هناك تشابه كبير بين القضية الأمازيغية والكوردية رغم البعد الجغرافي
كل الشروط والمقومات متاحة لبناء الدولة الكوردية على كامل جغرافية كوردستان المحتلة
قال الشاعر والإعلامي الكوردي، دليار ديركي، بأن هناك تشابه كبير بين القضيتين الأمازيغية والكوردية رغم البعد الجغرافي، وأضاف في حوار حصري له مع «العالم الأمازيغي» أن الشعبين «يعانيان من الاضطهاد والظلم والاحتلال وتشتيتهم، وتوزيعهم، على الدول المحيطة، واستغلال العامل الديني لبسط سيطرتهم عليهما»، مضيفا أن العلاقات الأمازيغية الكوردية هي علاقة حديثة، لكنها لم ترتقي بعد إلى مستوى القوى الكوردية الأمازيغية الرئيسية.
وبخصوص القضية الكوردية، أكد المتحدث أن «كل الشروط والمقومات متاحة لبناء الدولة الكوردية على كامل جغرافية كوردستان المحتلة من قبل العرب والفرس والترك» مبرزا بأن «المتغيرات الجارية على الأرض الآن ستلغي دولا وتحدث دولا، ودولة كوردستان من إحدى الدول التي ستعود على خريطة العالم».
وحول الفيدرالية التي أعلن عنها مؤخرا من طرف كورد سوريا، أوضع الشاعر الكوردي المغترب أن «التجارب وعبر التاريخ أن مركزية الدولة تخلق دول استبدادية وخاصة في الدول المتعددة القوميات»، موضحا أن «لا النظام السوري ولا المعارضة يعترفان بحقوق الشعب الكوردي في غرب كوردستان، لكن هناك في الواقع كيان كوردي والكورد يحكمون أنفسهم وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011 والمتغيرات الدولية وتقاطع المصالح سيرضخ الجميع للاعتراف بحقوق الشعب الكوردي» يورد المتحدث في هذا الحوار.
ممكن أن تحدثنا قليلا عن علاقتك بالشعر، كيف اشتعلت لديك جمرة الكتابة الشعرية؟.
ليست لي أي علاقة بالشعر، إنما الشعر وطن اسكنه وأحترف التسكع في شوارعه والسكر في حواريه، وأعري بما تسمى الأوطان في وطن الشعر، ضاربا عرض الحائط كل الخرائط والقوانين، أنا لا اكتب الشعر إنما الشعر يسكبني يكتبني ويرسم بنزيفي لوحات من كلمات، الشعر أم تهز مهدي وقبل النوم تقبلني.
أول حرائقي كانت بلغتي الأم كنت في الصف الرابع الابتدائي، عمري كان 10 سنوات، أطلع عليها أخي وقال ما تكتبه شعر وكان يوم 20 مارس، أخي رحمه الله كان قياديا في أحد الأحزاب الكوردية، ورافقته إلى ندوة عيد النوروز السرية، قرأت ما كتبته في تلك الأمسية النوروزية، وبعدها في المرحلة الإعدادية والثانوية كنت أكتب لأصدقائي رسائلهم الغرامية إلى حبيباتهم مقابل علبة دخان، وطبعت أول ديوان لي باللغة العربية (الوحل) عام 2000 وأنا في منفاي بهولندا.
ما الذي يغذي فيك روح الإبداع الشعري أو ما أطلق عليه «فيتامين الكتابة الشعرية» إن جاز التعبير لتحلق في سماء الشعر الكوردي؟
دعني اقول أي نبض يجري في شراييني كي تبقى الحرائق مشتعلة، هناك مجموعة عوامل وأسباب لعبت دورها في إشعال نيران الحروف وهي: حب أمي، وقهر الاحتلال، أنا كوردي وطني محتل والسياسات والممارسات الاحتلالية ولدت عندي قوة للرفض والتمرد على الواقع وعبرت عنه عن طريق الشعر، الاحتلال يعني الحرمان، الحزن، قمع الحب والخوف المنتشر في أزقة مدننا.
وتغيرت عوامل وأسباب الحرائق الشعرية بتغيير الجغرافية والوقت، والمنفى الاختياري وطموح أطفالي لورين ورويار وحبيبتي امهم لهمدور في استمرار اشتعال الحرائق الشعرية.
نلاحظ هجرة جماعية للكورد بإتجاه الإبداع الشعري، ترى ما الذي جعلكم أن تطرقوا هذا الباب، هل هي موهبة أم قصة نجهلها؟
الشعوب المحتلة تبحث عن منفذ لتخفيف وطأة الوجع وألم الإحتلال، والشعر نافذة واسعة للتعبير والتنفس من خلالها، اعتقد قد يكون هذا احد الأسباب وبعض الأسباب الأخرى مثل غنى الادب الشفهي الكردي وقصص وملاحم ابطال الحب والحرب التى تغنى في المواويل والأغاني الكردية الشعبية، هذا يعطي زخما للشاعر الكردي، والتراكم الثقافي المكتسب من المحيط الذي يعيش فيه يجعله يبدع في لغة المحتل، ولغته الأم.
إلى أي حد تجدون اهتمام المجتمع الكوردي بالشعر؟
الشعب الكوردي شعب ذواق للفن بكافة أشكاله، فمن بين كل ثلاثة اشخاص من الكورد تجد كرديا يجيد العزف على الطنبور آلة موسيقية، والشعب الذي يجيد الرقص والغناء بكل تأكيد يملك فضاءا واسعا من الأبداع في كافة المجالات ومنها الشعر.
ما هو تقييمك لواقع الثقافة في الأراضي الكوردية وتحديداً للشعر بنوعيه الكلاسيكي والحديث؟
واقع الثقافة الكوردية تراجع في السنوات الاخيرة رغم ذلك لا باس به، لكنها تحتاج إلى اهتمام وجدية اكثر من قبل المؤسسات المعنية والشعر جزء من هذا الواقع.
الشعر الكلاسيكي الكردي أتم رسالته في اعمال الشاعر جكرخوين يمكننا القول ان الشاعر الكوردي جكرخوين أخر الشعراء الكلاسيكيين، والشعر الكردي الحديث لم تتضح ملامحه بعد، يحتاج إلى الدراسة والتمعن فيه رغم ظهور بدايات ممتازة، ونحن من نكتب الشعر الكردي الحديث برأي نعد تجارب شعرية.
قد يأتي وقت ترى فيه الاجيال التي تأتي من بعدنا أننا كنا تجارب شعرية غير ناجحة رغم المحاولات الجادة، لأن الخلفية الثقافية والتعليمية لنا ليست بلغة الأم، وقد يكون شعرا كورديا حديثا يملك مقومات واضحة ومميزة من الابداع والثقافة االكوردية ويدرس في الجامعات الكوردية مستقبلا، كل هذا ستحدده الاجيال التى تدرس وتتعلم في وتتخرج بلغتها الأم أي تدرس بالكوردية لا الفارسية والتركية والعربية.
ما هو أسلوب كتابتك وما هي المواضيع التي تطرق إليها في كتاباتك الشعرية؟
أنا أكتب القصيدة النثرية، وأحيانا القصائد الغنائية، أتطرق إلى أغلب المواضيع التى تتعلق بالإنسان، يهمني جمال الإنسان ورقي البشرية، الشعر يهذب الوعي البشري ويبعده عن العنف، الشعر يطهر روحنا من الشوائب والانكسارات اليومية المحيطة، إذا اهتمت البشرية بالشعر وتذوقته، العالم كله سيعيش بسلام، ومصانع الأسلحة بدل من أن تصنع الأسلحة لقتل الإنسان، ستصنع ألعاب الأطفال وهدايا العشاق.
إلى أي حد يمكن للشعر أن يخدم القضية الكوردية؟
الشعر يخدم كل القضايا الإنسانية، والقضية الكوردية رغم إطارها السياسي لكنها قضية إنسانية وبامتياز، ليس هناك شعر يمجد الظلم والاستبداد، بل على العكس الشعر يدعو الى الحب والعدالة والمساواة، ومن أبسط حقوق الشعب الكردي المساواة مع جيرانه من الدول التي تحتل كوردستان، وفي فترة زمنية كان للشعر الكردي تأثيرا مباشرا على الثورات الكوردية وكتب مجموعة من الشعراء ومنهم الشاعر الكوردي جكرخوين، عن الثورة وكان شعرة بمثابة ثورة بحد ذاتها بعدما غناها الفنان الكردي شفان برور مجموعة من قصائده الثورية.
حدثنا قليلا عن مسارك النضالي؟ وكيف صارت مغتربا عن الوطن الأم؟
أعتقد نحن من هربنا من بطش النظام البعثي لسنا مغتربين بل منفيين طوعيين، الغربة هي هجرة عن رغبة، ونحن تركنا وطننا قسرا، فررت من الوطن أواخر 1994 كنت مطلوبا من فرع فلسطين السيئ الصيت، كان علي أن أحمل رسالة مختومة من الفرع الأمني في مدينتي ديرك وأذهب بها إلى دمشق فرع فلسطين، وعن طريق عنصر أمني ورشوة كبيرة، إخوتي علموا مضمونها، والعنصر الأمني نصحهم أن أخرج من البلد لأن ما هو موجود في الظرف المختوم سئ جدا ولن أعود من فرع فلسطين، بل سأقاد إلى المعتقل، بقيت عدة شهور متواريا في دمشق وكنت أحمل (بطاقة أجانب الحمراء) وهي بمثابة بطاقة شخصية للكورد المجردين من الجنسية السورية باسم مستعار حتى سنحت الفرصة أن أغادر سوريا بجواز سفر مزور ووصلت إلى أوروبا، ولم أستطع زيارة أهلي إلا بعد 17 سنة، أي بعد قيام الثورة السورية وسيطرة الكورد على مناطقهم دخلت الى غرب كوردستان عن طريق إقليم كوردسان العراق.
كيف تقرأ الفيدرالية التي أعلن عنها مؤخرا شمال سوريا؟ وهل هي في صالح القضية الكوردية؟
أثبتت التجارب وعبر التاريخ أن مركزية الدولة تخلق دول استبدادية وخاصة في الدول المتعددة القوميات، وأغلب الدول الأوربية دول فيدرالية وهي دول متقدمة ومتماسكة، ليس كما تروج أغلبية (المعارضة) السورية على أن النظام الفيدرالي يعني تقسيم الدولة السورية، وحتى التقسيم والاستقلال هو حق مشروع للشعب الكوردي، وبرأيي فالنظام الفيدرالي في سوريا في الوقت الحالي هو في مصلحة الجميع ومنها فيدرالية روج افا كوردستان.
وهل تعتقد أن بإمكان النظام السوري الاعتراف بالنظام الفيدرالي وتمتيع المناطق الكردية بحكم ذاتي موسع؟
في الوقت الحالي لا النظام الاستبداي في دمشق ولا (المعارضة) السورية تعترف بحقوق الشعب الكوردي في غرب كوردستان، لكن هناك في الواقع كيان كوردي والكورد يحكمون أنفسهم وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011 والمتغيرات الدولية وتقاطع المصالح سيرضخ الجميع للاعتراف بحقوق الشعب الكوردي.
هل أنت مع الدعوات الكوردية التي تدعو إلى استقلال كردستان وإنشاء دولة كردية؟
بكل تاكيد أنا مع انتراع الكورد لحقهم الطبيعي وبناء دولة كوردستان وأعمل ما بوسعي من أجل ذلك أطمح أن يكون معي جواز سفر كوردستاني من دولة كوردستان وليس جواز سفر باسم دولة الاحتلال.
لكن عمليا هل يمكن قيام دولة كوردية مستقلة؟
كل الشروط والمقومات متاحة لبناء الدولة الكوردية على كامل جغرافية كوردستان المحتلة من قبل العرب والفرس والترك، ومنطقة الشرق الأوسط على عتبة تغيير الخرائط الجغرافية والاقتصادية، وكما ألغت اتفاقية سايكس بيكو دول وامبراطوريات قبل 100 عام وأحدثت دولا وإمارات، فإن المتغيرات الجارية على الأرض الآن ستلغي دولا وتحدث دولا، ودولة كوردستان من إحدى الدول التى ستعود على خريطة العالم، وكان يجب أن تكون دولة كوردستان قبل 100 عام وليس الآن لكن التاريخ والجهل ظلم الكورد.
كيف ترى التعامل التركي مع كورد سوريا؟
التعامل التركي مع جميع الكورد تعامل عدواني وليس مع الكورد في غرب كوردستان وحدها، الدولة التركية مرعوبة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى بناء كيان كوردي في غرب كوردستان، الدولة التركية ترى إقليم كوردستان خطر عليها رغم وجود علاقات بينهم لكنها حتى الآن لم تعترف بها رسميا، بكل تأكيد بناء كيان كوردي في غرب كوردستان، سيعطي الحافز والأمل لكورد شمال كوردستان، (كوردستان تركيا) أن يكون لهم أيضا كيان كوردي إسوة بجنوب وغرب كوردستان.
وماذا عن التدخل الأجنبي هل يصب في مصلحة القضية الكردية أم العكس؟
القوى الدولية لا تحل الأزمات بل القوى الدولية تدير الأزمات وفقا لمصالحها، إذا كان السياسية الكوردية بالمستوى المطلوب سيؤكدون للقوى الدولية أن مصلحتهم مع الكورد، وسيكون التدخل في مصلحة الكورد وإذا لم يكون الكورد بالمستوى المطلوب، ستبحث القوى الدولية عن بديل للكورد، وقتها لن يكون التدخل الخارجي لصالح الكورد، أولا وأخيرا القوى الدولية لا يهمها الكورد أو غير الكورد يهمها فقط مصالحها ولا يمكن الإعتماد نهائيا على القوى الدولية، بل يجب الإعتماد على الذات واقتناص الفرص التاريخية، وعلى الكورد أن يثبتوا للقوى الدولية أن مصالحهم مع الكورد وليس مع غيرهم.
إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار حلاً لإزالة الفجوة بين الكرد فيما بينهما؟
الحوار والتفاهم من أقوى الأسلحة التي يحتاجه الكورد في ما بينهم من أجل وحدة الخطاب والصف الكوردي وبرأيي فالفجوة التي بين أطراف الحركة الكوردستانية ليست كبيرة، فهناك تفاهم ضمني بين أغلبية القوى الكوردية وهذا ما نلاحظه في الأزمات والشدائد لكن الكورد يحتاجون إلى هذا التفاهم في جميع الحالات وليس في المصائب والكوارث فقط.
كشعراء ومثقفين وكتاب من كورد الشتات، هل أنتم مع أو ضد بقاء بشار الأسد في الحكم؟
الكورد أول المنتفضين ضد النظام الاستبدادي في دمشق وانتفاضة 2004 شاهد حي على ذلك، ونظام دمشق قتل وشرد اكثر من نصف سكان سوريا، وقانونيا بشار الأسد يتحمل المسؤلية كونه رئيس الجمهورية وبقائه في السلطة يعني استمرار القتل والعنف في سوريا.
ما حدود علاقتكم بحكومة إقليم كورديستان؟
علاقتنا ممتازة مع اقليم كوردستان ومع أغلبية القوى الكوردستانية نكن لهم كل الحب والاحترام، ونسعى إلى تطويرها وتقدمها وننتقد الأخطاء بروح الحب والمسؤلية ونعمل من أجل الحفاظ على كافة المكتسبات الكوردية في جميع أجزاء كوردستان.
ماذا تعرف عن العلاقات الأمازيغية الكوردية؟
العلاقات الأمازيغية الكوردية هي علاقة حديثة واتسعت العلاقة بعد انتشار الشبكة العنكبوتية وهي حتى الآن على صعيد الاشخاص وبعض الجمعيات ولم ترتقي العلاقات بعد إلى مستوى القوى الكوردية الامازيغية الرئيسية وهم بأشد الحاجة لبعضهم البعض وعلينا جميعا العمل على تطوير هذه العلاقات كي ترتقي إلى مستوى العلاقات بين القوى التى تملك القرار من الجانبين.
وهل هناك تشابه بين القضيتين؟
أعتقد هناك تشابه كبير بين القضيتين رغم البعد الجغرافي، الشعبين يعانيان من الاضطهاد والظلم والكورد محتلين وموزعين في أربع دول تركيا العراق ايران وسوريا، كما الأمازيغ محتلين وموزعين في المغرب والجزائر وتونس، ليبيا والنيجر ومالي ومصر… ومحتل، الطرفين استخدم الحديد والنار ضد الشعبين واستغل العامل الديني لبسط السيطرة عليهما.
الكلمة مفتوحة لك لما تود قوله وفي الشأن الذي تريد؟
كنت أتمنى أن تكون جريدة «العالم الأمازيغي» تصدر بلغة الأم لا بلغة المحتل، وأنا أجاوب على أسئلتكم بلغتي الام وليس بلغة المحتل، رغم ذلك أنا على ثقة سيأتي يوم وليس ببعيد ستكون تمازغا دولة، وكوردستان دولة ويكون تبادل سفارات الدولتين ونعقد اسبوع الثقافة الكوردية في تمازغا.
حاوره: منتصر إثري