الشاعر الكردي عمر بوزان لـ”العالم الأمازيغي”:الشعب الكردي ابتُلي بأربع أنظمة شوفينية عنصرية وطائفية

“الصّدفة هي من جعلتني الآن شاعراً أكتب لكم هذه الحقيقة العارية كما هي دون زيادة أو نقصان وقبلها بكلّ صراحةٍ لم أكن أي شيء”، يقول الكاتب والشاعر الكوردي، عمر بوزان في حواره هذا مع “العالم الأمازيغي”، ويتساءل المتحدث :” هل ترى كم موهبة تولد ومن ثم تموت في مهدها دون أن تكتشف؟”

وأردف بوزان :”الشعر لدي هو أحيانا كالصاعقة التي تضرب الأماكن العالية فجأة وعلى حين غرة وأحيانا يتفاعل ويتغلل كالبراكين من الداخل وفي النقطة واللحظة الحرجة يتفجر غضباً وصخباً ودخانا يعلو إلى السّماء”.

سياسيا، يقول الشاعر الكردي :” القضية الكردية والكردستانية متشعبة جداً وذات بعد إقليمي ودولي وذاتي وموضوعي، من هنا بالذات ومنذ أن قسمت كردستان في بدايات القرن المنصرم وحتى الآن ضحى الكرد بالغالي والنفيس من أجل الحرية والعدالة والاستقلال ولكن لسوء الحظ بأننا كشعب كردي ابتلينا بأربع أنظمة شوفينية ودكتاتورية عنصرية طائفية وإن اختلفوا وتفرقوا وتحاربوا فيما بينهم فإنهم على القضية الكردية والكردستانية يتوحدون صفا واحدا”.

حاوره: منتصر إثري

*لنبدأ بالسؤال الكلاسيكي، كيف تود أن تقرب نفسك من قراء “العالم الأمازيغي”؟

الصّدفة هي من جعلتني الآن شاعراً أكتب لكم هذه الحقيقة العارية كما هي دون زيادة أو نقصان وقبلها بكلّ صراحةٍ لم أكن أي شيء، حصل ذلك كلّه في إحدى أماسي الشتاء الباردة  ٢٠٠٦، في أحد الأحياء الرّاقية(حي الثكنة) في مدينة الرّقة السّورية وبالذات في مكتب أبو حسان العقاري حيث كنت أملك مبلغا صغيرا أحيانا أبيع وأشتري به… وكان المكتب حينها يعج بزوار البائعين والشارين وإبريق الشاي ما زال على المدفأة يصفر  والدّخان المتصاعد من أفواه المدخنين كان الأكثر إزعاجا لي من السّماسرة المتقولين … هنا وأنا ما أزال جالسا أسمع، أتفرج على عمليات وأساليب التّجار بالإقناع… وإذا بأحد الجالسين على يساري يبادرني بالكلام ( رجل في عقده السّادس على ما يبدو وله سكسوكة، أصلع الرأس، يلبس الرسمي، مبتسم المحيا ) وما هي إلا عدّة دقائق مرّت وسط كل هذا الهرج والمرج والصّخب وإذ به يقول ليّ من أنت ؟ أنا عمر بوزان مصور فوتوغرافي….لم أسألك عن مهنتك؟ سألتك من أنت؟ استغربت من سؤاله وتوقفت لبرهة صافناً لا أدري بماذا أجيبه! لاحظ شدّة ارتباكي وترددي وقلة حيلتي … هنا بادرني وعلى وجه السّرعة هل أنت شاعر؟ نعم! لا أعرف؟ ولكنني أحيانا كثيرا أكتب وكل ما أكتبه أطبعه وأضعه جانبا…. هل تسمعني شيئاً مما تحتفظ به في ذاكرتك؟ … اندهشت من طلبه وأسمعته مقطعا صغيرا في أذنه وبعد سماعه … نظر إلي بإعجاب تشرفنا بكم يا أخ عمر أنت شاعر كما توقعت أين كنت متواريا عنا طوال كل هذه السنوات وأنا الدكتور : حمدي موصلي رئيس اتحاد كتاب العرب فرع الرقة وأنا كاتب مسرحي وأيضاً مخرج…..تلعثمت وغصت الكلمات في حلقي  طبعا من شدة الفرح والسعادة ….. ثم قام من مكانه مودعاً إياي بحرارة ، غداً صباحا في العاشرة نتواصل وهذا هو رقم هاتف اتحاد الكتاب العرب لكي نتعرف على بعضنا أكثر وتقرأ لي المزيد من أشعارك …. ومن يومها تكررت لقاءاتنا في نهاية كل اسبوع وذلك في مطعم القمة وكنا أحيانا ننسى أنفسنا ونسهر حتى الصباح الباكر أقرأ له ما كنت قد كتبته طوال السنوات التي خلت نفرز القصائد من الخواطر….. ومن هذه اللقاءات وفي هذا المطعم بالذات خرجنا بمجموعة شعرية، الباكورة كما يقولون تحمل اسم ( فرح روحي) ومن ثم ( ليل يحصي بصيص النجوم) وآخرها (رحيل الصّدى ) والآن أنا بصدد الإعداد لمجموعتي الرابعة هنا في منفاي بألمانيا.

وهنا يتبادر إلى أذهاننا هل ترى كم موهبة تولد ومن ثم تموت في مهدها دون أن تكتشف؟

 حدثنا قليلا عن علاقتك بالشعر، كيف اشتعلت لديك جمرة الكتابة الشعرية؟

انتقاداتي المتكررة واللاذعة لأقراني وعدم مشاركتي إياهم في الرأي الموحد والسلوك كان يجعل مني إنسانا مختلفا عنهم غير مرغوب به بينهم ومن هنا على ما يبدو بدأت الحكاية وانطوائي على ذاتي  وأنا ما أزال في المرحلة الابتدائية وكانت ردة فعلي البريئة هو البحث عن شيء مجهول في داخلي لا أعلم كنهه؟

ما هو اسلوبك، كتابتك، وما هي المواضيع التي تطرقت إليها في كتاباتك الشعرية؟

انظر معي بأن الشعر هو ثورة مستمرة ضد كل ما هو راكد وتقليدي والشعر الذي لا يتخذ من التجديد والتجريب والذات شعارا له فهو يكرر ذاته كالناعورة التي تدور في ذات المكان مع فارق الزمان …

ولنا هنا أمثلة كثيرة نبين فيها لكم الصراع ما بين القديم والجديد كأبي نواس وأبي تمام في الشعر العربي الذي قالت العرب عنه ( إذا كان ما يكتبه ابو تمام هذا شعرا فإن كل ما قالته العرب سابقا ليس بالشعر)

والشعر لدي هو أحيانا كالصاعقة التي تضرب الأماكن العالية فجأة وعلى حين غرة وأحيانا يتفاعل ويتغلل كالبراكين من الداخل وفي النقطة واللحظة الحرجة يتفجر غضباً وصخباً ودخانا يعلو إلى السّماء.

في ديواني الباكورة فرح روحي قصيدة بعنوان

*مزاد العلني

بعد المحن

بعد المحن

حفار ولدت

أدفن الجثث

أبيع الجثث

وذات مساء حلمت

بأنني أبيع الوطن

في المزاد

فمن يزيد؟

فمن يزيد؟

ما الذي يغذي فيك روح الإبداع الشعري أو ما أطلق عليه (فيتامين الكتابة) إن جاز التعبير؟

مرّة كنت برفقة أحد الأصدقاء في زيارة لإحدى مؤسسات النظام السوري لقضاء حاجة ليّ وبعد أن انتهينا عائدين، سألت صديقي هل لاحظت شيئاً أثناء انتظارنا لدورنا في الممر … قال ماذا، لم ألاحظ أي شيء؟

قلت ما شد انتباهي وأحزنني كثيرا هو حاجب المدير؟ الواقف أمام الباب وعند كل دخول وخروج مراجع ما، كان يفتح الباب ومن ثم يغلق ويجلس أمام الباب وهلم جرا هكذا

نظر إلي صديقي باستغراب، إنه عمله الذي يأكل منه وهو راض به، ما شأنك أنت به ؟

لذلك كتبت حينها قصيدة طويلة بعنوان:

لو أنه أعارني منسأته

” مقطع ما”

لو أنه أعارني منسأته

لأقمت وليمة لكل عتاة العالم

على شاطئ بحر

لضربت بالمنسأة البحر

لأقتلعتهم الرّيح

وابتعلتهم الأمواج

نلاحظ هجرة جماعية للكرد باتجاه الإبداع الشعري، ترى ما الذي جعلكم تطرقون هذا الباب؟

الشعر هو خروج عن التقليد وصراع ما بين القديم والجديد كما قلت سالفا وهو مغامرة في المجهول والمطلق باتجاه الحلم والحرية التي ننشدها كشعب (الكردي) أصيل على أرضه التاريخية ومحروم من أبسط حقوقه القومية والوطنية المشروعة بالحياة الحرة الكريمة.

والشعر هو تجربة وأسئلة كبيرة في الحياة والممات ومغامرة على مفترق الطّرق لذلك أهديت مجموعة فرح روحي :

إلى كل حالم

صنع شراع قاربه

وعبر برزخ الزمن.

وإلى أي حد تجدون اهتمام المجتمع الكردي بالشعر؟

الشعب الكردي والكردستاني شعب ذواق للفن، لديهم حساسية خاصة باتجاه الفن فهو شعب يحب الحياة ويعمل من أجلها في الحقل لا تفارقه أغانيه وكذلك في أي مكان يتواجد فيه،حيث يدعو إلى الحب والسّلام والحرية والكرامة…. طنبوره لا تفارقه، لا تكاد ترى بيتا كرديا وإلا إحدى الآلات الموسيقية تتدلى، تزين جداره وهو يفتخر بذلك وكذلك الشعر وإن كان بدرجات أقل لما يتطلب ذلك من جهد خاص لفك صوره ورموزه وكذلك الشأن بالنسبة للرسم..

ورغم ذلك نجد بأن أشعار المتصوفة أحمد خاني وملاي جزيري تقرأ بصوت مسموع وتغنى وكذلك أشعار علي الحريري وفقي تيرا الذي يقول في إحدى قصائده

( أحب…. وحبي لا ينتهي)

وصولا إلى جكرخوين رائد الشعر الكلاسيكي الكردي والكردستاني الحديث حيث يقول في إحدى قصائده باللغة الكردية:

قلت فاطمة

قالوا لا

قلت عائشة

قالوا لا

قلت خانم

قالو لا

ثم قلت إذا ما اسمها ؟

فقالوا اسمها

كردستان.

للأهل والمحيطين بالشاعر أو الكاتب دور كبير في حياته، ترى كيف كان دور عائلتك في حياتك الشعرية؟

ولدت في بدايات السبعينيات من القرن المنصرم في قرية مسماة باسم حجر أسود ( جرن الأسود) في شمال مدينة الرقة على الحدود السورية التركية ( تحت الخط) وهي التسمية الجديدة، ما بعد ضم غربي كردستان إلى الدولة السورية وشماله المسمى بفوق الخط إلى الدولة الطورانية الحديثة….

ولدت في هذه الجغرافية البعيدة عن كل ما هو حضاري وثقافي ولكن في جوّ من الطيبة والمحبة والفطرة السليمة والرحمة فيما بين أفرادها، حيث كان مصدر معيشتهم هو تربية الماشية وهلم جرا… لذلك بكل صراحة لم أجد من الأهل والأقارب أحدا يشجعني على الكتابة سوى أخي رضوان بوزان وهو مدرس للغة العربية وهناء إسماعيل زوجتي التي تتحمل الباع الأكبر  وكذلك أختي كلي زار خريجة كلية التربية وفيها كتبت قصيدة بعنوان كلي زار

أي (الوردة الصفراء)

إليكم مقطع من كلي زار

الإهداء : إلى كلي زار… الأخت التي أنجبتها أمي من الضفة إلى الضفة.

فراشة تتألق في سماء الأزهار

كلي زار

عطر  البابونج الأصفر

والنعنع البري والسعتر الأخضر

والنرجس والسوسن والغار

كلي زار

فراشة أميرة

في عالم السحر

تزرع الحلم في الأطلال

والأمل في عري الأغصان

شعرها ظلال الكستناء

عيناها مرآة السّماء

منها المراكب تبحر

محملة بالنجوم والقناديل

كلي زار

شفتاها عطر الياسمين

تبتسم للموسيقا

تغني الحب

وأناشيد السلام

كلي زار

كلي زار

كلي زار.

إلى أي حد يمكن للشعر أن يخدم القضية الكردية؟

نحن الشعب الكردي والكردستاني ابتلينا بأنظمة شوفينية وطائفية شمولية ذوات ذهنية إلغائية إنكارية لا يعلم بهم ويعرفهم سوى الشعب الكردي الذي يناضل من أجل حقوقه القومية والإنسانية المشروعة بالحياة الكريمة

وبالتالي نضالنا مستمر ضد هذه الأنظمة الغاصبة لكردستان وسيستمر بكل الأساليب حتى تحقيق النصر المؤزر بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير والعيش تحت الشمس أسوة بكل شعوب الأرض قاطبة والسّماء.

إن نضالنا ضد هذه الأنظمة ( التركي الفاشي السوري العنصري الفارسي الطائفي والعراقي المخطوف الإرادة من قبل الفرس ) سوف يستمر ضدهم إلى ما لا نهاية وبكل الأدوات والشعر هي الكلمة التي تهز عروش المستبدين والطغاة ، ويقدر بأن يقتلعهم من جذورهم إذا كان صادقا يعبر عن ضمير الأمة ، لذلك الطغاة يخافون من الفنانين وخاصة الشعراء منهم…

وإليكم هذه القصيدة بعنوان

* أرقي

لأنني هنا

هنا ولدت

غريب أعيش

وحيداً أنا أنزف

إنعكاسا

لا لون له

لا غبار

أرقي

لونٌ آخر

ميت بلا كفن

وقبري

بلا ورود

ولا شاهدة.

وفي مكان آخر أقول :

لو كان لي بؤبؤآن كزرقة السّماء

لبكيت حتى تتلون الأرض بلون عيني ولزرعت في الجبل أظافري

وفي الرمل أصابعي

وفي الريح راحتي….

لو لم يكن ليّ خيال شاعر

لتعفرت بالتراب

ومن الصلصال

لصنعت زهرية مزركشة

وكوب ماء

ومن أقمشة النساء الجميلات

خيوطاً ملونة

لنشر مطر أخضر.

* كيف صار الشاعر عمر مغتربا عن الوطن؟

كانوا أصدقائي يتواصلون معي عبر الماسنجر  ويتساءلون هل ما زلت بالرقة تعيش عند داعش؟

كنت أرد عليهم بابتسامة ساخرة ، أنا لم أذهب إلى داعش، بل داعش هي من أتت إلينا، إلى مدينتنا واحتلوها بالقوة والإرهاب … أنا لم أذهب إليهم هم من أتوا إلينا، أنا ما زلت أعيش في بيتي بين أهلي وأصدقائي، باختصار كنت أقول لهم أنا في وطني…

وبنفس الوقت كنت أسألهم أين أنتم أيها الثوار؟

فكان منهم من يقول أنا في باشور كردستان (كردستان العراق) ومنهم في كردستان الشمالية الجزء الأكبر الذي انضم بحسب اتفاقية سايكس بيكو إلى الدولة العنصرية الطورانية الفاشية… ومنهم من كان يقول أنا في ألمانيا وكندا وهلم جرا…

وفي اللحظة الحرجة (١.شباط ٢٠١٥)قررت الخروج خفية بعد أن أصبحت رقابنا قاب قوسين أو أدنى من الموت المَحتم متجها صوب مقاطعة عفرين مع أسرتي الصغيرة ومعنا طفلنا “بيار” الذي لم يكن قد تجاوز أسبوعه الثالث …. وأثناء خروجنا أوقفتنا دورية لداعش في نهاية جسر الرقة القديم الجاثم على صدر الفرات الخالد  قائلا (وكان تونسياً على ما أعتقد) إلى أين؟

قلت له إلى تركيا بحثا عن العمل بعد أن انعدم العمل هنا… فضحك ساخرا وهو يلوح بالسكين أتذهبون من بلاد الكفر إلى بلاد المسلمين؟ …. فتجمدنا في أماكننا وقد أدرك ما تفوه به لسانه أخيرا وبغضب أغلق باب الأتوبيس هيا تحركوا اذهبوا إلى الجحيم.

وأثناء السفر كان ابني سيامند طوال الطريق يذرف الدموع الحارة وبصمت كان يبكي وصمته أقرب ما يكون إلى حزن جنائزي وعند سؤال أمه له لماذا تبكي ( لم يعد لنا عودة إلى بيتنا أليس كذلك؟ وألعابي لمن تركتم أمي؟) هنا بالضبط خنقتني الدموع ولهيب قلبي يحرق أحشائي، ولذنا إلى الصمت.

وعندما قال السائق لنا، الآن تقدرون بأن تفعلوا ما تشاؤون، لقد تجاوزنا آخر حاجز لداعش والحاجز التالي هو حاجز القوات الكردية… هنا قلت للسائق توقف ونزلت من السيارة ومن ثم أغمضت عيني وبكيت بكاء مراً ماداً ذراعي في الهواء الطلق متنفسا لأوّل مرة وبعمق بعمق بعمق أكبر هواء الحرية وهل أغلى منها على الإطلاق في الحياة ؟ عندها شعرت بأنّني أصبحت خفيفاً كالظل وكأنّني فيما قبل كنت أحمل جبلا على كاهلي وأعيش كابوساً .. ثم قلت لزوجتي وابنتي ناتاليا هيا ارموا العبايات جانبا وارفعوا البراقع عن وجهوكم…..

سياسياً، كيف ترون الواقع السياسي الكردي؟

إن القضية الكردية والكردستانية متشعبة جداً وذات بعد إقليمي ودولي وذاتي وموضوعي، من هنا بالذات ومنذ أن قسمت كردستان في بدايات القرن المنصرم وحتى الآن ضحى الكرد بالغالي والنفيس من أجل الحرية والعدالة والاستقلال ولكن لسوء الحظ بأننا كشعب كردي ابتلينا بأربع أنظمة شوفينية ودكتاتورية عنصرية طائفية وإن اختلفوا وتفرقوا وتحاربوا فيما بينهم فإنهم على القضية الكردية والكردستانية يتوحدون صفا واحدا وأن عدوهم هو الشعب الكردي وليس هذا فحسب بل إن أصدقاء تلك الأنظمة الفارسية والطورانية والعروبية هم أيضا يتوحدون ضد تطلعات الشعب الكردي وحريته  وذلك طبقا لمصالحهم المشتركة ….

هل لاحظتم أين تكمن الكارثة، لذلك يشعر الكردي والكردستاني صاحب الحق والقضية العادلة بأنهم محاربون من كل العالم تقريبا.

إن القضية الكردية لولا هامش التناقضات بين تلك الأنظمة الغاصبة لكردستان لانتهت منذ أمد بعيد وبالتالي هذا الهامش جعلهم في أحلك ظروفهم الصعبة بأن يتنفسوا الصعداء ويعيدوا النضال مرة بعد أخرى.

اليوم هناك وخاصة في غربي كردستان والشمال السوري وبفضل تضحيات قوات الحماية الشعبية وحماية المرأة الجسام ضد داعش الشر والإجرام وبالتعاون مع التحالف الدولي استطاعوا أن يلحقوا هزيمة تلو الهزيمة بالإرهابيين والقضاء على دولتهم الخرافية في العراق والشام…

إننا نقدر بأن نقول بأن القضية الكردية في سورية أصبحت لها أبعاد دولية واقليمية وأنهم أي الكرد أصبحوا اليوم قوة لا تستهان بها في سورية حيث يسيطرون على حوالي ٣٣٪من مساحة الحبيبة سورية، على الرغم من كل الظروف الصعبة والخطر الذي يهدد وجودهم وخاصة من جانب النظام الطوراني الفاشي ومن خلفه نظام الملالي الرجعي في إيران.

نستطيع القول بأن الكرد وخلال سنوات بما تسمى بالثورة السورية استطاعوا أن يقدموا تجربة فريدة من نوعها في الإدارة والحرب وعلى الرغم من الإمكانيات المتواضعة والحرب الأهلية السّورية، استطاعوا بأن يؤسسوا  بأنفسهم وبأن يشكلوا الإدارة الذاتية الديمقراطية في روجآفاي كردستان والشمال السوري ويؤمنوا الخدمات والأمن والأمان والاستقرار والعمل للمواطنين…

بالمختصر كرد كردستان الغربية (سورية) ما قبل تحرير كوباني هم غيرهم ما بعد تحريرها.

أنت من الرقة التي اتخذتها “داعش” عاصمة لدولتها المزعومة، حدثنا عن تجربتكم تحت حكم داعش؟ما الذي كان يجري؟ هي تجربة مريرة أليس كذلك؟

سيطرت داعش على محافظة الرقة بالكامل في 25/12/2013/وذلك بعد أن قضوا على كل فصائل بما يسمى بالجيش الحر السوري وبعدها تفرغت نهائيا لتطبيق الحدود والشريعة الإسلامية القائمة على الكتاب والسنة النبوية وهو صحيح مئة بالمئة، لأنني رأيت بأم عيني وهم يقطعون أيدي السّارق…. ويرمون المرأة الزانية بالحجر حتى الموت وكذلك رمي اللوطيين من أعلى مبنى بالمدينة حتى الموت وتعليق رؤوس البشر في الساحات العامة وأمام الناس وفتح باب سوق النخاسة للنساء الايزيديات من الكرد … وكذلك جباية الزكاة والصلاة في الجامع بالإكراه والرعب وعدم تحرك المرأة لوحدها من دون محرم وكذلك الزامهم المرأة بالبرقع وبأن كل من ليس على أفكارهم فهو كافر خارج عن الملا وبالتالي عدوهم وجب القصاص منه وهلمجرا وإذ ما رجعت إلى الكتاب والسنة سترون بأنهم يطبقون الدين الصحيح ولكن ما استغربت منه هو بأن المتدينين كانوا يقولون بأننا مع تطبيق الشريعة الإسلامية وحدود الله ولكن هؤلاء لا يمثلون الإسلام الصحيح وأنهم بعيدون عن الدين… وعندما نسألهم ما هو الإسلام الصحيح كانوا يقولون لا نعلم؟

إن الذي يعيش في هكذا أجواء إما أنه سيصاب بالجنون أو أن يخرس نهائيا يطبق وينفذ ما يأمرون به ويطيعهم طاعة عمياء وإلا مصيره سيكون الهلاك المحتم… أو أن ينخرط معهم بسفك الدم والإجرام حتى الموت.

لقد كانت داعش تطبق شريعتها الإجرامية على الأرض بحق الأبرياء وتنشر الرعب والإرهاب في قلوب الناس العزل ويأتي النظام السوري المجرم هو أيضا من الجو لكي يقصف بطائراته الأحياء المدنية والأسواق الشعبية فيقتل من الأبرياء الأطفال والنساء والشيوخ وبالعشرات….

والذي كان يدعو إلى الاستغراب والدهشة بأن طائرات النظام السوري لم يستهدف ولا مرة مقرات داعش الكثيرة وحواجزه المنتشرة في داخل المدينة وخارجها…

لذلك كانوا أهل الرقة يتهامسون فيما بينهم سراً إذا أردتم الحفاظ على أرواحكم وأرواح أولادكم من قصف طائرات النظام السوري ما عليكم إلا أن تختبؤوا في مقرات داعش؟!

كيف تنظرون للتدخل الأجنبي هل يصب في مصلحة القضية الكردية أم العكس؟

سورية اليوم هي أرض المحميات والسيادة الوطنية التي يتبجح بها النظام السوري ذهبت إلى غير رجعة وانتهكت منذ فترة طويلة جدا …

هناك في سورية قوتان رئيسيتان تتحكمان بكل الإرادات السورية سواء بسواء( معارضة والنظام) وتتحكمان بها وبمصيرها برا، بحرا، جوا إنهما الروس والأمريكان وكذلك يتحكمان بالدول الإقليمية المعنية بالمسألة السورية عامة كإيران وتركيا بشكل خاص وكذلك الدول الخليجية بشكل عام.

إن هاتين الدولتين الكبيرتين تتحكمان بمصير جل العالم إن لم نقل كل العالم لذلك نحن نرى بأن تحالف الكرد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب العالمي متَمثلة بداعش الشر هو في النهاية سيصب في مصلحة الكرد وإن لم نحصل على كل شيء، سنحصل على الجزء وبالتالي لن نعود إلى المربع الأول.

إننا كشعب كردي وكردستاني من الشعوب العريقة الأصيلة أننا نؤمن بأننا أصحاب حق وقضية عادلة وشعب ضحى من أجل تاريخه ولغته وفنه وجماله الآلاف بل ملايين المناضلين والسائرين على الدرب من أجل الحرية والعدالة وحق تقرير المصير والعيش تحت الشمس أسوة بكل شعوب الأرض قاطبة والسّماء ولن يتوقف هذا النضال إلا بالحرية والاستقلال إن لم يكن اليوم فالغد هو الفيصل.

هل سمعتم عن العلاقات الامازيغية الكردية؟  وما هو أوجه التشابه بين القضيتين؟

للأسف الشديد لا أعرف عن الشعب الأمازيغي الكثير وذلك مرده أعتقد البعد الجغرافي الذي يفصل فيما بين كردستان وتامازغا وكذلك طبيعة الأنظمة الغاصبة لكردستان وتامازغا…. ولكن كل ما أعرفه بأن الشعب الأمازيغي كالشعب الكردي تعرض على أيدي الغزاة المسلمين لأبشع أنواع القهر والحرمان والاضطهاد والصهر في البوتقة العربية بقيادة موسى بن نصير وعقبة بن نافع وعبدالله بن أبي سرح وإلى يومنا هذا، حيث أنهم كانوا ينهبون ويسلبون ويحرقون كل شيء، كانوا يتخذون من أطفال الأمازيغ غلمانا لأنفسهم والنساء سبايا يبعنهن في أسواق النخاسة في دمشق وبغداد وحلب… بأبخس الأثمان حتى بأن مروان بن الحكم الأموي كان يراسل بن نصير بأن ينقي له الجميلات من الأمازيغيات ويرسلهن إليه ليشبع بهن غروره وتكبره ونهمه . إننا نتساءل معكم قبل غزو تامازغا وشمال إفريقيا من كان يوجد في هذه البلاد ومن كان يحكمها ؟

إننا كشعب كردي وكردستاني نؤمن بأننا وكذلك الشعب الأمازيغي… هما أصحاب حق وقضية عادلة وأن النضال الدائم والإيمان والتضحية والفداء هو طريقنا إلى النصر وإنهاء العبودية وبالتالي إلى الحرية المنشودة والاستقلال.

دمتم بخير عاشت الأخوة الكردية الأمازيغية والنصر لقضيتينا ولشعبينا بالحرية والعدالة والاستقلال.

شاهد أيضاً

تقرير رسمي.. “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”: تدريس الأمازيغية يسير بوتيرة بطيئة والحيز الزمني في الإعلام “ضيق”

أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن “هناك تحديات مرتبطة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، والتأخر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *