تشكل الصناعة التقليدية في مختلف بقاع العالم مصدر حضارة وفن وثقافة تعبر عن شعب بأكمله، كما تعتبر تراثا حضاريا يختزن موروثا إنسانيا هاما، وموردا اقتصاديا لا يستهان به، ولقد تعاطى سكان الريف وثمسمان بالخصوص للصناعة التقليدية قديما، وبذلك ورثت المنطقة صناعة تقليدية أصيلة ومتنوعة تنتشر في معظم الدواوير، وتمارس بالدرجة الأولى داخل البيوت من طرف أفراد الأسرة (رجال، نساء، أطفال). تعتمد الصناعة التقليدية بالمنطقة على مواد طبيعية يتم تحويلها لأشكال مثيرة تعتمد على تقنيات تعود لتقاليد ضاربة في التاريخ، استطاعت أن تحافظ على استمراريتها.
بالرجوع لتاريخ المنطقة نجد أن الإنتاج التقليدي والحرفي كان يلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمعين الريفي والإسباني الأندلسي، حيث نجد أنه كان مندمجا بشكل متناغم مع النظام الاقتصادي والاجتماعي، ثم الثقافي.
تتميز صناعة الدوم “أري” بمنطقة ثمسمان، بخصوصياتها الصناعية التقليدية، بكونها صناعة خاصة بأسر توارثت هذه الصناعة عن الأسلاف، وهي تقطن في مدشرين بثمسمان (أيث زيان، و إبوعياذن) في قرية “أيث عزا”، أفراد هذه الأسر محترفون في غزل هذه النبتة وإنتاج أدوات تستعمل في مجموعة من المجالات وعلى رأسها المجال الفلاحي.
خصص القائمون على معرض التراث بثانوية بودينار ورشا خصا للصناعة التقليدية المحلية، تعريفا وحفاظا على هذا التراث الزاخر، وتكريما للصانع التقليدي المنسي في جبال ثمسمان النائية.
يقول البشير بن علال أحد الصناع الدوم بالمنطقة الذين تواجد بمعرض التراث المقام ببودينار: “نحن نتوارث هذه الصناعة خلف عن سلف، وعائلتنا كلها متخصص في صناعة الدوم وننتج مجموعة من الأدوات التي تستعمل في مجال الفلاحة وأدوات منزلية وغيرها، الأن أعمل على صناعة “إغينن” (شواري)، وهذا الإنتاج الذي يوضع على ظهر الحصان، يكلف أسبوعا كاملا لإنهائه، ونعرضه بالسوق الأسبوعي “رخميس ن ثمسمان” بثمن يقدر بـ 150 درهم…
يضيف البشير: ” إن عشبة الدوم، نقتنيها من منطقة “عين زورة” ثم نقوم بدقها وإعادة صناعتها لكي تصبح صالحة لصناعة الحصير وأدوات أخرى (ثاعدجافت، أوكو، إغينن…). وقال أن مجموعة من منتجات الدوم لم نعد نصنعها نظرا لغياب طلبها في السوق، في هذا الصدد يذكر “ثيسيرا ن واري” حذاء يصنع من الدوم…
بالرغم من أهمية هذا التراث الاجتماعية والاقتصادية والقيمة التاريخية التي يحملها، إلا أن الأوضاع المتلاحقة المرتبطة بالتغيرات الإنتاجية والهجرة وتطور عملية التصنيع، مجمل هذه العوامل وغيرها أدت إلى تقهقر وتراجع ملحوظ يصل إلى حد إهمال هذا التراث الضارب في عمق التاريخ.
عبد الله يعلى ـ أبوبكر سعيد