السياسي والمحامي الكوردي، رياض تمو، في حوار مع “العالم الأمازيغي”

الدولة الفيدرالية في سورية خيار يُجمع عليه الكورد بمختلف تياراتهم السياسية

في حوار حصري مع «العالم الأمازيغي» قال الناشط السياسي والمحامي الكوردي، رياض تمو أن الشعب الكوردي يقاتل ويحارب أعتى قوى ظلامية في العصر الحديث نيابة عن العالم أجمع، في إشارة إلى تنظيم «داعش الإرهابي»، وأضاف الناشط الكوردي أنه « لا يكاد يمرّ يوم إلاّ ونستقبل فيه الآلاف من الشهداء من خيرة شبابنا»، وفي موضوع الفيدرالية الكوردية المعلنة بشمال سورية، أشار المتحدث في حوراه إلى أنها خيار يُجمع عليه الكورد بمختلف تياراتهم السياسية، مؤكدا على أنها الحل الأنسب للأزمة السورية إجمالا.

وعلاقة بالقضية الأمازيغية والكوردية، قال المحامي الكوردي أن القضيتان تتشابهان إلى حد التطابق، موضحا إن «الدول التي (تحتل) رقعتهما الجغرافية هي دول ذات أنظمة شمولية تعتقد بأن مجرد طرح مشكل القضيتين هي مؤامرة امبريالية لشرذمة الأمة»، مضيفا في حواره مع «العالم الأمازيغي» إذا «عدنا إلى الوراء، للتاريخ سوف يستقبلنا طارق بن زياد الأمازيغي وصلاح الدين الأيوبي الكوردي الذين رغم أنهما لم يقدما شيئاً للقضيتين، وشدّد المتحدث على ضرورة تطوير علاقات الشعبين من خلال الزيارات والتقارب والاحتكاك أكثر».

من يكون ضيفنا، وكيف تود أن تعرف نفسك لقراء العالم الأمازيغي؟

بدايةً جزيل الشكر لكم ولمنبركم «العالم الأمازيغي» لإتاحة الفرصة لي، لإلقاء الضوء على بعض من جوانب القضيّة الكوردية في الظروف الراهنة، أنا رياض تمو، ناشط سياسي ومحامي كوردي ـ سوري من منطقة كوباني.

في خضم التغيرات التي تعرفها خارطة الشرق الأوسط، حدثنا قليلا عن موقع الكورد منها؟

القضية الكوردية في الآونة الأخيرة باتت محورية تشغل بال الدول المؤثرة في رسم خرائط وسياسات العالم كأمريكا وروسيا والغرب عامة، وقد يكون للأمر علاقة بجغرافية كوردستان وتقاطعها مع مصالح تلك الدول، والتي باعتقادي آخر همّها قضايا ومظالم الشعوب المضطهدة والمغتَصبة الحقوق، بقدر ما تهمها مصالحها، لكن ما يثير ويدعو للتفاؤل أن هذه الدول بصدد رسم خرائط جديدة للمنطقة إلى حد ما ( تقسيميّة) تحت عنوانين عدة وبذرائع شتى، وهو ما تنبأ به الكثيرون من الرواد والمنظّرين للسياسات الأمريكية إبان 11 سبتمبر، والذين بحثوا في شكل الدول مستقبلاً وطبيعة الصراع المستقبلي ( فرنسيس فوكوياما . صموئيل هنتغنتون) ، وكون أراضي كوردستان جزء هام من خريطة المنطقة، فالقضية الكوردية ستدخل مرحلة جديدة شخصيّاً أنا متفائل بشأنها .

يعني هل نتوقع تغيرات جدرية في خريطة الشرق الأوسط بعد ربيع الشعوب؟

كما أسلفت، المنطقة مقبلة على تغيرات جيوسياسية ولا أرى بأن «ربيع الشعوب» هو السبب، فالمشروع باعتقادي بدأ قبل الربيع وحتى قبل تحرير العراق من نظام صدام حسين، هناك منظّرون للسياسة الأمريكية رسموا المنطقة خرائط جديدة في فترة التسعينيات والشرق الأوسط الجديد مشروع قديم وليس نتاج ربيع 2011.

كيف تتابع الانخراط القوي للقوات والشعب الكوردي في الحرب على «داعش» ؟

الحديث عن الحرب على «داعش» ذو شجون، ولكن هي أيضاً مدعاة للتفاخر والتباهي لكل كوردي، بحيث لا يمرّ يوم إلاّ ونستقبل فيه شهداء، حيث نزّفهم إلى ( مقبرة الشهداء ) وهنا أتحدث عن كوباني تحديداً والتي شهِدت مقبرتها الحديثة النشأة، توسعة للمرة الثالثة، تضم أضرحة الآلاف من خيرة شبابنا الذين يحاربون نيابة عن العالم أجمع أعتى القوى الظلامية في العصر الحديث.

وأين وصلت معارك القوات الكوردية في مواجهاتها لما وصفته بأعتى قوى ظلامية في هذا العصر؟

حاليا المعارك في أشدها بعدة جبهات ومحاور، وهنا لست عسكرياً، لكني ملمٌّ بالخطوط العامة للمعارك وبالأحداث التي تتوارد تباعاً من الجبهات القتالية، مدينة الطبقة شبه محررة باستثناء السد، مدينة الرقة محاصرة من عدة جهات وهناك اشتباكات بين حين وآخر وهناك جبهة مفتوحة مع التنظيم الإرهابي بمدينة دير الزور وهذه المدن هي آخر معاقل التنظيم في سوريا .

هل يمكن الحديث عن مكاسب سياسية حققها كورد سورية بعد انخراطهم القوي في محاربة «داعش»؟

الكورد يعملون من أجل مشاريع ورؤى تخص سوريا عامة، وليس فقط المناطق الكوردية، إلى الآن هي مشاريع أسقطت على أرض الواقع في عدة أماكن (كوباني، عفرين، منبج، راس العين، القامشلي، عامودا) كعنوان عام عريض هي إدارات ذاتية تتولى تسيير أمور المواطن من كافة النواحي (اقتصاد، خدمات، حماية ودفاع، تعليم، قضاء …) بعد ما تُرِك فراغ في هذه المناطق.

ما رأيك في الفيدرالية التي يتحدث عنها الكورد في شمال سوريا؟

الفيدرالية التي ستُعلن في المدى القريب (من جانب واحد اعتقد) يُعمل الآن على إعداد وصياغة (العقد الاجتماعي) أو الدستور لها، والعمل في مراحله الأخيرة ربما. باعتقادي هي حل للازمة السورية إجمالاً، وليس فقط مناطق شمال سورية (المناطق الكوردية) وأصحاب المشروع هم مكونات المنطقة وتياراتها السياسية وفي مقدمتهم حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب اليساري الكوردي في سوريا (الذي يمثلني) وبعض الأحزاب الأشورية والسريانية والمكون العربي في المنطقة.

وكيف تنظر لتعامل النظام والمعارضة السورية معا مع مطالب الإدارة الذاتية للكورد بمناطقهم؟

خيار الفيدرالية هو خيار يُجمع عليه الكورد بمختلف تياراتهم السياسية وان كان هناك شقاق الآن، وباعتقادي سيكون هناك دعم دولي لمثل هذا الطرح ( أمريكي روسي) ولا يخفى على احد ما طرحته روسيا بهذا الشأن ( مسودة دستور لسوريا فيدرالية) والنظام أكثر نضجاً من المعارضة في هذا الشأن، ولا يعني ذلك البتة بأنه يقبل بطرح الفيدرالية، لكن إلى حد ما يستطيع النظام مناقشة هذه الأمور على خلاف المعارضة التي يغلب عليها الفساد في البنية والفساد في الرؤية المستقبلية لسوريا .

ما رأيك بدولة كوردستان الكبرى؟

البديهيات لا تحتاج إلى برهان، وهي في مخيلة كل كوردي.

هل يمكن قيام دولة كوردية مستقلة تتمتع بكل مقومات الدولة المستقلة؟

عمليّاً كوردستان تملك مقومات دولة، و كان ينبغي أن تكون في مقدمة دول العالم، لولا لعنة الجغرافية ولعنات التاريخ ، كالأرض والشعب واللغة والثقافة والإرث الحضاري الممتد من امبراطورية ميديا، لكنها تدفع ضريبة جمالها وجغرافيتها المليئة بالثروات، وموقعها .

كسياسي كيف تنظر للتدخل الأجنبي في سورية هل يصب في مصلحة القضية الكردية أم العكس؟

الدول القوية تتدخل من أجل مصالحها الآنية والمستقبلية، السياسية والاقتصادية والإستراتيجية، وفي الحالة السورية التدخل فيها وخاصة الأمريكي قد يتلاقى مع بعض ما يطمح إليه الكورد السوريون، الأمريكان هم بصدد التموقع في المناطق الكوردية ( روج افا) عسكرياً واقتصاديا، وقد يكون هناك مشروع يتعلق ( بالغاز) وستكون «روج افا» ممر من جنوب كوردستان إلى غربي كوردستان إلى المتوسط وصولا إلى أوروبا، وهو مشروع اقتصادي استراتيجي إن تم كما يتنبأ به البعض فسيضع حد لهيمنة الغاز الروسي لأوربا، فالصراع الدولي في سوريا أثبت بأن الحرب الباردة لم تنته و أصبحت فاترة بل وساخنة أحيانا، وبالتالي لا أعتقد أن في ذهن الأمريكان مصطلح كوردستان أو «روج أفا» كوردستان ( كوردستان الغربية) على الأقل في المدى القريب المنظور، ببساطة سندخل في وصاية قوة أخرى مع هامش من الحرية مختلف عن الأنظمة الشمولية للدول التي تحتل كوردستان .

ما تفسيرك للهجوم المتواصل على الكورد عامة من طرف نظام أردوغان؟

نظام أردوغان وكافة الأنظمة المتعاقبة على شمال كوردستان (تركيا) لم ولا يمكن لها أن تعترف بأدنى حقوق الكورد ابتداءً من تسميتهم أتراك الجبال إلى ابسط حقوقهم، وقد حاول حزب «العدالة والتنمية» من خلال استعمال الدين استمالة الكورد في تركيا ونجح إلى حد كبير، لكن مع تنامي نشاط حزب الشعوب الديمقراطي والعمال الكوردستاني يجد أردوغان نفسه في طريق مسدود لا يمكن معه غض الطرف عن قضية هامة كقضية الكورد في تركيا، فيعمد إلى العمل العسكري دون أن تكون هناك أية نتيجة ، كان آخر هذه الأعمال العسكرية البربرية الهمجية تدمير مدينة شرناخ وسور في ديار بكر ونصين والكثير من القرى الكوردية الآمنة، وما يسبب له الأرق، ويدعوه إلى التدخل في سوريا، هو امتعاضه عما تحققه وحدات حماية الشعب (ypg) من انتصارات وخشيته من امتداد التوتر ولهيب النار إلى الداخل التركي، وخوفه من قيام اقليم كوردي في «روج أفا» .

كيف ترى علاقة اقليم كورديستان مع باقي المناطق الكوردية؟

تجربة الإقليم حديثة النشأة وبالتالي على الإقليم إتباع سياسات تعود بالفائدة والأمن والاستقرار على الإقليم ذاته وهو حق مبرر ومشروع بحيث لا تكون لهذه السياسات والعلاقات متعارضة مع ما يطمح له الكورد في الأجزاء الأخرى، والرئيس البارزاني إلى الآن موفق في إيجاد هذا التوازن، لكن يمكنني القول أن ما يقدمه الإقليم للأجزاء الأخرى هو دون المستوى المطلوب .

في شأن الكوردي ـ الكوردي، إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار حلاً لإزالة الفجوة بين الكورد فيما بينهما؟

نعم ولا سبيل غيره، الحوار هو السبيل لحل الخلافات الكوردستانية العالقة والناشئة أساساً نتيجة تشعب التدخل والمحاور الممسكة بزمام الأمور في جغرافية كوردستان ( المحور الايراني السوري الروسي) ( المحور التركي العربي الأمريكي) بحيث يتوزع حاليا، على الأقل الكورد السوريين، ضمن هذين المحورين. نعم للحوار كي لا نعيد تجربة التسعينات ( الاقتتال الكوردي الكوردي)

ماذا تعرف عن العلاقات الأمازيغية الكوردية؟

العلاقات الكوردية الأمازيغية إلى الآن هي سطحية، تقتصر على عدد قليل من الناشطين والناشطات من الطرفين لا يتعدى التعريف بالقضيتين من خلال مواقع التواصل، ويروق لي أن أذكر هنا الناشطة والكاتبة الأمازيغية (مليكة مزان) التي لها مواقف مشرّفة تجاه الكورد وقضيتهم .

وهل ترى أن هناك تشابه بين القضيتين؟

نعم والتشابه يصل إلى حد التطابق، فالدول التي (تحتل) رقعتهما الجغرافية هي دول ذات أنظمة شمولية تعتقد بأن مجرد طرح مشكلة «الأقليات» هي (مؤامرة امبريالية) لشرذمة الأمة، محللة لنفسها أن تكون امة وتمنع على غيرها ذلك، مع العلم أن مطالبة «الأقليات» لحقوقها مع تنامي وانتشار الديمقراطية في العالم هي ظاهرة عالمية، كالاسكتلنديون والويلزيون في بريطانيا، الكتالونيين في اسبانيا، دون أن يقتنع حراس القومية العربية والتركية والفارسية بأن المسألة اكبر من كونهم مستهدفين.

فمثلا لو عدنا للتاريخ القريب سنجد أن احتجاجات الأمازيغ في نيسان 2011 اثر مقتل شاب أمازيغي في مخفر للشرطة وتحت التعذيب بالجزائر، أدت إلى انتفاضة «الربيع الأسود»، ونفس الشيء حدث مع الكورد في انتفاضة اذار عام 2004، وإن عدنا إلى الوراء للتاريخ سيستقبلنا طارق بن زياد الأمازيغي وصلاح الدين الأيوبي الكوردي الذين لم يقدما شيئاً للقضيتين، ربما لعدم ظهور أو نضج الفكر القومي حينها.

هل يمكن أن تتطور علاقة الشعبين في المستقبل؟

العلاقة يمكن بل ويجب أن تتطور أكثر من خلال الزيارات والتقارب والاحتكاك أكثر، على الأقل مع جنوب كردستان ( كردستان العراق) في الوقت الراهن، لوجود العقبات في الأجزاء الأخرى.

ثلاثة أسماء في كلمة؟

  • مسعود البارزاني: رجل القضية المعاصر.
  • عبدالله أوجلان: مانديلا الكورد.
  • المرأة الكوردية: إله الحب والحرب.

حاوره: منتصر إثري

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *