العثماني والمرابطون: أكذوبة اللغة العربية

بقلم: عبد الله بوشطارت

المؤرخون لا ينخرطون في السياسة الا نادرا، لأنهم يكتفون بالتفرج على السياسيين. هكذا هو حال المؤرخون المغاربة مع سياسييهم. لا شك أنهم سيضحكون كثيرا كثيرا حين يسمعون أن المرابطين اختاروا اللغة العربية كلغة رسمية لدولتهم.

أولا مصطلح اللغة الرسمية لم يظهر الا مع الدولة الحديثة في أوروبا، مع ظهور الدستور وترسيم اللغاتأوغيرها من القوانين والمبادئ والمؤسسات التي ظهرت في سياق نشوء الدولة. هذا على المستوى المنهجي فحديث العثماني عن اللغة الرسمية عند المرابطين هو حديث خارج التاريخ وخارج السياق. كما انه تحدث عن المجتمع المدني أو عن الانتخابات الجماعية او التشريعية او عن البرلمان بشكله الحالي.

أما فيما يخص صحة ما إدعاه العثماني لتبرير السياسة العروبية لحكومته وللدولة المغربية الحالية وتقديس اللغة العربية في أيديولوجية الاسلام السياسي في صيغته الاخوانية، وهي الايديلوجية التي تربى وترعرع في كنفها العثماني. حيث قال أن الامازيغ المرابطون جعلوا من اللغة العربية لغة رسمية في اطار مشاركته في المؤتمر الخامس للغة العربية المنظم مؤخرا في المغرب.

هذا كلام تبريري فقط ، لان العثماني هو نفسه أمازيغي ومن نظموا المؤتمر هم كذلك أمازيغ ورئيس الجمعية المنظمة هو استاذ من نواحي تزنيت. لكي يوهم الناس أنه ليس هو الامازيغي الاول الذي يدعم ويحمي اللغة العربية…

لا بأس في ذلك. لأن ما نواجهه في الحركة الامازيغية في شمال افريقيا ليس هم الاشخاص ولا المجموعات وإنما الافكار والايديلوجيات” البرانية” التي تستهدف قتل الامازيغية عن طريق نشر وتكثيف التعريب، أفقيا وعموديا عبر استغلال مؤسسات الدولة والمجتمع.

اولا وقبل كل شيء المرابطون الذي أسسوا اول وأكبر امبراطورية امازيغية موحدة في المغرب، حيث وحدوا الصحراء بمغربها حتى الاندلس، لم يكونوا بالبث والمطلق يعرفون اللغة العربية، لا فهما ولا تحدثا. أكثر من ذلك لم يكونوا على دراية بالاسلام لا شريعة ولا عبادات ولا فقها حتى لا أقول لم يكونوا مسلمون.

نفتح كتاب إبن ابي زرع روض القرطاس ….ونقرأ فيه معلومات مهمة عن واقع قبائل صنهاجة قبل وبعد وصول الفقيه عبدالله بن ياسين في اواسط القرن الحادي عشر الميلادي إلى بلاد صنهاجة في الصحراء (جنوب موريتانيا الحالية). حيث وجدهم ابن ياسين الجزولي في الصحراء لا يعلمون حتى ابسط المعلومات عن الاسلام، فبدأ يعلمهم الابجديات الاولى كالصلاة وفرائض الوضوء واركان الاسلام وغيرها … وحين لاحظوا في خطابه نوعا من الغلو والتشدد…طردوه .. حتى أمير صنهاجة يحيا ابن ابراهيم الكدالي الذي تذكر المصادر أنه قام برحلة إلى الحج وحين عودته عرج على القيروان والتقى فقيه مغربي ابوعمران ابن الحاج المعروف بالفاسي وهو كذلك صنهاجي، طلب منه الامير الكدالي الصنهاجي ان يرسل معه طالبا لكي يعلم الناس والقوم في الصحراء . فسأله الفقيه عن بعض المعطيات البسيطة جدا حول الاسلام فاكتشف أن معلوماته محدودة جدا ولم يحفظ اية سورة من القرآن حتى الفاتحة ، وهذا أمير ذهب الى الحج وعاد ولا يعرف اللغة العربية ولا يفهمها و لم يكن يحفظ القرآن لكي يؤدي فريضة الصلاة….وهذا طبيعي لان الاسلام حديث جدا في الصحراء.

أوردناه لكي نبين أن المرابطين لا يفقهون شيئا في اللغة العربية وحتى بعد إنشاء الدولة وفي أوج قوتها خلال حكم يوسف ابن تاشفين . هذا الاخير أكدت مجموعة من المصادر أنه لا يتكلم ولا يفهم العربية نهائيا وذكرت المصادر حادثة وقعت له مع الشعراء العرب المتزلفون في الاندلس حيث كان عائدا الى المغرب بعد انتصاره سنة 1086 م في معركة الزلاقة على المسيحيين ، وكانوا الشعراء يمدحونه بالشعر …سأله احد رفاقه هل تفهم ما يقول هؤلاء يا أمير المسلمين ؟ فأجاب ابن تاشفين بالنفي وقال ما معناه ” لا أفهم ما يقولون ولكن أعرف ما يريدون “.

إذن هؤلاء امراء وملوك المرابطون لا يفهمون ولا يتكلمون العربية …هل سيتحدثون فيما بينهم في مجالسهم بلغة غير لغتهم الامازيغية الصنهاجية …؟

المرابطون كانت لهم ميزة فريدة وهي أنهم جعلوا الامور الدينية للفقهاء وليس للامراء …وبالرغم من أن المصادر التاريخية ضخمت كثيرا الحديث عن الجهاد والتعصب للمذهب الديني المالكي وغير ذلك في أهداف ومسار نشوء الدولة المرابطية …لان الفقهاء هم الذين يكتبون التاريخ…والواقع أن المرابطون حفزتهم كثيرا الدوافع والنوازع الاقتصادية وخاصة السيطرة على خطوط التجارة ومسالك الذهب ، والدليل على ذلك هو أن جهادهم في السودان توقف حين سيطروا على جبل الذهب وأولى غزواتهم في الشمال استهدفت مدينة سجلماسة للسيطرة على سوقها وموقعها التجاري الهام . ولكن الفقهاء كتبوا أنهم جاءوا للجهاد والقضاء عن الخوارج ومن ثمة اتجهوا إلى أغمات وهي مدينة تجارية مزدهرة وبعدها رجعوا الى مناطق سوس التي يوجد فيها ايضا الشيعة والروافض ولم يستهدفوا سوس لان الخط التجاري الصحراوي كان يمر من السودان عبر سجلماسة …

إن ما غفله العثماني وهو رئيس حكومة وامين عام حزب اسلامي ولم يذكره حول المرابطون وكان الاجدر له ذكره هو حجم الاموال الطائلة من الذهب والفضة التي تركها يوسف ابن تاشفين في بيت المال وهو المشهود له تاريخيا أنه لم يفرض أية ضريبة غير شرعية بالمفهوم الاسلامي على الناس والقبائل وقد اكتفى فقط بالزكاة والاعشار ….هذا ربما ما كان مفيدا للاسلامي العثماني أن يذكره للمغاربة ولوزيره في الاقتصاد والمالية وليس اللغة الرسمية وغير الرسمية….

فالجميع يعلم أن العربية لم تنتشر بهذا الشكل إلا بعد الدولة اليعقوبية التي أسستها فرنسا مع شركائها في ما يسمى بالحركة الوطنية…

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

تعليق واحد

  1. ,?Tout d’abord l’Etat moderne, laïque n’a pas apporté l’officialisation de la langue. On le voit bien, en France ou en Angletaire, la constitution ne postule aucune langue officielle, elle laisse l’évolution faire. Aujourd’hui en France, c’est bien sure le Français qui domine par une évolution des choses qui lui a permis de s’imposer, mais les autres langues sont mis en valeur et aucune n’est exclue. Or ce qui se passe avec les Amazighs aujourd’hui, surtout les racistes parmi eux, c’est que non seulement on veut exclure une langue , première sur le plan civilisationnel, l’arabe, mais surtout qu’on tente à nous imposer une identité Amazigh fabriquée de toute pièce. Chuchnaq et l’année soi-disant Amazigh, la fête de Yennayer soi-disant purement Amazigh, un ensemble de gadgets culturel dont le drapeau conçu par un soi-disant artiste Kabyle dans un Bar Parisien à 2h du matin, avec en plus un Z en Tifiniq soi-disant caractères purements Amazigh. Ce Z au milieu, il n’ y a je crois que les Kabyles qui le prononcent Z, les autres amazighs le pronincent autres, R par exemple. Les Amazighs comme je l’ai annoncé, racistes, veulent exclurent tout ce qui n’est pas “purement” Amazigh. Quand à la question de la dynastie Almoravide, l’auteur de l’article est franchement extrèmiste dans ses position et interprétation de ce que les historien,s ont dit à propos d’Ibn Tachfin. On dit par exemple qu ‘Ibn Tachfin connaissait quand même un peu l’Arabe et quand il est arrivé à Fès, il a ordonné de nommer un Imam qui connait l’Arabe et le thamazight quand les gens qui veiennent prier sont majoritairement Amazigh. Aussi bien Ibn Tachfin que ses descendant ont toujours été entouré par des Arabisant, de toute manière, là-dessus, la documentation est énorme, seulement voilà, l’auteur de l’article à pointé une idée dans sa tête et l’a mis noire sur blanc; évacuer l’idée d’Arabisme de l’univers d’Ibn Tachfin. Mais ça ne peut pas marcher comme cela, nous connaissons les livres d’histoire et tout le monde peut s’enquérir de ces affaires pae soi-même.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *