
رواية “نفس الله” لعبد السلام بوطيب هي صراع ضد النسيان، وبحث متجدد عن استعادة الهوية بين الهنا والهناك، أحمد بطل الرواية يفقد ذاكرته في حادث ملتبس بجراحاته وتشابك وقائعه، يصارع من أجل استعادة ماضيه -هويته، وزوجته التي بنت وجودها العائلي على نسيان وكبت هذه الذاكرة، تجد نفسها أمام تحديات وجودية جديدة فتبحث عن سبل للحيلولة دون هذه الاستعادة خوفا من أن يزلزل الماضي حاضرها، وجلجل حارس اللسان والقيم يبحث عن أمه ويخفي جراح تشظيه…
ما يمير رواية عبد السلام بوطيب في روايته الجديدة، هو البعد الصوفي للعنوان “نفس الله” الذي ينفتح على افق مغاير في المحكي المغربي، لا يهتم باستعادة وقائع جراح الماضي، بل يتوجه نحو المستقبل ويضع الذاكرة الفردية والجماعية في قلب المختبر، في افق مصالحة كبرى عبر استعادة هوية البطل أحمد وأسرته، وأيضا مساءلة الذاكرة الجمعية بين فضاءين متمايزين في المغرب وهولندا كبلد مهجر احتضن جزءا كبيرا من ساكنة الريف.
في رواية “نفي الله” نجد أنفسنا من خلال سرد متعدد الأصوات بلغة باختين، أمام هويات منفلتة تُبنى عليها مواقف جديدة للشخوص، أحمد ضحية الماضي يصبح خبيرا في العدالة الانتقالية، زوجته لويزة تصبح أنجيلا.. “جلجل” الوصي الساهر على القيم والوحدة الهوية المقدسة والجامدة، يصبح متحولا يبحث عن أمه في متاهات أشبه بمتاهة بورخيس.

رواية ” نفس الله” لعبد السلام بوطيب الصادرة حديثا عن منشورات النورس في حلة أنيقة، هي سفر في ذاكرة شخوص، تاريخ أمة، رواية مصوغة في قالب فني محكم وبلغة آسرة، يقودنا عبد السلام بوطيب بنباهة نحو المنفلت حيث نسير شفرة حادة للأسئلة التي رافقت أمة في زمن صعب، وتمنحنا لغة السرد متعة مضاعفة.
تعكس رواية “نفس الله” انشغالات الكاتب بمجالات الذاكرة المشتركة والعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان في ارتباط بالتحولات الثقافية والقيمية والمجتمعية العميقة، يقول عبد السلام بوطيب في تقديم عمله الروائي الجديد: “تدور أحداثُ هذه الروايةِ حول أحمد، المؤرِّخ والخبير في حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، الحامل للجنسية الهولندية، الذي فقد ذاكرته وهويته في ظروف غامضة تثير العديد من التساؤلات. كما تسلط الرواية الضوء على قصة أخواته الأربع، إلى جانب نساء أخريات يعشن في صمت مريب، يشبه ذلك الصمت الثقيل الذي يطغى على انتظار النساء عودة عزيز الغائب قسرا.
سعاد قنبوري
جريدة العالم الأمازيغي صوت الإنسان الحر