أكد الدكتور عبد الله الحلوي، أن أمام الحركة الأمازيغية خيّارين فقط “تأسيس حزب سياسي ذي جاذبية سياسية بناء على وثيقة تصاغ فيها المعالم العامة لمشروع سياسي مجتمعي ذي جاذبية سياسية، أو استمرارها في التخبط السياسي إلى ما لا نهاية له”.
وأكد الأستاذ الجامعي لـ”العالم الأمازيغي” أن “مستقبل الأمازيغية رهين بالتئام قيادات الحركة الأمازيغية حول مشروع سياسي ومجتمعي جذاب يقنع الشارع بجدواها وقدرتها على تحقيق ما يطمح له المواطنون”. مشيرا إلى أن “الأحزاب القائمة لا يهمها أمر المطالب الهوياتية الأمازيغية إلا بقدر ما تستعملها للاستقواء السياسي”.
* كيف ترون واقع الحركة الأمازيغية ومستقبل الأمازيغية بعد تسع سنوات من الترسيم؟
سياسيا، مستقبل الأمازيغية رهين بالتئام قيادات الحركة الأمازيغية حول مشروع سياسي ومجتمعي جذاب يقنع الشارع بجدواها وقدرتها على تحقيق ما يطمح له المواطنون. الأحزاب القائمة لا يهمها أمر المطالب الهوياتية الأمازيغية إلا بقدر ما تستعملها للاستقواء السياسي؛ الدولة تتحرك بإيقاع پراڭماتي بطيء إلى منعدم يحكمه منطق “لن أعطي شيئا بدافع التعامل مع الضغط”؛ الشارع محكوم بمشاكله السوسيو اقتصادية التي أضاف إليها عصر فضاء ات التواصل الاجتماعي عنصر الانشغال بالتافه والاحتفال به. السديم السياسي/الثقافي الذي نسميه ب”الحركة الأمازيغية” مكبّل بشكل منفّر بالصراعات والخصومات الداخلية الغير صحية … الحل؟ … التئام القيادات حول مشروع سياسي مجتمعي جذاب ذي قيمة مضافة حقيقية وأصيلة. مستقبل الأمازيغية رهين بموقفنا من هذا الخيار سلبا وإيجابا.
* فاعلون أمازيغ عبروا عن نيتهم الدخول للحقل السياسي بحجة استنفاذ العمل الجمعوي والثقافي لمهامه؟ هل تتفقون مع هذا الطرح؟
رأينا في هذه المسألة أن ليس هناك موقف “سياسي” وموقف “مدني” أصلا. جميع المواقف هي مواقف سياسية. فمن يدعي بأنه يفضل “النضال” على الواجهة الثقافية والأكاديمية فحسب، فهو يختار موقف سياسيا شعاره المهادنة مع الحركات السياسية الأخرى والخضوع لخياراتها واشتراطاتها. هناك خياران أمام الحركة الأمازيغية فقط: تأسيس حزب سياسي ذي جاذبية سياسية بناء على وثيقة تصاغ فيها المعالم العامة لمشروع سياسي مجتمعي ذي جاذبية سياسية أو استمرار التخبط السياسي إلى ما لا نهاية له.
* تابعتم إعلان عدد من الفاعلين عن نيتهم الالتحاق بالأحزاب السياسية القائمة؟ كيف تقرؤون هذا التحول؟
يصعب تقييم مواقف سياسية لا يعرف حتى من يتبناها.. إذا كنتم تقصدون ما يصلنا من إشاعات عن رغبة بعض القيادات الأمازيغية في الانضمام إلى حزب التجمع الوطني الأحرار في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، بدافع الدفاع عن المطالب الهوياتية من داخل مؤسسات الدولة، فأنا أسجل التحفظات التالية. أولاها، أن هذه الخيارات وأمثالها تعكس نفس العقلية التي حكمت الأمازيغ عبر التاريخ والتي جعلتهم لا يتحركون خارج مربع سياسات التحالف مع الدولة الفلانية ضدا في الدولة العلانية، وهم لا يزالون يدفعون ثمن سياسات الولاء السياسي هاته إلى الآن. إذا كنا لا نستطيع ابتكار مشاريع مجتمعية جديدة ـ معالم اقتصاد سياسي جديد ـ فهم للثقافة جديدة ـ قيم عملية جديدة ـ إلخ، إذا لم ننجح في ذلك، فسنظل نحوم حول نفس العقلية الولائية التي هي سبب كل المصائب التي حلت بهذا الشعب.
ثانيها، أن الأحزاب، مهما كانت، محكومة في مواقفها من القضية الأمازيغية بموقف الدولة الپراڭماتي .. وموقف الدولة هو: سنطور من الشأن الأمازيغي، ولكن بالإيقاع الذي نختاره، وفي الوقت الذي نختاره، بل قد نختار سحب كل “منحة” منحناها إذا اقتضى الأمر. لذلك، فمهما كانت الأحزاب التي يريد هؤلاء القياديون الالتحاق بها، فسيكتشفون الحدود المرسومة ليتحول انتماؤهم إلى مجرد غنيمة سياسية قد تغري بتعديل المواقف الأصلية من أجل استدامتها.
* في نظركم، هل هذا التحول من السعي إلى تأسيس أحزاب بخلفية أمازيغية إلى نية الانخراط في الأحزاب السياسية القائمة هو “إعلان فشل” لهذه المجموعة في تأسيس “حزب أمازيغي”؟
هو في الحقيقة ليس فشلا في تأسيس “حزب أمازيغي”، بل فشل اختيارات غير ذكية في بناء مشروع سياسي ومجتمعي ذي جاذبية حقيقية.
* ما هي البدائل والتصورات والاقتراحات التي يمكن أن تساهم في “انتشال” الحركة الأمازيغية من هذا “التخبط السياسي” إن جاز التعبير؟
البديل هو التئام القياديين في إطار أوراش عملية لصياغة معالم مشروع سياسي مجتمعي حقيقي يقدم عرضا سياسيا جذابا يرسخ المطالب الهوياتية الأمازيغية (في إطار يحترم الدستور ويدعو إلى تطويره) ويرسم خريطة طريق واضحة تحول المجتمع المغربي إلى مجتمع معرفة وابتكار وعدالة اجتماعية … هذه ليست شعارات بل برامج ملموسة قادرة على تحويل المغرب إلى هونڭ كونڭ إفريقية تكتشف هويتها في الثقافة والتاريخ الأمازيغيين.
* من جهة أخرى، ما رأيكم في “إقبار”وتذويب المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية داخل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتجريده من استقلاليته وصفته الاستشارية؟ وهل سيكون لهذا القرار أثر على ترسيم الأمازيغية؟
“الايركام” أعطى الكثير للثقافة الأمازيغية… لن نستطيع تقييم خيار إدماجه في إطار المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية إلا إذا قارنا إنتاجاته بعد الإدماج بإنتاجاته قبل الإدماج … ولا ينبغي أن تشغلنا هذه الجزئية عن القضية الأساسية.. وهي ضرورة تأسيس حزب سياسي يرفع المطالب الهوياتية في إطار مشروع سياسي مجتمعي بعرض جذاب.
حاوره/ منتصر إثري
تحية تقدير للدكتور عبد الله