الدولة فشلت في تطويق رقعة الحراك الريفي

بقلم: خميس بتكمنت 

فشلت الدولة على مر ستة أشهر من تطويق رقعة الحراك الريفي و حصرها في مساحة ترابية محددة ليسهل عليها ضبط الفعل الاحتجاجي و إضعافه ، تزايدت بؤر الاحتجاج و تكاثرت رغم محاولات الشيطنة بالاستعانة بالاعوان و أذرع السلطة الخلفية و كذا الاجهزة الايديولوجية (الإعلام الرسمي، ووسائل الإسلام السياسي من فقهاء وخطباء)، و اتخذ الحراك رقعة الريف التاريخي ليحطم مقص التقطيع الترابي المخزني ..

مع تزايد الشرارة عمد المخزن الى استعمال ورقة البلطجة لتعوض النقص اللوجيستيكي في الأدوات التي تتطلبها المقاربة الامنية ليترك وحداته القمعية مرابطة في إقليم الحسيمة و تلعب البلطجية دور الإرهاب النفسي على الريفيين من _جنوب باينتي _ ، لكن هذه الورقة أعطت نتائج عكسية إذ انها اضفت طابع الشرعنة على الحراك و فهم عامة الريفيون أن الأطروحة المخزنية التي يدافع عنها ذوي الاعاقة السلوكية و المنحرفين و المجرمين هي اطروحة _تفتقد للحق _ فاصطفوا موقفيا مع الحراك و يُنتظر ان يلتحقوا ميدانيا به باعتبار أن سؤال ضميرهم يحتم عليهم الاصطفاف مع الحق (سواءا بدوافع دينية او بدوافع سياسية تصب في التموقف المنطقي ) ، و حتى تحركات الولاة و العمال للاحتكاك بالجماهير جعلت الشارع الريفي يؤمن بفعالية الاحتجاج و ثقل الفعل الاحتجاجي مما عجل بظهور بؤر المداشر و لجان تكلفت بصياغة ملفات مطلبية تستعرض فيه الحاجيات المستعجلة .

الآن نحن أمام سيناريو جديد ، فمرحليا المخزن بدأ في بناء جدران أمنية بإنزال المزيد من القوات الى ضواحي الحسيمة لعزل الهوامش عن المركز ، لكن الريف في هذه المرحلة يجب ان يستفيد من حافز الحظ التاريخي حسب ميكيافيلي ، فبمجرد شروع المخزن في هذه الاستراتيجية انتقلت الشرارة الى وسط الريف التاريخي ( اقليم الدريوش إداريا او اقليم كرت تاريخيا ) ، اذ ظهرت لجان الحراك مهيكلة في كل من ميضار و قاسيطا و أزلاف و ايت سعيد بالاضافة الى ايت وليشك و تمسمان و آيت امغار ، و انضافت مؤخرا تفرسيت و سيدي علي بورقبة و مناطق أخرى ، مع التسليم بوجود لجنة الناضور و شبذان (رغم الخلل التنظيمي لهذه اللجان ) ، هذا الواقع على الارض خلخل أوراق خبراء الإطفاء المخزني بحيث اصبحوا أمام واقع آخر لا يستطيعون فيه تحديد مركز الاحتجاج حتى يتسنى لهم عزله عن ملحقاته ، في نظري فالمرحلة تستوجب التعقل اكثر لفهم مخططات المخزن المستقبلية التي صارت تطفى عليها طابع المزاجية و الارتجال ، و الاكيد أن عسكرة الحسيمة بهذا الشكل يفترض احتمالين إما الشروع في إختبار الجماهير بخلق صدمات (إما باعتقال نشطاء او بالتدخل القمعي باستعمال العنف المادي ) ليختبر قابلية القاعدة الجماهيرية على الصمود في الشارع أو إما مأسسة الرهب المظهري من خلال استعراض القوات العمومية بالشارع العام للتأثير على نفسية المحتجين و محاولة بناء هالة المخزن التي حطمها الحراك و القائمة على ثلاثية الإعلاء/الجبروت/الأحادية في صنع القرار ، اقول حطمها لأن الحراك أظهر افلاس النخب السياسية المخزنية و عدم فعالية الأذرع الحزبية في الحشد و التأثير و إظهار فشل أذرعه السلطوية (تحركات الولاة ) و فشل المخزن مرحليا في صنع طرف تفاوضي من شأنه القيام بأدوار خلخلة القاعدة الجماهيرية ..

للختم فالمرحلة القادمة علينا النظر للحراك من زاوية شمولية ريفية بمعزل عن التشابك الإقليمي كما يريده المخزن إيمانا أن النظام يحاول التعامل معه بمنهجية الأشطر ليسهل عليه معالجته كأجزاء مفككة ،هذا يتطلب منا أن قوة الحراك و ضمانة ديمومة سيرورة قوته هو إغراز ثقله الوحدوي الشامل مع إيلاء أهمية قصوى لدور لجان الدعم في الدياسبورا و التفطن للدور الهام للإعلام البديل الذي يحول دون تمكن المخزل في كبح المعلومات و المستجدات ذات الصلة بالحراك ، فمن الاهمية بما كان توثيق كل التفاصيل حتى لا تتسنى له فرصة إنتقاء المعلومات التي يود ترويجها و كبح ما من شأنه التأثير على استراتيجية التحكم و الاخضاع التي فشل فيها راهنيا ..

 

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *