 6870 وفاة حسب موقع المنظمة العالمية للصحة و3600 حسب مسؤولي وزارة النقل بالمغرب…
• وفيات بسبب غياب الأمن أو الرعاية الصحية: 15 حالة؛
• وفيات بسبب الحكرة وحرق الذات: 03 حالات؛
• الوفيات بسبب الانتحار: 10 حالات؛ علما أن عدد الانتحارات بالمغرب، حسب موقع المنظمة العالمية للصحة، يمثل 5.3 من كل مائة ألف نسمة بما يعني أن عدد الانتحارات بالمغرب يفوق 2000 حالة سنويا.
• الوفيات أثناء الوضع والولادة: 47 حالة في صفوف المواليد و 03 حالات في صفوف الأمهات… علما أن نسبة الوفيات وسطهن يبلغ 72.6 وفاة لكل 100 ألف ولادة. وهو ما يعني أن عدد الأمهات اللواتي يتوفين عند الوضع يفوق 450 حالة سنويا…
كما اتسمت سنة 2018 بصدور 10 أحكام بالإعدام، ليبلغ بهذا عدد المحكومين بالإعدام، ما مجموعه 72 محكوما، ضمنهم امرأتان، مقابل 73 محكوما خلال سنة 2017، ضمنهم 03 نساء، بتراجع ملحوظ عن سنة 2016 التي سجلت 92 محكوما بالإعدام، وسنة 2015 التي بلغت فيها نسبة المحكومين 117 محكوما؛ وهو رقم مهول. ولذلك فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب، بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعمال التوصيات الصادرة عن اللجن التعاهدية ومجلس حقوق الإنسان، و عن هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة؛ إضافة إلى التنصيص الواضح في الدستور على إلغاء عقوبة الإعدام، مع إقرار قانون جنائي خال من عقوبة الإعدام، وتحسين ظروف المحكومين بالإعدام في انتظار تغيير أحكام الإعدام إلى أحكام بديلة، والانخراط في الجهود الدولية من أجل وقف عالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها بشكل نهائي.
كما سجلت الجمعية، حسب متابعتها ورصدها لقضايا الاعتقال السياسي والتعسفي، أن عدد المتابعين، بما في ذلك الذين أطلق سراحهم، والمعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي قد بلغ ما مجموعه 525 حالة اعتقال ومتابعة موزعة كما يلي:
1. معتقلو حراك الريف: (317 معتقل)
• المرحلون إلى الدار البيضاء: 55 معتقل (بمن فيهم إعمراشن والمهداوي)
• المعتقلون على خلفية أحداث 2017: 177 معتقل.
• المعتقلون على خلفية أحداث 2018: 76 معتقل
• القاصرون: 9 معتقلين.
2. معتقلو حراك جرادة: 95 معتقلا.
3. معتقلو تندرارة: 12 معتقلا.
4. معتقلو سد تودغى: 12 معتقلا.
5. معتقلو إيخوربا (بني ملال): 11 معتقل.
6. معتقلون آخرون (الطلبة، الحق في السكن، الحراك الشعبي، 20 فبراير…): 11 معتقلا.
7. المعتقلون الصحراويون: 33 معتقلا
8. مناضلون من حركة 20 فبراير بمنطقة فم الحصن بإقليم طاطا: 10 برأتهم المحكمة
9. لائحة المتابعين أعضاء الجمعية ومستشارين ونشطاء سياسيين بأوطاط الحاج: 7 توبعوا في حالة سراح
10. معتقلو حركة الصحة للجميع ببويزكارن: 3 متابعين
11. مجموعة المعطي منجيب: 7 متابعين
12. لائحة ما تبقى من مجموعة بلعيرج: 10 معتقلين
وبخصوص غالبية المحاكمات التي شهدها إقليما الحسيمة وجرادة أو مناطق أخرى، فإنها أظهرت من جديد أن الأجهزة الأمنية للدولة لم تقطع بتاتا مع ممارسات الماضي؛ حيث تعرض المتابعون للتعنيف، وسوء المعاملة و للممارسات المهينة؛ سواء لحظة توقيفهم، أو بمراكز الاحتجاز التي مروا منها، بما فيها السجون، ولم يُمتّعوا بكافة حقوقهم التي يكفلها لهم القانون، مما نتج عنه محاضر تم التوقيع على أغلبها تحت الإكراه والتهديد والتعذيب؛ وهو ما يشكل خرقا صريحا للقانون، ولحقوق المتابعين وحقوق الدفاع، ولشروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة.
وبالنسبة للأحداث التي عرفتها مدينة جرادة، فرغم طابعها السلمي، فإن تدخل القوات العمومية، نجم عنه مجموعة من الانتهاكات التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
• الاستعمال المفرط وغير المبرر للقوة العمومي؛
• الاعتقالات العشوائية، ومداهمة المنازل بدون إذن من النيابة العامة، خارج ما هو منصوص عليه قانونيا؛
• خلق حالة من الرعب والهلع في أوساط المدينة، عبر الإنزال الأمني الكثيف، وفصل التجمعات السكنية عن بعضها؛
• عدم إخبار عائلات المعتقلين باعتقال أبنائهم ومتابعتهم؛
• تعريض المعتقلين للمعاملة القاسية والمهينة حسب تصريحاتهم، وتصريحات عائلاتهم؛
• عدم توفر العديد من المعتقلين على دفاع يرافع عليهم؛
• إجراء المحاكمات في قاعات تعج بكافة أنواع الأجهزة الأمنية، وبحضور متحكم فيه للمراقبين الحقوقيين والعائلات؛
• عدم فتح التحقيق حول مزاعم التعذيب، التي صرح المتابعون بتعرضهم له أثناء اعتقالهم؛
• إجبار المعتقلين على توقيع محاضر الاستماع المنجزة من طرف الشرطة القضائية، حيث تم اعتمادها كمحاضر ذات حجية من طرف هيئة المحكمة؛
• رفض جميع الدفوعات الشكلية والأولية التي تقدم بها الدفاع، وضمها للجوهر؛
• صدور حكم قضائي في حق ثلاثة معتقلين على خلفية أحداث 14 مارس، علما أنهم كانوا معتقلين على عقب حادثة سير، مما يؤكد استهداف النشطاء بشكل مسبق، وتوظيف القضاء في ذلك…
وفي مجال التعذيب، فقد سجلت الجمعية استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، سواء في مخافر البوليس والدرك والقوات المساعدة ومراكز القوات العمومية عموما، أو في السجون ومختلف مراكز الاحتجاز أو في مواجهة القوات العمومية لمختلف أشكال الاحتجاج السلمية التي يمارسها المواطنون والمواطنات من أجل احترام حقوقهم، وصون كرامتهم، واستمرار سياسة الإفلات من العقاب في موضوع ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والأمثلة كثيرة آخرها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أقر بتعرض معتقلي حراك الريف للتعذيب، والذي أقبر في أدراج الوزارات، ومكاتب المحاكم. علاوة على تأخر الدولة المغربية في إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وقد رصدت الجمعية ما يزيد على 27 حالة تعذيب أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو حاطة من الكرامة (فردية وجماعية).
أما فيما يهم وضعية الحريات العامة بالمغرب خلال سنة 2018، فقد عرفت ترديا كبيرا نتيجة المقاربة القمعية، التي تعاملت بها الدولة مع التنظيمات السياسية والحقوقية والنقابية، ومع المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومع نشطاء الحراكات الاجتماعية الشعبية ومختلف الاحتجاجات السلمية. وقد استطاعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، سواء على مستوى هياكلها الوطنية، أو من خلال مكاتب فروعها الجهوية والمحلية رصد العديد من مظاهر الانتهاكات المتواترة التي طالت وضعية الحريات العامة في مختلف تجلياتها ومجالاتها. ففي مجال حرية التنظيم والتجمع عرفت سنة 2018، تصعيدا كبيرا وممنهجا لانتهاك الحق في حرية تأسيس الجمعيات، والتظاهر السلمي واستعمال القاعات والفضاءات العمومية؛ فضلا عما يرتبط منها بحرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام والصحافة والأنترنيت، وهو ما تجسد أساسا، وبصفة ملحوظة، في مظهرين بارزين:
• التدخلات القمعية العنيفة وغير المبررة للقوات العمومية، في حق مجموعة من المسيرات والوقفات والتظاهرات السلمية – تناقلتها الكثير من وسائل الإعلام- والتي مست مختلف الحراكات الاجتماعية، التي عرفتها بلادنا وخاصة حراكي الريف وجرادة والحراكات الشعبية الداعمة لهما في عدة مناطق؛ حيث وصلت حد اقتحام المنازل، خارج المساطر القانونية، وترويع عائلات النشطاء، والاعتداء على البعض من أفرادها وخاصة أمهات المعتقلين منهم، والقيام بحملات اعتقال عشوائية طالت العديد من الشباب لم يسلم منها حتى الأطفال؛ كما استهدفت هذه التدخلات المفرطة مجموعة من الاحتجاجات السلمية الاجتماعية للمواطنين والمواطنات المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
• التضييق على الحق في حرية التنظيم وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وعلى الحق في حرية التجمع والتظاهر السلمي، وعلى حق الجمعيات والنقابات والأحزاب في تجديد مكاتبها، وعقد اجتماعاتها وتنظيم أنشطتها الإشعاعية والثقافية في القاعات العمومية: وفي هذا الباب يسجل التقرير 68 حالة اعتداء على هذا النوع من الحقوق تتوزع ما بين اعتقالات واستدعاءات من طرف الشرطة، ومتابعات وأحكام قضائية، في حق نشطاء سياسيين ونقابيين وحقوقيين، ومنع صحفيين من أداء مهامهم….
وبالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوحدها، ومن بين 30 فرعا تم تجديد مكاتبها خلال سنة 2018، فقد امتنعت السلطات عن تسلم ملف التجديد وتسليم الوصل ل 28 فرعا، وامتنعت عن تسليم الوصل بالنسبة لفرعين اثنين….
أما فيما يهم حرية الإعلام والصحافة والأنترنيت، فإن نفس السنة شهدت تراجعا ملحوظا على مستوى حرية الصحافة والتعبير؛ وهو ما تجلى في محاكمة الصحفيين والمدونين ومديري بعض المواقع الإلكترونية. فبينما واصلت السلطات اعتقال ومحاكمة حميد المهداوي مدير موقع بديل، ربيع الأبلق مراسل موقع بديل، عادل لبداحي مراسل موقع/جريدة ملفات تادلة، عبد العالي حود عن موقع أراغي تفي، جواد الصابري ومحمد الأصريحي عن موقع ريف 24، عبد الكبير الحر مدير موقع رصد المغربية؛ فإنها استمرت في متابعة الصحفي عبد الله البقالي، والمعطي منجب ورفاقه الستة في جلسات صورية ماراطونية، ومجموعة من الصحفيين والنشطاء الرقميين بتهم خطيرة، من قبيل المس بسلامة أمن الدولة الداخلي، والتمويل الأجنبي غير القانوني، وزعزعة النظام العام، والإشادة بالإرهاب.
وفي حين أن وضعية حرية الأنترنيت ازدادت سوءا خلال نفس الفترة، بشهادة من تقارير المنظمات الدولية والوطنية المعنية؛ فإنها اتسمت كذلك باستمرار حملات التشهير والهجوم من قبل مجموعة من المنابر المسخرة الإعلامية الإلكترونية والورقية على منظمات المجتمع المدني والنشطاء. هذا في ظل غياب الرقابة البرلمانية أو القضائية على أجهزة المخابرات، وانعدام الضمانات الواضحة عن كيفية استعمال أجهزة المراقبة في جمع معطيات المواطنين وتحليلها، وكذا حدود استعمال هذه المعطيات.
وفيما يتصل بحرية المعتقد، فعلى الرغم من مصادقة المغرب على التصريح الختامي للدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، يوم 21 مارس 2014، المتضمن لالتزام الدول باحترام “حرية المعتقد والحرية الدينية “، لم تسجل الجمعية أي تعديل جوهري، في مجال السياسة التشريعية للدولة المغربية، لفائدة ضمان وحماية حرية المعتقد والحريات الفردية عموما، فمجمل المؤشرات التي حملها تقرير الجمعية لعام 2016 ولعام 2017 لازالت قائمة. وبصفة عامة، فإن أبرز المؤشرات المتوافرة حاليا تتلخص فيما يلي:
• استمرار منع الكتاب المقدس (الإنجيل) دون سند قانوني.
• عدم وجود لكنائس مغربية يرتادها المسيحيون المغاربة، معترف بها من طرف السلطات، وإنما كنائس منزلية تمارس فيها الطقوس بشكل سري.
• عدم وجود حسينيات خاصة بالمغاربة الشيعة، ولا حق لهم في ممارسة شعائرهم،
• استمرار حملة التحريض ضد المغاربة الشيعة وضد المذهب الشيعي عموما، بشكل متواتر على صفحات الجرائد وفي عدد من المواقع الإلكترونية وخطابات شيوخ التكفير، وصلت حد تجريمهم من داخل قبة البرلمان؛
• رفض السلطات المحلية بالرباط، تسلم الملف القانوني للجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، بدعوى أن الجمعية “تستهدف الدين والملك”.
وفي مجال الحريات الفردية، فعلى الرغم من تنصيص الدستور على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتصديقه على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أنه شرط ذلك بعدم تعارض الحقوق والحريات المتضمنة في هذه المواثيق والعهود مع الثوابت السياسية والدينية للدولة المغربية؛ الأمر الذي يحول دون اتخاذ إجراءات تشريعية ضامنة للحريات الفردية وحامية لها، إن على المستوى القانوني أو على مستوى الواقع.
وفيما يرتبط بوضعية السجون، سجلت الجمعية أن جل السجون تعرف اكتظاظا يفوق الخيال؛ حيث ينام السجناء في أوضاع لا إنسانية، مضغوطون مع بعضهم أو في الممرات أو حتى المراحيض الموجودة بالغرف. وذلك ما تؤكده الإحصائيات الرسمية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي تشير إلى أن المساحة المخصصة لكل سجين هي 1.89 متر مربع، وأن عدد الساكنة السجنية بلغ خلال سنة 2018 ما مجموعه 83.757 مقابل 83.102 سنة 2017. الأمر الذي يتطلب إلى جانب البنيات، اتخاذ إجراءات ناجعة وفعالة، بإقرار عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية بالنسبة لعدد من الجرائم، والحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي في الملفات التي يمكن متابعة أصحابها في حالة سراح، وإعمال المقتضيات القانونية ذات الصلة بالإفراج المقيد. ورغم وجود بعض الضمانات القانونية وبعض الجهود الرسمية، والإجراءات المتخذة، سواء على مستوى البنيات التحتية أو برامج التكوين، فإن الأوضاع العامة بالسجون تعرف ترديا مقلقا يتوجب معه على جميع القطاعات الحكومية المعنية بالسجون، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن تعيد النظر في سياساتها، وتساهم في أنسنة السجون، وأن تقوم بإصلاح فعلي يشرك جميع الفاعلين بما فيهم المجتمع المدني، مع الحرص على تأهيل العنصر البشري وتحسين شروطه المادية.
أما مجالات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: فإنها تعرضت للمزيد من الانتهاكات المتواصلة والإجهاز على المكتسبات، سواء تعلق الأمر بالحق في الشغل وما يرتبط به من حقوق شغلية، أو الحق في الحماية الاجتماعية أو الحق في التعليم بجميع أسلاكه، أو الحقوق الثقافية واللغوية، أو الحق في الصحة.
وبخصوص الشق المتعلق بالحقوق الشغلية، فقد تعمقت الانتهاكات والتراجعات نتيجة لطبيعة النظام الاقتصادي السائد، والسياسات والبرامج الحكومية المملاة من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وخوصصة القطاعات الحيوية والاجتماعية، وثقل المديونية العمومية، وانعكاسات السياسات الليبرالية المتوحشة على ميزانية الدولة في مجال التنمية والحقوق الشغلية.
وتفيد المعطيات الواردة في التقرير الرسمي، الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لشهر يونيو 2018، إلى أن 60% من الساكنة النشيطة لا تستفيد من نظام المعاشات، و46% لا تتمتع بالتغطية الصحية، في حين أن الأغلبية الساحقة للعاملين بالقطاع الخاص لا يتوفرون على تأمين اجتماعي خاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية، وأن 66.9% من الأشخاص في وضعية إعاقة لا يستفيدون من أي نظام للحماية الاجتماعية.
ويشير نفس التقرير إلى غياب أية حماية اجتماعية للمعطلين، ومحدودية وضعف السياسات العمومية لصالح التشغيل والحماية الاجتماعية، سواء من حيث الموارد أو من حيث الرؤيا الاستراتيجية والفعالية، علما بأن قانون المالية لسنة 2018 خصص أقل من 0.5% من نفقات الدولة للسياسة الشغلية.
ومن جهة أخرى، تميزت سنة 2018 باستمرار نسبة مرتفعة للبطالة، حيث بلغت 9.8% (1.168.000 معطل)، وتراوحت بين 9.1% في الفصل الثاني و10.5% في الفصل الأول من السنة. فلم يخلق قانون المالية لسنة 2018 سوى 19.265 منصب شغل؛ وهو عدد ضئيل بالنظر للخصاص المهول في الموارد البشرية بالوظيفة العمومية، ولاسيما بالقطاعات ذات العلاقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي ما فتئت تعاني من نقص مزمن في الأطر والمهندسين والأطباء والممرضين والأساتذة ومفتشي الشغل…
أما في ما يتعلق بالحق النقابي، فقد سجلت الجمعية طرد مجموعة من النقابيين بسبب نشاطهم النقابي؛ فيما جرى رصد انتهاكات للحق في الصحة والسلامة داخل مقرات العمل، كما هو الشأن بالنسبة لاستمرار الإصابات في صفوف العاملين في الآبار والمناجم العشوائية بمنطقة جرادة؛ حيث توفي مواطن، يوم فاتح فبراير 2018، بحاسي بلال، وإصابة آخر بمنجم عشوائي بسيدي بوبكر، يوم 24 يناير 2018؛ فضلا عن تفشي مرض السيليكوز بالمنطقة في غياب حماية فعلية لهؤلاء العمال والمواطنين من لدن الدولة.
وبخصوص جريمة التحرش الجنسي في مقر العمل، فإن الجمعية لا تزال تتابع بقلق، قضية استمرار المستخدمة خديجة العبادي في اتهام مشغلها، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بتعريضها “للعنف والتحرش الجنسي والانتقام”، ومطالبتها للقضاء والجهات المعنية بإجراء تحقيق نزيه، وترتيب الآثار القانونية عنه.
ووقف التقرير عند مسألة استمرار الموقف السلبي للقضاء من حقوق العمال، وانحيازه إلى جانب المشغلين المنتهكين لقانون الشغل. ويتجلى ذلك في التأخير غير المبرر للدعاوى المرفوعة من طرف العاملات والعمال، أو إصدار أحكام غير منصفة لهم، ويوثق هذا التقرير عدة نماذج من هذه الدعاوى.
وفيما يرتبط بالحق في السكن اللائق فإن سنة 2018، عرفت مجموعة من الانتهاكات، لا سيما تلك المرتبطة بحالات الإخلاء القسري من المساكن، سواء الفردية منها أو الجماعية، وتراكم العجز في إنجاز الوحدات السكنية وصعوبة الولوج إلى السكن اللائق بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين والمواطنات.
كما سجلت نفس السنة استمرار الأسباب المنتجة والمهيكلة لهذه الوضعية، والمتمثلة في اشتداد المضاربة العقارية وضعف القدرة الشرائية، ومواصلة الدولة بسط سيطرتها، إما مباشرة أو عبر الجماعات الترابية على وعاء عقاري كبير، وممارستها الوصاية على الأراضي الجماعية والسلالية، التي تعمد إلى تجريد أصحابها الشرعيين منها، بتعويض هزيل، ولا تتورع عن تشريدهم منها، وتفويتها للشركات والخواص بأثمان بخسة.
وبالنسبة للحق في الصحة، فقد تميزت سنة 2018، بتخلف وتراجع المنظومة الصحية، حتى أضحى التطبيب لمن له القدرة على الدفع. فبالرغم من المجهودات المبذولة، والتحسينات المسجلة على مستوى بعض المؤشرات الصحية والوبائية والديمغرافية والتخطيط العائلي، لاتزال هناك العديد من المعوقات في مجال تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وعموما فإن الوضع الصحي يواجه مجموعة من التحديات منها:
– ارتفاع معدلات تفشي الأمراض والوفيات، حيث ظل معدل وفيات الأمهات الحوامل مرتفعة؛
– شــح الموارد الماليــة المخصصـة للخدمـات الصحيـة في القطاع العـام، وسوء التدبير والتخطيط، والفساد وهدر الإمكانيات؛ إضافة إلى غياب المراقبة والتتبع والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعميق الفجوة والتباينات الاجتماعية في ولوج الخدمات الصحية؛
– استمرار التفاوتات الاجتماعية والمجالية في توزيع الخدمات الصحية؛
– نقص حاد في التجهيزات الطبية والأدوية، بما فيها الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والضرورية للحياة؛
– خصاص كبير في عدد الأطباء والممرضين والمولّدات، وسوء توزيعهم الجغرافي، ونقص في الحوافز المادية للمهنيين، وضعف التكوين والتكوين المستمر، وغيرها من المشاكل العويصة المرتبطة بالموارد البشرية؛ والفشل في تعميم نظام التأمين الصحي وتمويل نظام المساعدة الطبية؛
– ارتفاع كلفـة الخدمـات الصحيــة في القطاع الخاص، الذي أصبح يستقطب 90 في المائة من المتوفرين على نظام للتأمين الصحي، بسبب ضعف الثقة في القطاع العام الذي تدنت خدماته بشكل كبير.
وفيما يتعلق بالحق في التعليم، فلا زالت تواجه هذا الحق بالمغرب مجموعة من التحديات، تتمثل أساسا؛ أولا في ضرب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى التعليم، بسبب النوع، أو لأسباب اقتصادية واجتماعية ومجالية، أو بسبب الأصل الوطني وانتشار الأمية؛ وثانيا في تدهور جودة النظام التعليمي، حيث ارتفاع نسب التكرار والانقطاع عن الدراسة، واستمرار الاكتظاظ رغم الإجراءات المتخذة، والخصاص المهول في أطر التدريس والأطر الإدارية، مع تكريس التعاقد والهشاشة في التوظيف والنقص في البنيات التحية المدرسية.
وهكذا، شهدت السنة الدراسية 2017-218 تزايد عدد التلاميذ بمختلف أسلاك التعليم المدرسي، حيث بلغ 6.031.355 تلميذا وتلميذة. ويستأثر سلك التعليم الابتدائي بحصة الأسد ب 61,5%، متبوعا بالإعدادي بنسبة 24,1% والتأهيلي بنسبة 14,4%؛ فيما تمثل الإناث وتلاميذ الوسط القروي على التوالي 47% و38% من مجموع المتمدرسين والمتمدرسات. أما التعليم الخصوصي فقد أصبح يمثل حوالي 16,5% من مجموع التلاميذ المتمدرسين.
كما أن المناهج وطرق التدريس المستعملة لا تشجع التفكير النقدي، وتعزز تنمية الشخصية الإنسانية للتلاميذ والطلاب تنمية كاملة في اتجاه تعزيز استقلاليتهم الشخصية؛ ولا تولي العناية اللازمة للحوار وتشجيع حرية التعبير والإبداع واحترام الاختلاف… ولا زالت محتويات الكتب المدرسية تنطوي على مضامين تتعارض مع معايير حقوق الإنسان الكونية، وقيم المساواة وعدم التمييز، والكرامة والعيش المشترك…
وبالنسبة للتربية على حقوق الإنسان، وعلى الرغم من الخطاب الرسمي الداعي إلى تأطير التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية وتشجيع إحداث أندية تربوية وحقوقية، فإن الواقع يشهد عكس ذلك؛ إذ تراجع دور الأندية الحقوقية، وتم التضييق على أنشطتها خصوصا الأنشطة المؤطرة من طرف أعضاء وعضوات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتم تعطيل اتفاقية الشراكة، الموقعة في مارس 2004، بين وزارة التربية الوطنية والجمعية ومنظمات حقوقية أخرى.
وفي مجال الحقوق الثقافية، أعاد التقرير التأكيد على أن حالة الثقافة، في سنة 2018، ظلت على حالها، من حيث ضعف الميزانية المرصودة لقطاع الثقافة (736.868.000 درهم مقابل 723.098.000 درهم خلال سنة 2017)، وتحكم منطق الموالاة في توزيع دعم الجماعات الترابية المخصص للجمعيات، وتدخل وزارة الداخلية في ذلك، مع مواصلتها حرمان الجمعيات الجادة والمستقلة من الحق في الاستفادة من الفضاءات والقاعات والمسارح العمومية، ومن دور الشباب والثقافة.
وعوض انشغال الدولة، بوضع استراتيجية وطنية ترفع من مردودية القطاع ومن تأثيره الإيجابي على الوعي الجمعي، تصر على إغلاق الحقل “الثقافي” وتأثيثه بمهرجانات ومواسم الأضرحة، وبرامج تلفزية وإذاعية هزيلة، وتوجيهه نحو البهرجة والفلكلرة والريع وشراء ذمم المتثاقفين.
أما بالنسبة للبنية التحتية ودور الثقافة، فعلاوة على ضعفها وقلتها، فمعظم المباني تتمركز في المدن الكبيرة مثل الدار البيضاء بنسبة 26 في المائة والرباط بنسبة 10 في المائة…؛ فيما معظم المدن الأخرى من حجم مدينة وجدة أو الراشدية مثلا فلا تتجاوز نسبة المباني بها 1 في المائة.
ومن جهتها فإن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية تتعرض لمجموعة من الانتهاكات، منها:
1. الاستمرار في تعطيل الفصل الخامس من الدستور في جزئه المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والعمل على صيانة الحسانية، باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية؛ فيما لم يتم إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية رغم مرور ما يقرب من عشر سنوات على الاعتراف الدستوري بذلك؛ وهو ما يجسد شكلا من أشكال التمييز العنصري حسب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان؛
2. تخلي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن دوره في مجال النهوض والحماية ومتابعة تنفيذ وإعمال مختلف الاتفاقيات التي أبرمها مع مختلف المتدخلين، وخاصة تلك المرتبطة بوزارة التربية والتكوين ووزارة الإعلام والتواصل، وتراجع أدائه المتعلق بتكوين الأساتذة في مجال تدريس اللغة الأمازيغية والدور الذي كان يقوم به في مجال البحث العلمي، في مختلف المجالات التي كان يشتغل عليها قبل 2011؛
3. تمادي الدولة في نزع الأراضي، المعروفة بأراضي الجموع، و الاستمرار في سياسة خوصصة منابع المياه، وتمليك الملك الغابوي للدولة ضدا على القانون العرفي الأمازيغي، الذي يجعل الثروات الطبيعية ملكا للجماعات الترابية، ومواجهة تصاعد الحركات الاحتجاجية في العديد من مناطق البلاد بعنف شديد، في بعض الحالات، مما أفضى إلى سقوط ضحايا وسط المحتجبين و المحتجات؛ كما هو الحال بالنسبة للسيدة فضيلة عكيوي، التي لقيت حتفها، يوم 26 سبتمبر 2018، أثناء تدخل أمني لمنع قبيلة آيت مروول بجماعة سيدي المخفي، التابعة ترابيا لمدينة أزرو، من القيام بمسيرة في اتجاه عمالة إقليم إفران، للمطالبة بحقهم في استغلال أراضيهم الجماعية الواقعة بعين عرمة.
أما فيما يهم حقوق المرأة، فإن تصديق الدولة على عدد من الصكوك الدولية، وتعهدها بتنفيذ التزاماتها، لم يكن له أثر قوي على مستوى التشريع كما على مستوى الواقع، بسب اعتماد الدولة لازدواجية المرجعية بالتذرع بالخصوصية الثقافية والدينية، كلما تعلق الأمر بحقوق المرأة، في تناقض تام مع تصريحاتها الرسمية المعلنة بخصوص انخراطها في المنظومة الكونية والشمولية لحقوق الإنسان.
وقد وثقت الجمعية خلال سنة 2018، 54 انتهاكا لحقوق المرأة، تم تبويبها كالتالي:
– العنف الزوجي (13 حالة)؛
– إثبات النسب (حالة واحدة)؛
– العنف المؤدي إلى عاهة مستديمة (حالة واحدة)؛
– العنف المؤدي إلى الوفاة (03 حالات)؛
– محاولة الانتحار بسب الإرغام على الزواج (حالة واحدة)؛
– العنف العائلي (حالة واحدة)؛
– وفيات الأمومة (03 حالات)؛
– مخاطر الوضع والحمل (05 حالات)؛
– العنف الجسدي (حالتان)؛
– التحرش الجنسي (03 حالات)؛
– الاغتصاب (06 حالات)؛
– الاستغلال الجنسي (حالة واحدة)؛
– الابتزاز الجنسي (حالتان)؛
– عنف مؤسسات الدولة (06 حالات)؛
– العنف الاقتصادي (06 حالات) …
أما فيما يتعلق بحقوق الطفل، فقد وقفت الجمعية على تزايد نسبة الأطفال غير المسجلين في الحالة المدنية حسب تقارير رسمية، بسب ضعف التدابير والإجراءات القانونية اللازمة لثبوت النسب. وتجد الأمهات العازبات صعوبة وتواجههن عدة عراقيل في إجراءات إثبات نسب أبنائهن، ولا يتم اللجوء إلى تحليل الحمض النووي إلا لماما، في حال رفض الأب البيولوجي، وهو ما يقوّض المصلحة الفضلى للطفل… ويزداد الأمر استفحالا في حالات الزواج غير الموثق، مثل حالات الزواج المبكر للفتيات القاصرات، أو في حالات ما يسمى “بزواج الفاتحة”؛ وهي كثيرة خاصة في المناطق القروية و الجبلية، حيث يتعرض الأطفال، نتاج هذه الزيجات غير الموثقة، لمخاطر الحرمان من حق التسجيل في الحالة المدنية، وما يترتب عنها من حرمان من الحقوق الأخرى وضمنها الحق في التمدرس.
وقد تطرق التقرير إلى مجموعة من الحالات التي رصدتها الجمعية وتابعتها، كتزايد وفيات الأطفال بسبب الإهمال بمراكز الصحة التي تعرف غياب أدوية للحالات الاستعجالية، أو حالة العزلة التي تشهدها العديد من المناطق، أو جراء انهيار البنايات الآيلة للسقوط أو صعقا بالكهرباء بالشارع العمومي، أو تحت وطأة قساوة الطقس في فصل الشتاء.
وفي شأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد تميزت السنة بإحداث المركز الوطني للرصد والدراسات والتوثيق في مجال الإعاقة، وذلك في إطار تفعيل الرافعات الاستراتيجية للسياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي تم إطلاقها سنة 2015؛ لكن هذا لم يرفق بإصدار النصوص التطبيقية للقانون الإطار رقم 97.13، ولم تصاحبه، باعتراف من تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تدابير تشريعية لملاءمة النصوص القانونية الجاري بها العمل مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، لاسيما في مجال تمدرس الأطفال ذوي الإعاقة.
وإجمالا، عرفت وضعية الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يمثلون أكثر من 6.8 في المئة من نسبة السكان، خلال السنة تركيزا على الجانب الطبي أكثر منه على الجانب التربوي؛ أما الولوج إلى الشغل بالنسبة لهذه الفئة فظل محدودا جدا؛ حيث ما زالت البطالة والتهميش ينخران نحو 2.5 مليون معاق في المغرب.
أما بخصوص الهجرة واللجوء، فإن السنة لم تحفل بأي تحسن كبير، بالنسبة للأوضاع العامة للمواطنين/.ات من دول جنوب الصحراء المتواجدين في بلادنا كمهاجرين/ات أو طالبين/ات للجوء. فالتسويات الإدارية الاستثنائية الثانية لسنة 2017 لم تنل الاستجابة المنتظرة، سواء على مستوى الإقبال على التسجيل، أو على صعيد الأعداد التي تم قبول ملفاتها؛ هذا بالإضافة إلى المشاكل والعراقيل التي يواجهها الراغبون/ات في تجديد وثائق الإقامة.
وفي الوقت الذي لم تظهر بعد إلى حيز الوجود القوانين المنتظرة، منذ 2015 حول الهجرة واللجوء، فإن سياسة الإدماج المتبعة لحد الآن لم ترق، بدورها، إلى مستوى الإجابة على متطلبات المهاجرين/.ات، الذين سويت وضعيتهم الإدارية؛ إذ لازال الحق في التعليم، في كثير من الأحيان، رهينا بمزاج بعض المسؤولين الإداريين، بينما يبقى الحق في الصحة، بدوره محدودا. والتمتع بالتغطية الصحية في إطار (راميد) لم تفعل بعد. ونفس الأمر ينطبق على الحق في السكن والحماية الشخصية والتنقل، وغيرها من الحقوق الأخرى التي تكفلها المواثيق الدولية.
ولعل آخر معالم التراجعات هو ما تجسد في حملات التنقيل، التي عرفتها المناطق الشمالية، والتي لم تستثن أيا من المدن الشمالية انطلاقا ومرورا من الناظور إلى طنجة.
وفي مجال الحق في البيئة، ومن خلال تحليل مقالات الصحف الوطنية الأكثر مقروئية، ومتابعة بعض الملفات التي تطفو على السطح في المجال البيئي، فإن الحالة البيئية بالمغرب، وإن يمكن تسجيل بعض التطور خلال العقود الأخيرة في بعض القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، وتسطير مشاريع تهم البنيات التحتية في مجالات التطهير والنقل واللوجستيك والصناعة والتجارة والسكن، غير أن ذلك لم يكن كافيا للحد من الضغوطات على الأوساط الطبيعية، بسبب الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية، والانبعاثات الغازية والسائلة والصلبة التي تؤثر بشكل سلبي على الأوساط الطبيعية والتنوع البيولوجي، وكذا الأوضاع الصحية للسكان. وعلاوة على هذا، هناك مخاطر أخرى آخذة في الاستفحال بفعل التغيرات المناخية، خاصة مخاطر الفيضانات وحرائق الغابات، التي تسبب خسائر في الحياة البشرية، ولها كذلك انعكاسات اقتصادية على برامج الجهات وعلى الاستثمارات، وأخطار على التجهيزات الأساسية والفوقية.

تلكم هي حالة حقوق الإنسان ببلادنا، كما حاول التقرير أن يحيط ببعض جوانبها، وأن يرسم ملامحها العامة، وأن يعبر من خلال ذلك عن بواعث القلق ودواعي الانشغال التي ما انفكت تخالج الجمعية، ومعها الحركة الحقوقية والديمقراطية، بخصوص التباعد القائم بين خطاب ينصب نفسه حاميا لحقوق الإنسان وضامنا لها، وبين واقع يضج بانتهاكات وتجاوزات لا سبيل للحد منها، بسلوك طريق النفي والإنكار؛ وإنما بالقطع مع السياسات والمقاربات التي لا تؤمن بسيادة القانون، ولا تحترم الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين والمواطنات.

عن المكتب المركزي

شاهد أيضاً

جمعية “سكان جبال العالم” تطالب بتسريع بناء مناطق الأطلس الكبير المتضررة من الزلزال

جددت جمعية “سكان جبال العالم” فرع المغرب، هياكلها خلال الجمع العام العادي الذي نظمته بمدينة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *