في الحقيقة أخجل من نفسي كلما طاوعتني في الكتابة أو الحديث عن السينما أو الدراما بشكل عام في بلد تطغى فيه المصلحة الشخصية في كل المجالات، حيث إن مراكز القرار و المسؤوليات (لا أتحدث هنا سوى عن المجال الفني و الثقافي) تسند مهامها لأناس لم و لن يرقوا بالفنون و الثقافات إلى مستوى ما وصلت إليه في بلدان تقدر و تحترم، بل تقدس المبدع و الإبداع في شتى مجالاته.
لا مجال للمقارنة بين السينما كصناعة في بلدان تستثمر مبالغ طائلة و ضخمة جدا من الأموال في الإنتاج الفني على مختلف أشكاله، و بين سينما الواقع التي تعتمد في عروضها سيناريو وحيد و أوحد، يتمثل في مهزلة صفقات طلبات العروض، التي لا ينال الحظَّ منها إلا نفس الهياكل و نفس الأشخاص غالبا ما يحصدون المحاصيل و لا يتركون للإبداع و للفن و للثقافة إلا قليلا لا يسمن و يغني من جوع، في بلدنا الحبيب.
فكيف لنا أن نتساءل عن السينما (بل شبه سينما) الأمازيغية، و الوضع كارثي بكل المقاييس ؟
إن الثقافة الأمازيغية بشكل عام يطالها نوع من المحاربة جراء العنصرية العرقية الراسخة جذورها في ألباب جهات شيطانية معينة، همها الوحيد طمس معالم الهوية الأمازيغية و نسف كل مقوماتها (القضية الكبرى)، و يتجلى ذلك فيما يطال الفنان الأمازيغي (بالدرجة الأولى) من حيف و تهميش و إقصاء، وكذلك في إضفاء تلك الصورة النمطية البدائية الغير متحضرة على كل الأعمال الفنية الأمازيغية وذلك يتم عن قصد بتنحية الأعمال الجيدة و الراقية التي من شأنها أن ترفع من قيمة الثقافة الأمازيغية المتكالب عليها ضمنيا، و أدهى من ذلك كله و أمر، إقحام الفكر الهمجي المشين المخل بالحياء و الآداب العامة ولا يمت للأمازيغ و الأمازيغية بصلة في أعمال عفنة يتم التحضير لها مسبقا، تُنتج و تُصور بطابع منسوب للأمازيغية وهي ليست كذلك، حيث يتم فيها اعتماد سيناريوهات تحت الطلب، يؤلفها كتاب لا علاقة لهم بالثقافة و الفكر و اللغة الأمازيغية وتتم ترجمتها من بعد (و هذا أمر خطير)، حيث يتم عبرها نشر الفكر المنحل الذي يضرب عرض الحائط بالقيم الدينية و الأخلاق الحميدة التي يتوارثها الأمازيغ عن أسلافهم الذين خدموا الدين الإسلامي أكثر من غيرهم، و الغاية من ذلك كله توسيع رقعة الإنحلال و غرس بذور الإباحية و الأخلاق الذميمة لدى الجيل الناشيء.
و هنالك نوع من التحقير كذلك، يمارسه بعض منفذي الإنتاج الذين يأكلون النعمة و ينسون الفضل، حيث إنهم يجتهدون في إضفاء الجودة على الأعمال الغير أمازيغية التي يتكلفون بإنتاجها، و عكس ذلك كلما تعلق الأمر بالأعمال أمازيغية، إذ يتغاضون عمدا عن الرداءة و لا يبدلون أدنى حركة في إصلاح ما يمكن إصلاحه، و مما لاشك فيه أن هناك و صاية لهم في الأمر، و أستحضر هنا القولة الأكثر تداولا في هذا الشأن؛ و هي قولة باللهجة العامية الدارجة:
(غير الشلحة هاديك) غالبا ما تُقال كلما تعلق الأمر بمنع إجراء روتوشات بسيطة يمكنها أن ترفع من قيمة المنتوج.
و هناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها القطاع الفني ككل لا يسع المجال هنا لذكرها.
و ما دامت هنالك عقليات بالشكل الذي ذكرناه أعلاه، فلا يرجى خير للسينما و لا للثقافة الأمازيغية، إنما غيرتنا على هويتنا المستهدفة، و انتماؤنا إلى الأصل الأمازيغي الحر الشريف، يجعلاننا صامدين من أجل الحفاظ على استمرارية و جودنا ككيان أمازيغي أولا، و استمرارية ثقافتنا في الوجود مرهونة بنضالنا و كفاحنا و استماتتنا رغم كل الصعاب و كل التحديات.
ذ. حسن السعدوني