نظمت جهة العمل الأمازيغي بتنسيق مع حزب التجمع الوطني للأحرار، السبت 19 فبراير 2022، ندوة بعنوان “العمل السياسي المباشر للفاعل الأمازيغي، الحصيلة والآفاق”، وذلك بالمقر المركزي لحزب التجمع الوطني للأحرار بالرباط.
تناول المحور الأول من الندوة، التي نظمت بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، موضوع “الأمازيغية في خطاب ومرجعية حزب التجمع الوطني للأحرار” لـ أنيس بيرو عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار.
وأكد عضو المكتب السياسي للحزب، أنيس بيرو على موقع القضية الأمازيغية في أدبيات ووثائق حزب التجمع الوطني للأحرار، و«تجلت كذلك في خطابات رئيس الحزب عزيز أخنوش»، مشيرا إلى أن رئيس الحزب يحمل «التزاما شخصيا اتجاه القضية الأمازيغية».
وقال بيرو إن الحزب مؤمن ومتشبث بالأمازيغية في شموليتها وليس كلغة فقط، مضيفا أن «القضية الأمازيغية ليست للمزايدات السياسية، إنما قضية تهم كل المغاربة بدون استثناء، لأنها جزء أساسي من كياننا وهويتنا، ونحن نسعى لبناء شخصية مغربية تعتز بهويتها وتؤمن بالإختلاف والتعددية».
وأضاف المتحدث: «حزب الأحرار يحمل هم القضية الأمازيغية كقضية مركزية بالشجاعة والمسؤولية والإيمان الصادق، وليس بالشعارات والتمني، ويضعها في صلب مشاغل وفكر الحزب». وفق تعبيره.
وقال بيرو إن الحكومة الحالية تعطي «الأولوية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال تسخير وتعبئة الموارد المالية، مذكرا بالتزام الحكومة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025».
وبعد أن استحضر خطاب أجدير، الذي قال بأنه أعطى «دفعة قوية» للقضية الأمازيغية، قال بيرو، إننا «نريد أن نتحول من تدريس الأمازيغية إلى التدريس بالأمازيغية، والعمل على إعداد مجتمع الغد فخور بتنوعه وتعدد روافده ومواطن متمكن من تاريخه وملم بحضارته وفخور بهويته ويثقن اللغتين الرسميتين ومنفتح على اللغات الأجنبية».
وختم عضو المكتب السياسي للأحرار، أنيس بيرو بالقول: «نتوفر على إرادة ومقاربة هادفة جامعة ومعبئة لخدمة الأمازيغية».
فيما تطرقت الأستاذة أمينة بن الشيخ، مستشارة رئيس الحكومة المكلفة بملف الأمازيغية، في المحور الثاني إلى موضوع “سبل التنزيل الصحيح للطابع الرسمي للأمازيغية خلال الولاية الحكومية الحالية”.
واستحضرت ابن الشيخ في مستهل مداخلتها السياق التاريخي الطويل لبلورة الفعل السياسي الأمازيغي، مشيرة إلى أن الحركة الأمازيغية سياسية في الأساس وأن الفعل السياسي لدى الحركة الأمازيغية ليس وليد اليوم.
وقالت ابن الشيخ إن الجمعيات الأمازيغية انخرطت في الفعل السياسي منذ تأسيسها، لكن بلبس ثقافي، وذكرت بعدد من الجمعيات الأمازيغية التي ناضلت ثقافيا بعمق سياسي على الأمازيغية، مشيرا إلى أن اعتقال علي صدقي أزايكو رد سياسي على فعل سياسي، كما أشارت إلى أن «ميثاق أكادير هو ميثاق سياسي ومواقفه سياسية، وكذلك اعتقال معتقلي تيليلي هو فعل سياسي ناتج عن رد سياسي بعد حمل يافطة تحمل حرف تيفيناغ.
وأضافت الإعلامية الأمازيغية أن هذا التراكم السياسي ظهر أكثر في المجلس الوطني للتنسيق وفي المراسلة التي وجهها إلى الملك الراحل الحسن الثاني المطالبة بتعديل الدستور والإعتراف بالأمازيغية، وهو ما تطور أكثر إلى ميثاق الإعتراف بأمازيغية المغرب، خلال بيان شفيق ببوزنيقة.
وأشارت المتحدثة إلى أن «الظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يؤكد أنه إلى جانب العمل الأكاديمي، على المشاركة مع القطاعات الحكومية والسياسية». وخلصت إلى أن «هذه السيرورة تدحرجت مثل كرة الثلج إلى أن ظهرت في السنوات الأخيرة بالشكل الذي نشاهده اليوم».
وشددت مستشارة رئيس الحكومة، على ضرورة وضع استراتيجيات وطرق والسبل الممكنة لإنزال قوانين لصالح الأمازيغية، وتغيير مجموعة من القوانين التشريعية التي أصبحت متجاوزة اليوم، ووضع حد لكل أسباب التمييز والتهميش والسياسة الأحادية، وأجرأة التسامح والتصالح مع الذات.
وختمت ابن الشيخ بالقول: «نعمل على قدم وساق لتفعيل الأمازيغية ونقدم مقترحات ونعمل مع جميع القطاعات، من أجل أجرأة القانون التنظيمي لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية».
فيما تناول المحور الثالث، موضوع “الدور التشريعي لفريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب من داخل مجلس النواب لتحصين المكاسب الدستورية للأمازيغية” من تأطير محمد غيات رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب.
وقال غيات، إن جلالة الملك منذ خطاب أجدير حرص على اعتبار الأمازيغية «اللغة الأم للحضارة المغربية تستمد جذورها من أعماق تراث الشعب المغربي وهي ملك لجميع المغاربة بدون استثناء، مشيرا إلى أن «الدولة راهنت بكل مؤسساتها والفاعلين فيها على تتمين المكون الثقافي واللغوي باعتبارهما جزءا من تنمية الإنسان المغربي».
وقال غيات إن حزب التجمع الوطني للأحرار عمل على توفير «الدعم السياسي والبرلماني لقضية مأسسة الأمازيغية وتفعيل طابعها الرسمي وهو الشيء الذي يمنح فئة عريضة من المغاربة من المساحة اللازمة للتعبير على موروثهم اللغوي». ضمن هذه السيرورة من الإجراءات، يضيف رئيس فريق الأحرار بمجلس النواب «ساهم الحزب في هذا الورش التشريعي وعمل على حث الحكومة والبرلمان على إخراج القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولية».
وأشار إلى أن فريقه يعمل على «المصادقة على القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية، الذي يشكل مؤسسة مرجعية وطنية في مسار إدماج اللغات في الحياة العامة وخصوصا اللغة الأمازيغية».
وبعد مرور عشر سنوات على دسترة الأمازيغية كلغة رسمية، قال غيات إن «الحكومات السابقة لم تبدل الجهد المطلوب لتنزيل هذه الدسترة على أرض الواقع. معتبرا أن «الحكومة الحالية أقرت التزامها مع ملف الأمازيغية، وتم تخصيص 200 مليون درهم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وهو إجراء مهم اتخذته الحكومة الحالية بالإضافة إلى قرار وزارة العدل توظيف أكثر من 100 مساعد ومساعدة اجتماعية وستكون 60 بالمائة منهم ناطقين بالأمازيغية».
كما شدد غيات في معرض مداخلته على أن «التمكين السياسي والاقتصادي والثقافي للأمازيغية مرتبط أساسا بإدماجها في منظومة التربية والتعليم»، وقال إن الأمازيغية «لا زالت مهمشة في المقرر المدرسي وثانوية في المحتوى الإعلامي وغياب حقيق عن الإدارات ومؤسسات الدولة خصوصا في القطاعات الحيوية كالصحة والعدل والجماعات المحلية».
وشدد المتحدث على أن فريق الأحرار «سيقوم بالواجب من أجل إخراج القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية».
ومن جهته، تطرق الأستاذ رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي إلى “أهمية التدريس باللغة الأم”. وشدد الراخا، على أهمية التدريس باللغة الأم باعتبارها وسيلة ناجعة لتقدم المغرب، مشيرا إلى أن تأخر المغرب في سلم الترتيب العالمي راجع بالأساس إلى وضعية التعليم المرتبطة أساسا بغياب اللغة الأم.
واستحضر الراخا، مجددا، نجاح تجربة ألمانيا التي اعتمدت على تدريس اللغات الأم لمختلف الشعوب التي تتواجد على أراضيها، ممّا جعل هاته الشعوب تنخرط في المجتمع الألماني وتشكل جزء منه، باستثناء المغاربة الذين واجهوا صعوبات كبيرة في الإندماج داخل المجتمع الألماني، لافتا إلى أن أسباب ذلك راجع بالأساس إلى تدريس اللغة العربية للمغاربة الذين يتشكلون في أغلبيتهم الساحقة من الأمازيغ.
واعتبر المتحدث تجاهل اللغة الأم، تمييزا يدفع التلاميذ والتلميذات إلى النفور من المدرسة بسبب ما يشعرون به من تمييز وانفصام هوياتي وثقافي. وجدد الراخا تأكيده على أن “الإرهاب لا علاقة له بالإسلام”، مشيرا إلى أن المغرب يتبنى المذهب المالكي الوسطي والمعتدل”، معتبرا في السياق نفسه وقوع المغاربة في فخ الشبكات الإرهابية في المغرب والبلدان الأوروبية، “راجع بالأساس إلى حرمانهم من لغتهم الأم ومن ثقافتهم وقيمهم الأمازيغية”.
وأشار رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، إلى مجموعة من المراسلات التي وجهها إلى البنك الدولي، من أجل إقناعه بأن لغة الأم هي أساس التعليم، وأوضح الراخا إن مسؤولة البنك الدولي ردّت على رسالته الأولى بالقول إن “تدريس اللغات الأم” لا يدخل ضمن اهتماماته، لكن، يضيف المتحدث، بعد مراسلات لمؤسسة البنك الدولي، استجاب هذا الأخير وأقر في الأخير بأهمية تعليم الأطفال باللغة التي يفهمونها، من أجل تحصيل علمي فعال، وهذه اللغة المستعملة في التعليم لا يمكن أن تكون غير لغة الأم.
أما محي الدين حجاج المنسق الوطني لجبهة العمل الامازيغي، فتطرق إلى موضوع “القضية الأمازيغية والعمل الحزبي، الواقع وسبل إنجاح التجربة”.حيث سلط حجاج الضوء على مسار تفعيل الإتفاق الوطني الموقع بين جبهة العمل الأمازيغي وحزب التجمع الوطني للأحرار، مذكرا بأن التحاق الجبهة بالأحرار تم بعد عدد كبير من اللقاءات جمعت الطرفين، مضيفا أن انخراط الجبهة في العمل السياسي المباشر «قناعة» تسعى «الجبهة» من خلالها إلى خدمة الأمازيغية في شموليتها.
كما أكد حجاج على أهمية الفعل السياسي الأمازيغي المباشر في تحقيق أهداف الأرضية التأسيسية لجبهة العمل الأمازيغي. وشدد منسق الجبهة على ضرورة استثمار واستمرار التعاون بين «الجبهة» و«الأحرار» لخدمة القضية الأمازيغية.
وشهد اللقاء تدخل كلا من رشيد الطالبي العلمي، رئيس البرلمان؛ والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس.
هذا، واعتبرت أرضية الندوة أن الاتفاق السياسي الموقع بين جبهة العمل الأمازيغي وحزب التجمع الوطني للأحرار، المؤرخ ب 17 نونبر 2020 مثل «إعلانا عن منعطف تاريخي دخلته الحركة الأمازيغية بالمغرب في علاقتها بالمؤسسات»، «فبعد عقود من الجفاء والرفض، استطاعت جبهة العمل الأمازيغي التأسيس لعمل جماعي ومنظم يسعى أولا لإقناع الفاعل الأمازيغي بملحاحية العمل السياسي المباشر، وثانيا بالتأثير على الفاعل الحزبي لجعل القضية الأمازيغية في جوهر اهتماماته وبرامجه».
ومن تجليات هذا التأثير، تقول أرضية الندوة، «الإقبال الكبير والتاريخي لفعاليات أمازيغية كثيرة على المشاركة الفاعلة في الانتخابات الأخيرة ترشحا وتصويتا ، وبالموازاة معه الحضور القوي للأمازيغية في برامج أغلب الأحزاب وبدرجة كبيرة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي خصص حيزا مهما في برنامجه الإنتخابي لملف الأمازيغية، وهو ما ترجمه من خلال البرنامج الحكومي إلى إجراءات مهمة تعتبر مدخلا أوليا وأساسيا لرد الإعتبار للغة والثقافة الأمازيغية بما هي رصيد مشترك لكل المغاربة».
وتأتي الندوة، وفق الجهة المنظمة، للتأكيد على أهمية الفعل السياسي الأمازيغي المباشر في تحقيق أهداف الأرضية التأسيسية لجبهة العمل الأمازيغي، وكذا بحث سبل تطوير وتقوية هذا الفعل بما يعود بالنفع على بلادنا والقضية الأمازيغية بمفهومها الشامل.
الرباط: منتصر إثري