الرابور التونسي مروان ملوح: أرفض طمس التاريخ الأمازيغي لتونس وتزويره وربطه بالجزيرة العربية

أجرت جريدة ‘العالم الأمازيغي”، حوارا صحفيا مع الفنان الرابور التونسي المثير للجدل بأغانيه الجريئة والتي تتناول من خلالها عددا من المواضيع المرتبطة بالقضية الأمازيغية، والوعي بالذات الأمازيغية على صعيد تونس وشمال إفريقيا عامة، وشكلت أغنيته الشهيرة ‘أزول ولن نزول” انعطافا حاسما ومهما في المسار الفني للفنان مروان.

 مروان تحدث مع “العالم الأمازيغي” في تونس العاصمة وأجاب عن أسئلتنا:

حاوره: منتصر إثري

نبدأ بالسؤال الكلاسيكي، حدثنا قليلاً عن شخصيتك وكيف تود أن تعرف نفسك للقارئ؟

مروان ملوح، ولدت في تونس العاصمة لكن أصولي تعود لمدينة سوسة، فنان راب عصامي التكوين، كأغلب شباب جيلي، ارغب بالموسيقى وأنا مازلت صغيرا، أصبحت رابورا محترفا منذ 5 سنوات، رغم قلة إنتجاتي الفنية ذلك لظروف عدة منها الانشغال بالدراسة، وظروف العمل، إضافة إلى كوني لاعب كرة قدم سابقا.

خلقت نقاشاً مهماً جداً حول الهوية الأمازيغية لتونس في المقطع الذي قلت فيه “التوانسة مش عرب” كيف فكرت في إصدار هذا المقطع؟ وهل كنت تتوقع نجاحه بهذا الشكل؟

نعم، خلقت كلمات تلك الأغنية جدلا ونقاشا واسعا، فلتونس تاريخ موجود وبالرغم من تحريفه إلا أنه لم يطمس كليا، سنة 2012 بعد الثورة التونسية، و بعد المد الوهابي الإخواني المدعوم من العرب الخليجي، وبعد “غزوة المنقالة” الشهيرة التي كنت شاهدا على أحداثها والهرج والفوضى والتخريب الذي لحقها، وقفت متأملا وقلت مع نفسي هؤلاء لا يمثلوننا، ليس التونسيون من يفعلون هذا، طباع التونسي تتسم بالسلم وقيم التسامح وقبول الآخر مهما كان اختلافاته دينية أو عرقية، من أين أتت هذه التصرفات المتخلفة و المتوحشة والغريبة عنا؟ وماهي مصدرها؟ كان هذا  حجر أساس أغنية “توانسة موش عرب”، وذكر تاريخ تونس الكبير والذي يمتد إلى عمق تاريخي يسبق بكثير 1347 سنة من الاحتلال العربي.

قلت بأنك تعرضت للتهديدات مباشرة بعد نشر هذا المقطع، مدى جدية هذه التهديدات وما هي مصادرها؟

موضوع التهديدات لا يتجاوز المهاجمة والسب الفايسبوكي، من أشخاص وجهات لم ترقها مواضيع الأغاني التي أقدمها، لكن منذ صدور الأغنية الجديدة تعرضت لنوع جديد من الهجوم والوعيد من بعض (وليس الكل) الأمازيغ الناطقين بها  والذين يعون هويتهم جيدا، للأسف ارتموا في حضن العروبيين بشكل مهين وشملهم الاستلاب، لكن هي حالات شاذة لا تستحق كل هذا النقاش.

ـبدوره مقطع “أزول ولن نزول” حقق نسبة عالية من المشاهدة في “اليوتيوب” هل كنت تتوقع هذا النجاح؟

سبب نجاح أغنية “أزول و لن نزول” يماثل سبب نجاح عمل “توانسة موش عرب”، وهو كتابتها بطريقة عفوية، من خلال الأشياء التي أحس بها و يحس بها أغلب الأمازيغ، كنت أتوقع نجاحها لسبب بسيط وهو أنني أغني الحقيقة.. وبعد انقطاع عن الغناء لمدة سنتين وبتشجيع كبير من طرف الكثير من أنصاري ومششعي الفن الذي أقدمه، صيغت هذه الأغنية ولم تتناول كلماتها  تونس فقط بل كل شمال إفريقيا، والإبادة التي وقعت من سيوة للكناري، الوطن الكبير، ورأيت أنه لمن الواجب تخليد شهداء الأربعين سنة الماضية، كي لا يذهب دمهم وتضحياتهم سدى، ذكرت عواصم الثقافة العربية، غدامس، صفاقس، سيرتا.. وهذه مهزلة واعتداء علينا وعلى كرامتنا وتاريخنا في عقر دارنا بدون حياء، فلابد أن يعي كل قدره ومكانته على هاته الرقعة الجغرافية.. وتحية كبيرة للكثير من الأصدقاء الذين قاموا بتحفيزي للقيام بهذه الخطوة سواء من أمور ن أكوش أو من الجزائر أو ليبيا أو تونس.

متى وكيف بدأ الوعي بالهوية لدى الفنان مروان واكتشف أنه إنسان أمازيغي؟

بالرجوع للتاريخ عرفت أن هذه الأرض أمازيغية وكل ما عليها أمازيغي، من عاداتنا وتقاليدنا وطريقة عيشنا والتي كانت تسمى بالعربية، كما اكتشفت حينها أن كل شمال إفريقيا أمازيغ بالأرض وبهويتها وبتاريخها وعاداتها وتقاليدها.

إلى أي حد يمكن أن يساهم الراپ الملتزم إن جاز التعبير في نشر الوعي الأمازيغي في تونس؟

هناك عدد كبير من الناس يعتبرون الراب فن شارع، إلا أنه فن راقي يقول الحقيقة ويكشف الأكاذيب بدون مواد تجميل، الراب يستفز ويحتج، فن الراب ثقافة كاملة وإيمان بما هو أفضل، هذه العوامل الناقصة لإصلاح ما حرف من التاريخ، فأغاني الراب التي أؤديها، تدعو للتساؤل والاستفزاز وتبحث عن الحقيقة وهذه العوامل هي التي تساهم في إصلاح التاريخ.

كيف تنظر لهذا النوع من الفن عموماً؟

فن الراب مركب ثوري ولا يقوم على المجاملة، يقول الحقيقة وطريقة علاجها، وساهم في رفع مستوى الوعي الهوياتي لدى أمازيغ تونس، حتى من لا يعي انه أمازيغي أصبح يعي انه ليس عربي قح، كل ذلك ساعد في انتشار فني والأغاني التي أنتجها.

حدثنا عن الحراك الآمازيغي في تونس؟

لا أدري كيف اسميه، هل هو حراك أم نشاط، وهناك الكثير من النشطاء يبدلون جهود كبيرة ولو على حساب عائلاتهم وأمورهم الشخصية، لست مؤهلا للحكم عليهم، لكنني لا أحبذ الإكثار من هذا الحراك أو النشاط حتى لا يغدو فلكلورا، وارى أن الصراع الحقيقي هو بين السكان الأصليين لشمال إفريقيين ووكلاء الاستعمار المنصبين من الخارج، هذا هو الذي يمثلني، غير أنني أثمن العمل الصحيح على أرض الواقع.

وماذا عن العلاقات التي تجمع بين أمازيغ شمال أفريقيا عموماً؟

العلاقات بين أمازيغ شمال إفريقيا مبنية على التآخي، والقبول بعضنا البعض مهما كانت توجهاتنا الفكرية أو الإيديولوجية،و هذا سر قوتنا.. حسب تجربتي الشخصية، بالرغم أنني لست ناطق إلا أني وجدت كل التقدير والحب والاحترام والمساندة من قبلهم، وبالرغم من أني أغني بالدارجة لقيت منهم كل الدعم، طبيعتنا متطابقة وولاؤنا مشترك للوطن، وبالرغم من اختلافنا في نقاط جوهرية إلا أنه تجمعنا الأمازيغية، وأنا شخصيا أراها نقطة قوتنا.

