عبدالرحيم أريري مدير أسبوعية «الوطن اآلن» وموقع «أنفاس بريس»: “العالم الأمازيغي” انفتحت على نبض الشارع وساهمت في إرساء مغرب التعدد والتنوع
قبل عشرين سنة، وبالضبط في 31 ماي من سنة 2001، أقدمت نخبة من الإعلاميين والباحثين المغاربة بإدارة الزميلة أمينة ابن الشيخ على تأسيس جريدة «العالم الأمازيغي» للدفاع عن القضية الأمازيغية، ولتجذير المطالب الثقافية الخاصة برد الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغية، وبتطوير حضورهما في حياتنا العامة.
كان المغرب يومها يشهد الكثير من علامات التحول باتجاه البناء الديموقراطي ضمن معالم تجربة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي، والتي فجرت الآمال بإمكانية التغيير، وبالسماح لكل القطاعات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية قي بلادنا بالحق في التعبير عن كل مطالبها من أجل مستقبل للجميع.
في هذا السياق واصلت «العالم الأمازيغي» عملها من أجل الإسهام الثقافي في إرساء فعلي لمغرب التعدد والتنوع. وانطلاقا من ذلك وسعت دائرة انتشارها بالانفتاح على نبض الشارع المغربي، وخاصة الأمازيغي منه، وبتطوير الأداء الإعلامي عبر الحديث إلى «العالم الأمازيغي» بثلاث لغات هي العربية والأمازيغية والفرنسية. ومن ثم أمكن لهذا المنبر الإعلامي الرصين أن يتأسس داخل المجال الإعلامي كتجربة مهنية تستحق كل التنويه نظرا لكفاءة هيئة تحريرها، وفي الصدارة الأستاذة أمينة ابن الشيخ، الناشطة الحقوقية والعضو السابق بالمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وكذلك لرصانة الخط التحريري للجريدة، ولطابعها المهني، ولسعة صدرها لكل الآراء من كل الحساسيات والمشارب.
وبالنسبة إلينا في أسبوعية «البيضاوي» أولا، ثم «الوطن الآن» كما في «أنفاس بريس»، فقد تتبعنا هذه التجربة الإعلامية، ويسعدنا أن نتقاسم معها اليوم الاحتفاء بمرور عقدين على هذا الصدور. وهو احتفاء لا يعني فقط الاكتفاء بمجرد توجيه تحية تقليدية كما يحدث في مثل هذا النوع من المناسبات، أو فقط الاصطفاف الطبيعي إلى جانب رفاق جمعتنا وإياهم هموم وانشغالات وتحديات مهنة المتاعب. ولكنه احتفاء أساسا لتأكيد ما نتقاسمه في العمق كمشترك ثقافي يجمع ما بين «العالم الأمازيغي» و«الوطن الآن» و«أنفاس بريس»، وللتعبير عما نتقاسمه أيضا من طموح في أن نرى المغرب مستمرا في بناء هوية التعدد والاختلاف على قاعدة حماية كل مقومات وجودنا الثقافي بمختلف روافده ومكوناته، وعلى مزيد من الانفتاح على كل الثقافات واللغات التي تشكل جوهر وحدتنا الوطنية.
إن هذا المشترك هو ما يشكل توجهنا منذ خوضنا تجربة أسبوعية «البيضاوي» حيث نعتبر دائما أن المغرب لا يمكن أن يصير أكثر قوة ما لم تتنوع روافده الثقافية، وتتعدد تعبيراته السياسية والاجتماعية داخل فضاء يسمح لكل المغاربة بأن يعتزوا بهوياتهم المحلية ليساهموا في انصهارها داخل نسيج هوياتي واحد اسمه المغرب.
البعد الثاني في هذا التوجه متمثل في اهتمامنا اليومي في الميدان بواقع المناطق المهمشة داخل التراب الوطني، والتي هي في الغالب، ويا للصدفة، مناطق أمازيغية موزعة على صعيد التراب الوطني لكنها تعاني من التهميش، ومن الحيف الممارس عليها منذ الاستقلال إلى اليوم.
ينضاف إلى ذلك بعد شخصي بليغ الدلالة. ذلك أني حرصت عام 2004 على أن أسمي إحدى فلذات كبدي باسم مغربي أمازيغي هو «أنير». وبالطبع فهذا الاختيار لم يكن تعبيرا عن نزوع عرقي شوفيني، بل كان اختيارا ثقافيا بالدرجة الأولى، واعتزازا بتنوع مشاربنا الثقافية وروافدنا، وفخرا بالانتماء إلى ثراء ثقافة المغرب وجغرافيته وتاريخه وامتداده الحضاري، علما بأني أنحدر أصلا من منطقة عبدة، وتحديدا إلى جمعة سحيم بإقليم آسفي.
لكل هذه الاعتبارات نحن في أسبوعية «الوطن الآن» وموقع «أنفاس بريس»، سعداء بالمشاركة في هذا الاحتفال الخاص بذكرى الميلاد الطيبة لهذا المنبر الإعلامي الذي يرافع بشغف عن كل ما يهم الأمازيغية. وكل سنة و«العالم الأمازيغي» متطور ومضيىء وزاهر.