يوم واحد على معانقته للحرية بعد تسع سنوات قضاها داخل السجن المحلي تولال بأمكناس، أصدر المعتقل السياسي الأمازيغي، مصطفى أوسايا، كتاب يحمل عنوان “الطريق إلى تامازغا” مذكرات معتقل رأي أمازيغي، يقع في 113 صفحة، يحكي فيها تفاصيل حياته قبل وأثناء وبعد إعتقاله والحكم عليه بعشر سنوات بتهم جنائية، ويسرد فيها تفاصيل حياته خلال 9 سنوات التي قضاها داخل السجن، في الحين تولى المحامي أحمد الدغرني كتابة تقديمها.
وكشف مصطفى أسايا، في مذكراته، لأول مرة عن التعذيب الوحشي كما وصفه الذي تعرض له أثناء إقتحام غرفته بحي الزيتون بمكناس وإعتقاله إلى جانب مجموعة من زملائه السبعة عشر المنتمين للحركة الثقافية الأمازيغية، والذين كانوا يستعدون للامتحانات الجامعية ذات ليلة حالكة يوم 22 ماي 2007، متحدثا عن التناوب في “التعذيب والاستنطاق الذي تعرضوا له من أجل انتزاع اعترافات واهية والإقرار بجرم يعرفون أكثر من غيرهم أنه ملفق ومطبوخ”، كما كشف في مذكراته عن التهمة الموجهة إليهم من طرف قوات الأمن والمتمثلة في “السعي إلى الفتنة وتقسيم البلاد” وهي التهم التي وصفها “أوسايا” في مذكراته بالتهم المضحكة التي لا يجرؤ على مجرد تخيلها من كان على اطلاع بأدبيات الحركة الثقافية الأمازيغية التي همها توحيد شمال إفريقيا.
كان التعذيب وحشيا، عرفنا معه ما معنى تلك الأخبار التي تتداول في كل مرة بشأن وفيات مواطنين في مخافر الشرطة يقول أوسايا، ويضيف كان ضمن تلك المكملات لوجبة الضرب الأساسية، نعتنا بـ”لهجة عنصرية مقيتة من قبيل “الشلوح الخانزين ولاد الشيخات”، ويمضي أوسايا “المعجزة كانت في تحمل جسدي النحيل لكل ذلك الضرب الوحشي.. فبعدما يملون من ضربي ويبتغون شيئا من تسلية، يمسكون بي مثل الدجاج المربوط من رجليه ويدوروني دورانا عنيفا، حتى أصاب بالغثيان”، وزاد أوسايا في سرده للأحداث “فقد كنا مع بعضنا طيلة ذلك اليوم الذي تدعي فيه الشرطة مغادرتنا البيت والذهاب مسافة عشرة كيلوميترات لارتكاب جريمة قتل نجهل فيها حتى المقتول”.
وزاد أوسايا “بعدما انتهى الوقت المخصص للتعذيب الوحشي، أتوا بمحاضر جاهزة وأرغمونا تحت التعذيب على التوقيع عليها حتى دون الإطلاع على محتواها وخيروننا بين أمرين التوقيع عن المحاضر أو “الإغتصاب بالقراعي” ولما امتنعت عن التوقيع أخذوني إلى مكتب مهجور، وأحضروا سطل ماء قذر وقاموا بغطس وجهي فيه ممسكين بشعري حد الإحساس بالغرق، ولما اقتنعوا بأن ذلك لن يجدي نفعا، جرّدني المدعو (ع أ) من ملابسي وأحضر قنينة ليباشر ما هدد به من إغتصاب”، وأمام هذا الوضع تقول مذكرات أوسايا، لم يبقى أمامي سوى توقيع المحضر.
مذكرات أوسايا، قامت بسرد كرونولوجي للتفاصيل الدقيقة لمجريات المحاكمة أو المأساة كما أسماها، التي تعرض لها المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الأمازيغية، كاشفا فيها عن مجموعة من الإختلالات التي شابت محاكمته إلى جانب المعتقل السياسي الأمازيغي حميد أعضوش الذي لا يزال يقبع داخل السجن المحلي بمكناس، كما وضح فيها ما دار بينه وبين قاضي التحقيق طيلة فترة محاكمتهم، كاشفا له عن هول التعذيب والجور الذي تعرض له حتى أرغموه على توقيعه عن المحضر تحت تعذيب وحشي أكثره تعذيبا بالقنينة الحاطة بالكرامة الإنسانية، موضحا له على أن إعتقالهم كان بسبب أفكارهم وقناعتهم السياسية، و “سعينا لمنع سياسة التعريب من القضاء عن هويتنا وأصالتنا وأساس وجودنا ورد الاعتبار للإنسان الأمازيغي وتمكينه من ثرواته وكرامته على أرضه”، والدليل على أن اعتقالنا سياسي، يضيف أوسايا للقاضي: “هو تلك المحجوزات التي صادرها البوليس من شقتنا، إذ لو كان هدفهم إلقاء القبض على القتلة كما يدعون لما استولوا على كتبنا ودفاترنا وحواسيبنا ومناشيرنا التي وصفوها بـ “التحريضية”.
أوسايا، لم يغفل في مذكراته الحديث عن القيل والقال الذي شاب إستفاذته من العفو الملكي عكس زميله أعضوش، كما لم يفت الفرصة تمر دون أن يدون رؤيته المستقبلية للحركة الأمازيغية، قائلا بأن الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الأسوار الجامعية في حاجة للحركة الأمازيغية والعكس صحيح، كما تحدث فيها عن إستشهاد المناضلين عمر خالق “إزم” وحسن بلكيش “ريفينوكس” كما يوجد بداخل المذكرات مجموعة من المقالات التي دونها أوسايا داخل السجن، إلى جانب عدد من صور المظاهرات والمسيرات التي تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين للقضية الأمازيغية.
فزو: منتصر إثري