من الجنوب الشرقي للمملكة، إلى جامعة القاضي عياض بمراكش حيث نال شهادة الإجازة في الأدب العربي سنة 1983، سيصدر سنة 1994 عمله الأدبي الأول بعنوان “موزيا” جمع فيه ست حكايات أمازيغية. وبعد مجموعة من الدراسات حول الأدب الأمازيغي الحكائي المنشورة بمختلف الجرائد الوطنية، ستتوج سنة 2008 بإصداره أول مجموعة قصصية بعنوان “أموسو ن ؤمالو”، تلتها إصدارات أخرى بلغت 13 إصدارا موزعة بين ترجمة وقصة قصيرة ورواية، إضافة للنقد والبحث وتدوين الحكايات.
في هذا الحوار يحدثنا الأديب والمترجم الحسن زهور عن الخصائص المميزة للحكايات الأمازيغية مقارنة بحكايات أخرى من ثقافات مختلفة، وعن أهم التحديات التي تواجه الأدب الأمازيغي اليوم، وكذا دور النقد الأدبي في تحسين جودة الكتابة الأدبية. وملتمسا من وزير الثقافة توجيه مديرياتها في جهات المملكة لاقتناء الكتاب المغربي عبر إطلاق مشاريع اقتناء الكتاب، والتي سبق أن أطلقتها الوزارة سنة 2020.
مرحبا بكم أستاذ الحسن زهور على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، حدثنا عن رحلتكم في عالم الأدب والنقد؟ وما الذي ألهمكم لدخول هذا المجال؟
أولا، أشكر جريدة «العالم الأمازيغي» على فتح هذا الحوار الأدبي والثقافي كعادة اهتمامها بالشأن الثقافي المغربي.
علاقتي بالأدب هي علاقة قديمة منذ المتوسط الثاني ابتدائي (بالنسبة للنظام التعليمي القديم) حيث بدأ اهتمامي بقراءة الكتب المتوفرة آنذاك مثل مجلدات سيف بن ذي يزن (4 أجزاء)، وعنترة بن شداد (16 جزءا)، وبعض الكتب الدينية المتوفرة ك«رياض الصالحين»، و«قصص الأنبياء»، و«قرعة الأنبياء»، و«البردة» و«الهمزية» و«بدائع الزهور»… إضافة إلى الحكايات والأساطير الأمازيغية التي كانت تروى لنا، وكذا الاستماع إلى الإذاعة الأمازيغية (تاشلحيت) التي كانت تبدأ في الساعة الثامنة مساء ببرامجها وأغانيها وأشعار الروايس، إضافة إلى الاحتفالات الثقافية والاعتقادية والاجتماعية والمواسم… كل هذا كان إرثا ثقافيا وحضاريا وهوياتيا شكل مخيالي وخلفيتي الثقافية، ساهمت في اتجاهي أول الأمر إلى نظم الشعر بالعربية، لكن هذا لم يستمر طويلا، لأنني لم أجد فيه ذاتي الثقافية، ليتجه مساري إلى النثر فأجد ذاتي في الكتابة بلغتي، وسيكون مسار التغيير في الكتابة في نهاية الثمانينيات حين بدأت بتدوين بعض الحكايات الأمازيغية التي تشبعت بها، فنشرتها في بعض الجرائد مثل «البيان»، و«أدرار»، و«تاسافوت»..، وفي بعض الدوريات مثل «ليبيكا»… ليتم تتويج هذا التدوين بإصدار كتاب لي سنة 1994 بعنوان «موزيا» جمعت فيه ست حكايات أمازيغية. ليتم بعد ذلك نشر بعض الدراسات حول الأدب الأمازيغي الحكائي في بعض الجرائد مثل «تاماكيت»، و»أكراو أمازيغ»، و«تيويزا»…
وستكون 2008 سنة إصدار أول مجموعة قصصية لي بعنوان «أموسو ن ؤمالو»، لتليها باقي الإصدارات الأخرى والتي بلغت الآن 13 إصدارا في مجال الترجمة والقصة القصيرة والرواية، والنقد والبحث وتدوين الحكايات.
آخر إصداراتكم كتاب “الأنساق البنائية والوظيفية في الحكاية الأمازيغية”، هلا حدثتنا عن الخصائص المميزة للحكايات الأمازيغية مقارنة بحكايات أخرى من ثقافات مختلفة؟ وما هي المنهجية التي استخدمتموها في تحليل الحكايات الأمازيغية؟
سيقف الدارس للحكايات الأمازيغية مندهشا ومنبهرا أمام:
أولا، أمام غزارة وهذا الكم من الحكايات التي نجت من الضياع، والذي سبق لابن خلدون أن قال عن هذا الأدب الحكائي الأمازيغي (سماه أخبارا): «وكثير من أمثال هذه الأخبار لو انصرفت إليها عناية الناقلين لملأت الدواوين»؛ ونفس الملاحظة أشار إليها بعض المستمزغين في العصر الحديث، منهم الباحث الألماني فروبنيوس Leo Frobénius (1938- 1873)، والباحثة الفرنسية «كاميل لاكوست دوجردان – Camille Lakoustr de jardin»..
ثانيا، أمام تنوع الوظائف التربوية والتعليمية التي تؤديها الحكايات الأمازيغية إلى درجة أن لكل حكاية وظيفة ما تتميز بها عن غيرها. فالحكايات هي وسيلة تربوية وتعليمية تعتمد عليها الأسرة والجماعة والمجتمع لنقل القيم الأخلاقية والثقافية إلى الطفل (حكايات القنفذ والذئب مثلا)، وهي كذلك خزان قيمي وفكري وثقافي تحمل المقومات الفكرية والثقافية الأمازيغية، كما تحمل هذه الحكايات رؤى الأمازيغ إلى الحياة وإلى الوجود… فالدارس للكثير من هذه الحكايات سيلاحظ تنوع الوظائف التربوية والتعليمية: حكايات الحيوان (ووشن د بومحند…)، الحكايات العجيبة (الغيلان..)، حكايات الجن (وهي نادرة جدا)، والحكايات الغرائبية (الغيلان) والحكايات الدينية (الباحث عن الله)، وحكايات الفروسية، وحكايات الفانتاستيك (عمتي تكركاس)، وحكايات الطابو (حماد أحرام، حماد بادّو..)، وحكايات الأبطال legendes (الأولياء. سيدي حماد اوموسى، سيدي حماد اكرايمي، سيدي محمد ابراهيم الشيخ..)، والحكايات التعليمية التي تعلم الطفل حسب المناسبات، حكايات الأماني (إضرضار)، والحكايات ذات المضمون السياسي (الملك وحقل البستان)، وحكايات الحب (حكاية فاضل الشعرية)، حكايات اللصوصية (كيلو د نص كيلو)، والاساطير (المرتبط بالنشأة والخلق)..
كما تكمن أهمية الأدب الأسطوري والحكائي الأمازيغي في كونه أثر في الأدب اليوناني والروماني بحكم التثاقف الذي شهته منطقة البحر الأبيض المتوسط بين الحضارات التي شكلت هوياته الثقافية والحضارية، فالأدب الحكائي والأسطوري الأمازيغي، وهو ما أشار إليه أستاذنا الكبير محمد شفيق: «قد ترك آثاره على الفكر الاغريقي، بحجة أن الأديب الإغريقي «Theôn» أشار في مؤلفه «بروجيمناسماتا Progymnasmata» إلى أن المؤلف المسرحي الشهير «Aiskhulos=Eschyle» 525-456 ق. م كان يعرف «الأقاصيص الليبية» أي الأمازيغية، وأن تلك القصص كانت تنسب إلى «ليبي مجهول»، أما أرسطو الفيلسوف المعروف (322- 384 ق.م) فقد جعل «الأقاصيص الليبية» صنفا أدبيا خاصا، له ميزته…»، (المعجم العربي الأمازيغي الجزء الثالث، ص 478 – 479).
وبحكم إلمامي بهذا المجال الحكائي، فقد أصدرت ثلاثة اصدارات جمعت فيها بعض الحكايات الأمازيغية التي استطعت الوصول إليها: كتاب «موزيا» سنة 1994، وكتاب «عيشة مّي ييغد» سنة 2010، وكتاب «مين د ؤميين ن آيت ندي» سنة 2016 من إصدار رابط تيرا بشراكة مع وزارة الثقافة، وتم تتويج هذا الاهتمام بالأدب الحكائي بإصدار كتاب بعنوان «الأنساق البنائية والوظيفية في الحكاية الأمازيغية: la randonnée سنة 2023 وهو من إصدار رابطة تيرا بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والكتاب يتناول بالدراسة والتحليل نوعا واحدا من الحكايات الأمازيغية الموجهة للطفل ما بين الثالثة والسابعة من عمره، واعتمدت في التحليل على نظرية بياجي حول المراحل الأربع للتطور الفكري والعقلي للطفل، ويتضمن الكتاب متنا مهما من الحكايات التي تدخل ضمن هذا النوع الحكائي (أكثر من 40 حكاية).
من خلال قراءتكم، هل هناك تطور أو تغير في الحكايات الأمازيغية عبر الزمن؟ وهل أثرت العوامل التاريخية والاجتماعية على تطورها؟
من الطبيعي أن تتأثر الحكايات كغيرها بعوامل التعرية أو الفناء التي يفرضها الزمن على كل أدب شفوي غير مكتوب، كما أن الزمن يعمل عمله في الأدب الحكائي غير المكتوب زيادة أو نقصانا.. وهذا طبيعي، ويمكن لبعض الحكايات أن تتداخل فيما بينها فيما يمكن أن نسميه بسفر الحكاية داخل النص الحكائي، فيمكن لجزء من حكاية ما أن يدخل في حكاية أخرى، ويمكن لحكاية ما أن تفقد بعض أجزائها في منطقة ما ونجدها في نفس الحكاية بمنطقة أخرى، ومثل هذه التغيرات يمكن للباحث الملم بالحكايات الامازيغية أن يلاحظها وينتبه إليه، لأن الحكاية الواحدة يمكن أن تروى بعدة روايات ترتبط بطبيعة المناطق التي تروى فيها، مثل حكاية «لونجا أو لودجا…» مثلا التي تختلف روايتها من منطقة إلى أخرى رغم احتفاظها بأهم أحداثها.
كيف تقيمون الوضع الحالي للأدب الأمازيغي؟ وهل تعتقدون أنه يعيش نهضة أم تراجع؟
عندما نتحدث عن الأدب الأمازيغي، فالسؤال الذي سيتبادر إلى ذهن الباحث أو الناقد هو عن أي أدب سنتحدث؟ هل هو الأدب الأمازيغي الكلاسيكي (الكلاسيكي هنا بمعنى المرتبط بالشفاهية مثل الشعر والحكايات والقصص والأخبار والحكم والأمثال..) أم عن الأدب الحديث المرتبط بالأجناس الأدبية الحديثة، وهذا النوع ظهر مع الحركة الثقافية الأمازيغية وعودة الأدب المغربي الأمازيغي إلى الكتابة من منطلق واع وهوياتي (إذ أن الكتابة بالأمازيغية لم تنقطع قط في تاريخ الأمازيغ)، بدخول الأدب الأمازيغي إلى الحداثة وظهور الأجناس الأدبية الحديثة كالقصة القصيرة والرواية والمقالة والمسرح..
والأدب الأمازيغي الحديث يعيش اليوم نهضة كبيرة مقارنة مع فترة بدايته، سواء على المستوى الكمي المتعلق بالإصدارات وسواء على المستوى الفني والنوعي المرتبط به كأدب، ويظهر هذا من خلال تنوع وكثرة التجارب الفنية والأدبية التي يعرفها الأدب الأمازيغي اليوم. لنعطي مثالا فقط من هذا الزخم الكمي والنوعي الذي عرفه الأدب الأمازيغي اليوم، وهو الرواية التي هي جنس أدبي حديث في الآداب العالمية؛ فقبل بداية الألفية الثالثة كانت مجموعة الروايات الأمازيغية الصادرة قبل هذه الفترة لا تتجاوز ثلاث روايات، واليوم وصل عدد الروايات الأمازيغية في المغرب ما يناهز 128 رواية، منها 83 رواية صدرت بالجنوب (منطقة تاشلحيت)، أصدرت منها رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية 63 رواية. هذا الزخم في الرواية يقابله زخم في القصة القصيرة كذلك..
فالأدب الأمازيغي الحديث بأجناسه الأدبية الحديثة (القصة القصيرة، الرواية..) اليوم لا يتجاوز عمره الآن ثلاثين سنة؛ وثلاثون سنة في حساب حياة الأمم التي اهتمت بكتابة أدبها هي كذرة رمل صغيرة وسط كومة منه، لكن ما تحقق في هذه المدة الزمنية القصيرة كثير وكثير، إذ وصل مثلا جنسا القصة القصيرة والرواية (القصة القصيرة أكثر من 160 مجموعة قصصية، أصدرت منها رابط تيرا للكتاب بالأمازيغية ما يناهز ثمانين مجموعة قصصية..) إلى مستوى عال من النضج الفني والأدبي كمثيلاتها في الآداب العالمية وهو ما يجعلنا نفتخر بهذا الإنجاز وبهذا التراكم الكمي والنوعي الفني.
ما هي برأيكم أهم التحديات التي تواجه الأدب الأمازيغي اليوم؟ وكيف يمكنه التغلب عليها؟
من أهم التحديات التي تواجه الأدب الأمازيغي اليوم هو ضعف تعميم الأمازيغية في المدرسة المغربية، فالأدب يرتبط بالظروف السياسية والثقافية والاجتماعية المحيطة به، وبما أن التعليم هو القاطرة الأولى التي تساعد الأدب على الانتشار وتشجيع إنتاجه، فإن الأدب الأمازيغي أو لنقل الأمازيغية بصفة عامة ستبقى رهينة بتعميم التعليم، وهنا أشيد بدور بعض الجامعات المغربية التي نشأت فيها شعب الدراسات الأمازيغية والتي تساهم في تشجيع الإنتاج الأدبي عبر توجيه طلبتها إلى دراسة الإنتاجات الأدبية المغربية المكتوبة بالأمازيغية، كما أشيد بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في دعمه للإنتاج الأدبي عبر عقده لشراكات مع رابطة الكتاب بالأمازيغية، وبوزارة الثقافة ودورها في تشجيع الكتاب الأمازيغي في إطار دعمها للكتاب المغربي بصفة عامة من خلال مشاريع دعم الطبع والإنتاج؛ وهنا لي التماس أوجهه للسيد وزير الثقافة كمقترح لتشجيع الكتاب المغربي وخاصة الكتاب الأمازيغي في إطار التمييز الإيجابي الذي يحتاج له هذا الكتاب، والمقترح هو أن تقوم الوزارة بإطلاق مشروع آخر (إلى جانب مشروع دعم طبع وإنتاج الكتاب) لدعم الكتاب المغربي وخاصة الأمازيغي، وهو توجيه مديرياتها في جهات المملكة لاقتناء الكتاب المغربي عبر إطلاق مشاريع اقتناء الكتاب الذي سبق أن قامت به الوزارة سنة 2020 أي في عام «كورونا»، ولقي هذا المشروع استحسان الكثير، منهم رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية، لأنه أتاح لها تزويد كل جهات المملكة بالكتب الأمازيغية التي أصدرتها، ونتمنى أن يعيد السيد الوزير هذا المشروع ليكون سنة للذين سيأتون بعده.
كيف ترون دور النقد الأدبي في تحسين جودة الكتابة الأدبية؟
للنقد دور أساسي في تقدم الأدب، لكن النقد الأمازيغي (أي الذي يهتم بالكتابات الأدبية الأمازيغية) ما يزال يتلمس طريقه إزاء هذا الزخم الكبير الذي تعرفه الكتابة الأدبية في أغلب الأجناس الأدبية الحديثة؛ فالكتابات النقدية تقوم بها بعض الجامعات التي تكونت فيها شعب الدراسات الأمازيغية من خلال البحوث الجامعية، لكن هذه البحوث لا تجد طريقها إلى النشر ليطلع عليها القراء والمتتبعون للشأن الأدبي الأمازيغي؛ كما يضطلع بمهمة النقد بعض الكتاب والمبدعين الذي يزاوجون بين عمليتي الإبداع والنقد، وهذا ضروري، فرضته هذه المرحلة في مسار الأدب الأمازيغي الحديث؛ كما أن للجرائد والمجلات التي تهتم بالأمازيغية وأدبها دور في نشر الدراسات النقدية والتعريف بالكتاب الأمازيغي.
فللنقد دور أساسي في التعريف بالإنتاجات الأدبية، كما أن دوره أساسي في غربلة هذه الإنتاجات، ومع أننا ما زلنا في فترة «أسكودي» أي الإنتاج والتراكم، يبقى للنقد دور أساسي في دراسة النصوص الإبداعية والإنتاج الإبداعي بصفة عامة لإبراز الجوانب الفنية والأدبية المتميزة فيها، وبالتالي تتبع الإنتاجات الأدبية وملامح التيارات الأدبية فيها، وتوجيه الأدباء الشباب عبر الإضاءات التي يقوم بها النقاد في دراستهم للإنتاجات الأدبية.
وما يلاحظ اليوم هو هيمنة الكتابات النقدية المكتوبة بالعربية أو الفرنسية وقلة الكتابات النقدية المكتوبة بالأمازيغية، ويرجع الأمر إلى أن الظروف الحالية ما زالت لا تشجع على انتشار النقد بالأمازيغية، من بينها ضعف تعميم الأمازيغية في المدرسة المغربية، لأن مؤسسة التعليم -كما قلنا- سابقا هي المؤسسة الأساسية التي ستساعد أية لغة على الارتقاء والانتشار وعلى تشجيع الكتابة بها.. ومع ذلك يبقى النقد بالأمازيغية ما يزال في طور التأسيس ويأخذ طريقه نحو الإنتاج والكتابة.
هل هناك نصائح تقدمونها للكتاب الشباب الذين يرغبون في دخول مجال الأدب أو النقد؟
من بين التجارب التي أثرت في الأدب الأمازيغي بالمغرب تجربة رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية إلى جانب الجمعيات الثقافية الأخرى التي تشجع الإبداع بالأمازيغية، فهذه الرابطة تقوم كل سنة بدورة تكوينية في مجال أدبي معين كالقصة القصيرة أو المقالة أو المسرح؛ تتكون كل دورة تكوينية من ثلاث مراحل، وتوجه إلى الشباب وخصوصا شباب الجامعة وغيره، وتنتهي الدورة بإصدار كتاب يجمع أهم إنتاجات المشاركين في هذه الدورة، وتتم تتبع هؤلاء وتشجيعهم على الكتابة في الجنس الأدبي الذي هو موضع التكوين، وهذه التكوينات هي التي أعطت الكثير من الشباب الذين يكتبون بالأمازيغية اليوم بالجنوب، وحازوا على أغلب الجوائز الوطنية… فالتكوين والتشجيع من أهم الأسس والعوامل التي تساعد الشباب على اقتحام مجال الكتابة إذا توفرت عوامل أخرى من بينها الاطلاع على التجارب الأدبية ولن يتأتى هذا إلا بالقراءة والمطالعة، فليس هناك إنتاج أدبي من الفراغ، كما أن الموهبة وحدها لا تكفي بل تحتاج دوما إلى الصقل.
ما هي المشاريع أو المواضيع التي تودون استكشافها في المستقبل؟
ما يزال الكثير مما يود الباحث أو المبدع تحقيقه يبدو كآفاق يسعى إليها وخصوصا بالنسبة للمهتم بالثقافة والأدب الأمازيغيين، فالميدان شاسع جدا والإمكانات لا تساير ما تتطلبه اللحظة من جهد وإمكانيات تفوق جهد المؤسسات (إذا دخلت بثقلها المادي والسياسي للنهوض بهذه الثقافة وبأدبها وبلغتها) يكون فيه الجهد الفردي قطرة صغيرة لكنها مهمة، لأن القطرة الواحدة في اجتماعها مع القطرات الأخرى تولد الحياة وتغيرها.
كتبت في القصة القصيرة وفي الرواية وفي النقد الأدبي وما زال الطريق طويلا، لكن ما دام المبدع أو الباحث متشبعا بالعزم والإرادة والإبداع فستهون لديه العقبات، وهذا ما يعطي للحياة نكهتها وميزتها، فالمبدع يرى نفسه فيما يكتب وفيما يحققه لوطنه ولثقافته الوطنية.
فالمجال الثقافي والأدبي إبداع وبحث وتنقيب هو مساري الذي سلكته منذ زمن وسأبقى مستمرا فيه، وهذه هي مهمتي في الحياة التي ارتضيتها لنفسي، لذلك سيبقى مساري هذا في البحث والإبداع: الإبداع في القصة القصيرة، وفي الرواية والكتابة النقدية والبحث في الأدب الحكائي والأسطوري الأمازيغي.
كلمة حرة..
أشكر من جديد طاقم جريدة «العالم الأمازيغي» والقائمين عليها: أولا على استمرارها في النشر وعلى تحديها لكل العقبات، وثانيا على مساهمتها في تشجيع ونشر ما يتعلق بالأدب الأمازيغي، وثالثا على هذا الحوار الثقافي والأدبي.
حاوره: خيرالدين الجامعي