الريف ومزاعم الأعداء

 

بقلم أحمد الدغرني

 لاشك أن الريف هو منطقة متحركة بالطبيعة والجغرافيا لآنه منطقة زلازل، ومتحركة بشريا بسكانها المعروفين بالشجاعة التي اكتسبوها عبر سنين تكرار الزلازل،وتهديدات القمع السلطوي والاستعماري الذي الفه الشعب،والمعروفين بالتميز السياسي بوجود مشروع” جمهورية الريف” الذي هو مشروع فريد نقل فكرة الجمهورية كنظام حكم الى شمال افريقيا منذ سنة 1921 قبل أن تنشأ أية جمهورية في هذه المنطقة،وربما قبل أن تنشأ أية جمهورية في القارة الإفريقية كلها،ولم تظهر الجمهوريات التي نشأت في شمال افريقيا و الساحل ،مثل تونس، والجزائر، وموريتانيا، ومالي ،والنيجر، وبركينافاسو… الا بعد مرور حوالي40سنة على ظهور مشروع الريف بقيادة أول من حمل لقب رئيس الجمهورية في تاريخ شمال افريقيا المعاصر،محمد بن عبد الكريم الخطابي

هذه الإشارة التاريخية ليس الهدف منها تقييم  النظام الجمهوري في حد ذاته، هل يصلح أو لا يصلح ؟ولكن هي إشارة تاريخية،ومقدمة لمعرفة سياسة الريف، ومعرفة جذور الوحدة والإنفصال، فلا يمكن حل مشاكل الريف دون معرفة سياسة المنطقة،كما عاشها سكانها،وكيف تطورت تلك السياسة حتى الآن؟ وكذلك معرفة نوع الصراع الذي يجري في المنطقة،هل هو صراع سياسي؟أم اجتماعي؟هل هو صراع بين المخزن وثرات محمد بن عبد الكريم الخطابي؟أم هو صراع انبثق من الهجرة والفرار عبر البحر من بلد لا يضمن العيش الكريم؟

،كما أنه لابد لمن يتخذ المواقف أن يتواضع،و أن يستوعب ويعرف أن الريف،كانت له سياسة،وطبعا لابد أن يعرف شباب اليوم سياسة الغير تجاه الريف، مثل سياسة المخزن المغربي تجاه الريف منذ سنة1912 وسياسة اسبانيا وفرنسا،وسياسة الأمازيغ تجاه بعضم باعتبار قبائل الريف تنتمي الى جذرين أمازيغيين قديمين هما:

“زناتة”المنتشرة في كل شمال افريقيا،وتسمى في ليبيا “زنتان” Zentan وفي المغرب والجزائر تسمى”ازناسن”Iznasen أو “بني ايزناسن ….وتعرف عالميا باسم les Zénètes

“وصنهاجة”المنتشرة أيضا في شمال افريقيا والساحل(بلاد شنقيط و بلاد الطوارق)واسمها في  الأمازيغية المستعملة حاليا:”إزناكن”Izhnagen”وتعني السمر Les breins وربما هي جذر مشترك مع “الصنغ”Songay

وهذه محاولات معرفية ليست سهلة،وخاصة مع انتشار الغباوة والجهل والكبرياء لدى الحكام وأشباه المثقفين…وكذلك تحريف التاريخ السياسي. والتضييق المخزني على حرية التعبير…

رأينا من الضروري سياسيا واستراتيجيا أن نتحدث عن المجال التاريخي والإنساني الذي يرتبط به سكان الريف لكي نحميهم من التطويق العدواني الذي يمارسه عليهم الأعداء،وكذلك لنتشارك المسؤلية عن قتل الريفيين وتطويقهم مع جميع أمازيغ العالم لكي يهبّوا لحمايتهم،والرد على من يتهمهم بالإنفصال، ولنتساءل عن معنى الإنفصال، وعن ماذا سينفصل الناس؟

ولتوضيح الأمور لابد من المقارنة بين الريف وغيره،مثل الصحراء الكبرى،وسوس، وتافيلالت،وجبال الأطلس، ومناطق الشاوية،ودكالة ،ووجدة، ومدن فاس والدارالبيضاء ومراكش ، وغيرها ،كيف كانت سياسة كل منطقة عند حلول سنة 1912؟وكيف تطورت الى مرحلة2016؟

تقتضي المنهجية التي سلكناها هنا أن نعود الى سنة1912  لنقول: إن سياسة تلك المرحلة لم تنته، خاصة لدى الريفيين، ويستحيل القول بنهاية تلك السياسة،أو تلك السياسات، لأنها كانت مرفوقة بالحروب،وبسفك الدماء، وخلفت لدى العائلات الريفية ذكريات قتل الرجال والنساء الذين هم أجداد وجدات الشباب الحالي الذي يقود الحراك الريفي منذ طحن محسن فكري وقبله

ولكي لا نبتعد كثيرا الى عمق التاريخ نعود الى تجربة سياسة المخزن المغربي تجاه الريف اليوم،

ونقصد مثلا وجود وزير الداخلية محمد حصاد(من ناحية تافراوت بسوس)،ومعه الشرقي الضريس ،وعامل الحسيمة محمد لزهر ،ومحمد اليعقوبي، والي طنجة تطوان الحسيمة،وهم الذين كانوا مظهريا متواجدين كمسؤولين تابعين لوزارة الداخلية،عند وقوع طحن محسن فكري

،،وقد عزلوا من مواقعهم،ولم يبق أحد منهم سوى الوالي محمد اليعقوبي،وكان محمد لزهر هو أول من ظهر لوسائل الاعلام، ولجمهور مدينة الحسيمة صحبة الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف،وافتتحا الحوار بسرعة مع الجمهور علانية وأمام وسائل الإعلام، وكان ذلك نسبيا إيجابيا بالنسبة للرأي العام،لأننا رأينا على الأقل مسؤلين وسط المحتجين بدون عنف ولاتهديد، لكنهما لم يتبعا نفس الأسلوب بعد أن تقوى الحراك…

ولم تعرف لحد الآن علانية أسباب عزل الشرقي الضريس( ولد بنواحي مدينة الفقيه بنصالح ليس من الريف) عن منصبه كوزير منتدب لدى وزير الداخلية ،وابعاده من الحكومة، وكان من أعضاء الحكومة الوحيد الذي بادر الى التنقل فورا الى عين الى عين المكان ، وحاول إيجاد حلول سياسية،لكنه لم يصل الى أية نتيجةوكذلك نقل محمد لزهر(من مواليد مدينة الرباط وليس من الريف) من منصب عامل الحسيمة، هل له علاقة بكيفية معالجة موضوع الحراك الشعبي؟بعدم استعمال العنف لتفكيك الحراك قبل ان تتسع رقعته؟أم له علاقة بملف البحث الإداري والقضائي بشأن طحن محسن فكري؟

قد يظهر جواب عن التساؤلات من خلال ما وقع بتكليف الوالي محمد فوزي  كعامل لمدينة الحسيمة،(ولد بوزان الذي يعتبر جزءا من الريف الكبير)،

وكذلك تعيين عبد الوافي لفتيت (من الريف) كوزير للداخليةفي حكومة 5ابريل20177،وتعيين محمد أوجار(من الريف)كوزير للعدل ، وما تبع ذلك من تعيين عدد من الريفيين في مناصب ادارات وزارة الداخلية بأقاليم الريف وخاصة في الحسيمة..وهل التعيينات نوع من تطبيق الجهوية ونوع من تسليم السلطات للريفيين ؟

نقصد من منهجية ذكر بعض الأسماء هنا فهم السياسة المخزنية الحالية التي كانت تقتضي أن لايكتفي إخبار الرأي العام بسماع الأحزاب الستة لتقرير عبد الوافي لفتيت وحده دون تقارير السابقين عنه مثل تقرير محمد حصاد والشرقي الضريس ومحمد لزهر،وبقية عمال أقاليم الريف

يذكرنا سماع الأحزاب الستة لتقرير وحيد قدمه عبد الوافي لفتيت  بتقارير عبد الرحمان أنكاي الذي تكلف بالتفاوض مع الريفيين أثناء ثورة 1958 وتقديم التقارير عنهم للسلطان محمد الخامس وحكومة عبد الله ابراهيم …

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

تعليق واحد

  1. محمد الإحسايني

    نحليل في العمق لفهم ما يجري في الريف بخلفيات تاريخية في امتداد شجرة زناتن. لن نتساءل عن الحل ، فالبداهة تقتضيه بلا صعوبة، وبلا تخوين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *