الخصوصية الدينية بالمغرب ودورها في الأمن الروحي

بنضاوش الحسن

رغم حاجة الإنسان إلى التدين في الحياة، اعتبارا لما يقدمه الدين للبشرية من منهج حياة وعطاء والعيش المشترك، إلا أن هذا الأخير بفعل التاريخ والتأويلات الخطيئة، وتدخل بين السياسي والديني، خرج أتباعه في جميع الديانات عن المنهج السليم وروح النص الأصلي مما تسبب في حروب وكوارث إنسانية مازالت أثارها ظاهرة للعيان.

وفي ظل اجماع كوني على ضرورة العودة إلى الصواب، وترك التدين أمر شخصي لا يدخل في إطار الجماعة أو المجموعة، وابعاده عن السياسة وأمور البشرية الدنيوية، يجب استثمار الإرث الإنساني للبشرية في التدين الناجح والبعيد عن الغلو والتطرف.

ولنا في المغرب منذ الغزو الإسلامي، نموذجا مغربيا أصيل في التدين المالكي الاشعري المعتدل، استمد قوته من الثقافة الأمازيغية وتطور العرف المحلي، وتجربة الإنسان الأمازيغي مع الأخر في التواصل والتفاعل، ومرور جميع الأديان بهذه الأرض المباركة، انتهت بإستقرار التدين على الإسلام مع عدم رفض أو قمع الديانات الاخرى وبالتالي اتساع الرقعة لكل الأديان ومن يتدين بها.

ووجود أضرحة وزوايا ومزارات إسلامية ويهودية في مدن وقرى مغربية، في إحترام تام، واحتفال مشترك أحياناً كثيرة بين مريدي وأتباع الديانات يشكل صورة حقيقية للتعايش بين إخوة اختار كل منهم التقرب إلى الله عبر نبي أو رسول يراه حقيقة التدين، مع وحدانية الله لدى الجميع.

والممتبع لمسار الاحتفالات الدينية بالمغرب ، يكتشف أن حتى توقيت الاحتفالات متقاربة بين المسلمين واليهود، وفي أماكن متقاربة، ودائما ما يكون الختم بالدعاء كل حسب طريقته وطقوسه في ذلك للملك والشعب المغربي والمملكة المغربية، وهي رسالة أخرى قوية تؤكد أن المتدين المسلم أو اليهودي ما يجمعهما أكثر مما يفرق بينهما في المجال المشترك والثقافة والحياة العامة وفي الأمل والمستقبل.

والتسويق والتعريف بهذا المنهج السليم والاصيل، وادراجه في المقررات الدراسية، وفي الإعلام السمعي والبصري مسؤولية الدولة، ومدخل أساسي للأمن الروحي وصيانة العقول من الغلو والتطرف واستهلاك الخطاب المشرقي الذي يتخذ من الكره والتكفير منهجا وسيرة له، ويعمل جاهدا على تصديرها إلى الأمم الأخرى.

إن الجميع أمام تحدي كبير، لحفظ وصيانة الخصوصية الدينية المغربية الأصيلة التي ابدعها الاجداد، وحافظوا عليها لتكون دائما الحصن الحصين للانسان والمجال، وتضمن الأمن والاستقرار.

شاهد أيضاً

التجمع العالمي الأمازيغي يتضامن مع عصيد وكلاب ويطالب النيابة العامة بالتدخل

يُتابع التجمع العالمي الأمازيغي بقلق بالغ ما يتعرض له كل من الدكتور عبد الخالق كلاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *