فيما يخصّ لفظة “ماست”، هناك لبس كبير يحوم حول دلالة هذا العلم المكاني. هذا اللبس راجع بالأساس إلى أن هذه المنطقة غارقة بجذورها في التاريخ القديم, إذ يصعب تحديد المعني الخفي وراء هذا العلم، فيما يلي سرد مختلف التعاريف التي أوردها ثلّة من المؤرخين حول لفظة “ماست” ونقول بان جميع الدراسات التاريخية التي تناولت هذا المركب بالتحليل والبحث فيه لم ترد هذه اللفظة كما تنطق على لسان ساكنة المنطقة “ماست” بفتح الميم وسكون السن و التاء المبسوطة ، بل يتمّ وضعها في وزن عربي إمّا عن قصد أو جهل لمعناها ، ذلك على غرار باقي الأسماء في مختلف المجالات بشمال أفريقيا ، وقبل محاولة البحث و النّبش قي دلالات هذا المركب لا بأس من سرد بعض الصّيغ التي يدوّن بها بعض التاريخيين منطقة ” ماست ” وذلك في كتب تاريخية عدّة :
“Massat” une tribu berbére au sud du Maroc
“Mastat” une tribu berbére au sud du Maroc
“Messa” ,”Meca” une tribu berbére au sud du Maroc
“مـــاسات” دائرة المعارف الاسلامية ،مجلد 12 ،صفحة 373 .
“تمــست” وصف افريقيا لمرمول كاربخال .
الدراسات التي ذكرت فيها منطقة “ماست” بمختلف الصيغ تقدم لنا فقط الشيء القليل عن معنى هذا الاسم الغارق في القدم، إذ بهذا سنلجأ إلى المجال اللساني لعله يفك طلاسمه من الغموض الذي يشوبه، مستعينين في ذلك على كل المشتقات التي قد تحمل معاني ودلالات غير ظاهرة للملاحظ العادي والغير المتمرس. والتي لم ينتبه إليها المؤرخون المحللون لهذه اللفظة، وذلك لعدم إتقان أغلبيتهم للغة الأمازيغية التي أنشأ بها هذا العلم،إيمانا منا بان تركيز الدراسة اللسانية هي الكفيلة بان تعطينا الدلالة الأقرب شيئا ما إلى الصواب وإلى فك اللغز الذي يحمله هذا المركب الاسمي رغم العراقيل التي قد تشوب هذا التنقيب عن المعنى الصحيح للكلمة، سنعتمد هنا أساسا على تحليل الدكتور محمد بصير الذي قام بالاستناد إلى الألفاظ والأسماء التي تشترك مع هذا الاسم في حروفها خاصة منها الحروف الأساسية الميم والسين ثم التاء.
فقد قام باشتقاق جملة من الألفاظ من لفظة “ماست” حيث أنه في الأول استند إلى المنهج الديني والرواية الشفوية التي تقول بأن ” سفينة نوح عليه السلام لما وصلت هذه المنطقة مس طرف من السفينة جرفا صخريا وبذلك الحدث سميت تلك المنطقة بهذا الاسم ” أو الفعل ( مس ) فسمية ( مست) بفتح الميم وتشديد السين وتسكين التاء.وهذا التحليل يقوم بالاعتماد أكثر على الدين وعلى اللغة العربية، لأن هذا الاسم اشتق من فعل “مس”، من هذا المنطلق قد نتفق مع تصور الدكتور بصير في كون أهل المنطقة لا يتكلمون اللغة العربية وان اسم “ماست ” كما ينطقه السكان كان موجودا قبل مجيء الإسلام إلى تلك المنطقة وقبل انتشار العربية بها….
من الألفاظ الأخرى التي توصل إليها في هذا الاسم لفظة (ءاماس) الذي جاء من فعل (امس) وهو خلط الماء بغيره بفتح الهمزة وسكون الميم والسين، وهذا التحليل في وجهة نظرنا لكونه يتعلق بالماء، حيث أن ” ماست” تتميز بوفرة الماء ولكون أيضا هذا المركب الاسمي ( أماس) مركب أمازيغي صرف، فقد قام الدكتور بصير بربط هذا الفعل ( أمس) بالماء حيث قال : زيادة الماء على الماء وإضافته إلى الشيء أمر ملحوظ في مد أمواج البحر وتوغلها داخل النهر خلطا وزيادة على مياهه.
هذا التحليل هو أقرب شيئا ما إلى الصواب حيث أنه في فصل الشتاء تختلط مياه البحر مع مياه النهر الذي يفيض بشدة.
علاقة بالاسم والمسمى نجد أيضا مصطلح ” ماسين” و ” تاماسينت” دالة على الأراضي الخصبة والتي نجدها بساقية ” ماست”.
اقترح لنا كذلك مصطلح “وامسا” وهو نوع من العنب يوجد في المنطقة.
وعلاقة بنفس المصطلح أي “ماست” نشير أن الدكتور بصير أثار مسألة الذوبان الحضاري والتأثر بين دول البحر الأبيض المتوسط إذ أورد لفظة (ميسا ) . وهي منطقة اسبانية، وهذه اللفظة تعني الطاولة أو الشيء المبسط، إذ تشترك مع مصطلح ” ماست” في المعنى ولو بشكل تقريبي.
كل هذه الاشتقاقات تفيد معنى واحد وهو الأرض المنبسطة المستوية والغنية بالمياه والعيون.
في ايطاليا توجد مدينة تحمل اسم (ماشا) وهي تقع في موقع يشبه تماما موقع ” ماست” { بحيث يخترقها نهر وهي مجاورة للبحر} وبفعل الجوار من حيث المدن التي تطل على البحر الأبيض المتوسط فهناك تقارب من حيث التضاريس والأنهار وحتى الأسماء بين هذه المدن، وهذا ما لمسناه من خلال شهادة الدكتور بصير حيث قال أن باحثة برتغالية أفادته بأن في البرتغال ثلاث مدن تحمل أسماء مشابهة لماست وهي (ماشا) وهذا ناتج عن الفترة التي كان فيها البرتغال في ماست، وبفعل ذلك تم نقل اسم ” ماست ” ولو لم يكن بالشكل الذي ينطق به، فنقل إلى البرتغال، وهذا دليل على العلاقة الجيدة بين البرتغاليين وأهل منطقة ” ماست”.
“شهادة الدكتور بصير حيث قال أن باحثة برتغالية أفادته بأن في البرتغال ثلاث مدن تحمل أسماء مشابهة لماست وهي (ماشا) وهذا ناتج عن الفترة التي كان فيها البرتغال في ماست، وبفعل ذلك تم نقل اسم ” ماست ” ولو لم يكن بالشكل الذي ينطق به، فنقل إلى البرتغال، وهذا دليل على العلاقة الجيدة بين البرتغاليين وأهل منطقة ” ماست”.”
الإستدلال والإستنتاج في أبهى حلله. فعلا النتيجة التي وصلت لها لا تحتاج نقاش.
لا أحد يعرف المعنى الحقيقي لكلمة ( ماسة ) .كل ما ورد في البحث ليس سوى افتراضات لا يمكن إثباتها .