تزامنا مع احتفالات الفرنسيين بعيدهم الوطني، يوم 14 يوليوز، الذي يخلد ذكرى الثورة الفرنسية. وبالنظر لرغبتي في مشاركة هذا الشعب المتوسطي احتفالاته بهذه المناسبة، فقد ارتأيت نشر مقالي، هذا، باللغة العربية، بعدما أرسلت نسخة منه بالغة الفرنسية، للمسئولين والإعلاميين الفرنسيين، حول مفهومي الجديد.. “الجمهورية العربية الفرنسية”.
إن المتتبع لشؤون السياسة الخارجية للحكومة الفرنسية وعلاقاتها الدولية، خاصة في عهد الرؤساء الثلاثة الأخيرين، هولاند وساركوزي وماكرون، وبعد التقارب الكبير الملاحظ في وجهات النظر بينهم وبين دكتاتوريي العالم، يجد صعوبة حقيقية في التمييز بين سياسات فرنسا الخارجية ومواقفها الدولية، وبين سياسات كل من السعودية وباقي مشيخات الخليج (الإمارات، قطر، البحرين، الكويت) وغيرها من أنظمة دول شمال إفريقيا، وباقي مستعمراتها في القارة السمراء.. هناك تشابه بينهما في المواقف لحد التطابق..
فبعدما كانت صورة فرنسا، لدينا نحن جيل الثمانينات والتسعينيات وبداية الألفية، مرتبطة بفلسفة عصر الأنوار ومبادئ الثورة الفرنسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبشعار الحرية والأخوة والمساواة، وأفكار جان جاك روسو وفولتير ومونتسكيو، وبدولة الرعاية الاجتماعية، وسياسة احتضان المهاجرين إدماجهم، والترافع الشرس لصالح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وحرية الصحافة والتعبير.
أصبحت صورة فرنسا اليوم قرينة مجازر بوروندي ورواندا وقمع حراك الريف، ونهب ثروات مالي، ووأد تجربة أزواد التحررية، ودعم حرب السعودية في اليمن، وتوفير الملاجئ الآمنة للحكام الفارين من العدالة، وتنمية عائداتها المادية من تجارة الأسلحة مع أمراء الحرب، في ليبيا ودارفور وسوريا وإفريقيا، وتعزيز مكانتها كممون رئيسي للأجهزة البوليسية القمعية في شمال إفريقيا وبقية العالم، وأصبحت محاميا لأصدقائها الاستبداديين في المحافل الدولية.
إن فرنسا، العدو التاريخي للريف، وتجاربه الإنسانية، المشروعة والمتكررة، ورغبته المتقدة في التغيير والعيش الكريم. وعدوة الشعب الأمازيغي بشمال إفريقيا، وحقه المشروع في حكم نفسه والتحكم في ثرواته.. فرنسا عدوة التعدد الثقافي واللغوي، كقيمة إنسانية غنية، نصيرة الفكر اليعقوبي، الأحادي التوحيدي التوحدي الشمولي، عدوة شعوب الباسك والكطلان والكرد والكورس والبروتان ودارفور وأزواد.. هذه الشعوب المناضلة من أجل الحق في المساواة والعدالة، وحماية هوياتها وموروثها اللغوي والثقافي والحضاري. الراغبة في المساهمة تعزيز فرص السلام والتعايش.. إنها فرنسا هولاند – ساركوزي – ماكرون، التي تأبى التخلص من عقليتها الاستعمارية. بشهيتها المفتوحة دائما للاستغلال والنهب، بدعم من أصدقائها مسئولي دول الكرطون التي ننتمي إليها.
وعليه، ونظرا لكل ما ذكرت أعلاه فأنني أقترح على الفرنسيين، التفكير بجدية في تنظيم استفتاء دستوري شعبي لتغيير إسم دولتهم من “الجمهورية الفرنسية” (كذا).. إلى “الجمهورية العربية الفرنسية”.. وتقديم طلب الانضمام لما يسمى بالجامعة العربية.