كيف ينظر المجتمع التونسي للقضية الأمازيغية؟

المجتمع التونسي ليس رافضا القضية الأمازيغية، وهناك عدد كبير من الناس يعترفون بأصولهم، وباتوا يعرفون أن هذه هي أصولهم، ويعترفون أيضا بالمختلفين عنهم من أصول أخرى، كلنا تونسيون، “كيف كيف”، وعاداتنا وتقاليدنا التي كان يتم ربطها بالثقافة بالعربية بدأ تصحيحها، الأمازيغية في تونس بدأت تقطع أشواط كبيرة ومتسارعة، والقادم أجمل..

هل نتوقع منك البوم في القريب؟ وما هي نوعية المواضيع التي تشتغل عليها؟

نعم أخي، في الوقت الحالي منكب على صياغة أغنيتين، و سبق لي أن أعلنت أنني بصدد تحضير ألبوم تحت اسم “أمازيغ موش عرب”، بعد الأغنيتين السابقتين الثالثة والرابعة ستريان النور قريبا، وهي بمثابة عودة بنفس جديد بعد انقطاع عن الغناء دام سنتين..

بما ترد عن من يتهمك بنشر الفتنة والتفرقة بين التونسيين ؟

عندما أتكلم على الأمازيغية فأنا بصدد الحديث على أرض، هوية، أمة، حضارة، تراث مادي، تراث لا مادي، إنسان، تاريخ، عادات وتقاليد، فنون و فكر كامل، أبطال تاريخية دفعوا حياتهم فداء لهذا الوطن ورفضوا الاحتلال الخارجي، أبطال ليومنا هذا يضخون في دمائها فداء للوطن.. هذه هي نظرتي للشأن المحلي التونسي.

قلت مرارا بأن الأمة التونسية هي في الأصل أمة الأمازيغية، كيف؟

الأمة التونسية روحها أمازيغية، لباسها، أكلها، ثقافتها بصفة عامة، تاريخها، طريقة تفكيرها، جيناتنا أمازيغية، الأحجار التي نراها يوميا أمازيغية، والأقلية العربية أو غيرها الموجودة في تونس ليس عندنا أدنى مشكل معها (كلنا توانسا و حد ما يزايد على حد)، لسنا مع تقسيم بلدنا و لا إثارة نزاعات قبلية وجهوية أو عرقية، ولا ننزع نحو التفرقة، على مر التاريخ تعايشنا مع الكثير من الحضارات، حاربنا إلي  أن احتلنا العرب والأتراك وفرنسيين…، نحن أبناء ديهيا، يوغرتن، سانت أغستين، يوبا، سيفاكس، ماسينيسا، نحن الاختلاف و ليس التخلف، نحن الحضارة و الرقي و الوعي، لا أحب من يسعى لفرض  ثقافة أهل الخليج في تونس، ومع من صعدوا سنة 2011 (و تشعبطوا في المنقالة بعقليتهم العربية المتخلفة)، أنا أرفض العنف وإراقة الدماء، كما أرفض استغلال الدين، وأرفض طمس التاريخ الأمازيغي لتونس، وتزويره وربطه بالجزيرة العربية وقوميتها وممارساتها الهمجية، مشكلتنا مع القومية العربية وليست مع الشعوب العربية، تونس أمازيغية والتاريخ يقول هذه الأرض ليست عربية ولا تتسع لهويتين فأما نحن أو نحن والعرب في جزيرة العرب هنا تونس…

مساحة حرة لك للتعبير عن ما تريد قوله ؟

تحياتي للعالم الأمازيغي على زيارتها لنا، و تحياتي لكامل الشعوب الأصلية وغير الناكرة لأصلها التي تتوق للحرية، تحياتي لكل من ساندني و شجعني، ولنا موعد قريب مع أغنيتين جديدتين، وسوف نستمر اليد في اليد في سبيل قضيتنا العادلة والنبيلة.

ملحوظة/

الحوار دار بين “العالم الأمازيغي” -الجريدة الورقية-، والفنان مروان ملوح، سنة 2016،  وكان ذلك وسط العاصمة التونسية، ونعيد نشره في الجريدة الإلكترونية بمناسبة إصداره أغنيته الجديدة التي قدم من خلالها ترجمة للنشيد الوطني التونسي بالأمازيغية، على طريقة الفنان الأمازيغي الجزائري، المتمرد المغتال، “معتوب لوناس”.

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *