تقرير: حميد أيت علي “أفرزيز”
بعد ليلة الإثنين، 7 ماي 2018، والتي عرفت هجوم من طرف فصيل “النهج الديمقراطي القاعدي ـ البرنامج المرحلي ـ ” على طلبة ينتمون لمكون “الحركة الثقافية الامازيغة” بالحي الجامعي بمدينة مكناس؛ عاد من جديد الجدل والسؤال الجوهري عن ماهية الاسباب التي تُولِّد العنف داخل الجامعات المغربية؟ وما هي الحلول الناجعة للقضاء عليه؟ بغية خلق جو من الاحترام والمقارعة الفكرية داخل أسوار الجامعة.
أسئلة وأخرى تحاول جريدة “العالم الامازيغي” الاجابة عنها، عبر تقرير يحمل مجموعة من الاراء التي تسلط الضوء على موضوع العنف بالجامعة المغربية.
حسب رأي “يوسف إيشو” طالب مجاز بجامعة مراكش، إعتبر اسباب العنف داخل الجامعة عديدة يمكن التركيز على سببين إثنين، يعتقد أنهما جامعيين، “الأول مرتبط بطبيعة التنشئة الإجتماعية للأفراد سواء التي يتلقها داخل الأسرة أو في المدرسة؛ حيت في ظل مجتمع يعيش حرمان وقهر بالموازاة مع منظومة تربوية، تكرس نفس القهر والإظطهاد عن طريق مناهجها، فإن نفسية هؤلاء الأفراد تختزن كل الحقد والكراهية التي ستنفجر يوما، إذا ما توفر فضاء للحرية والمتنفس الذي تعتبر الجامعة ذاك الفضاء”.
في ما يضيف الطالب متحدثا عن السبب الثاني للعنف، الذي يكمن في عدم استطاعة عقليات في الساحة الجامعية، أن تُعَوِّد نفسها على الإختلاف ـ التعدد ـ الإعتراف بالأخر مهما كان مختلفا؛ مما يجعل هذه العقليات تمارس العنف على كل ما تراه مختلفا عنها؛ في ما يظن الطالب أن الحلول المقترحة لزوال العنف داخل الجامعة، هو إقتراح مداخل يمكن أن تؤدي إلى حلول مستقبلا والتي من بينها عمل الفصائل والمكونات الطلابية، على تحسيس الطلاب بثقافة الإختلاف ونبذ الإقصاء، ذلك بعد أن تجسدها المكونات والفصائل أولا، مع التفكير في كيفية وضع برامج موحدة وطرح أنشطة تجمع كل المكونات العاملة بالساحة، وبمشاركة الطلاب من أجل تسهيل عملية التواصل و الحوار لدى الجميع، مع رفض وفرض حصار على أية عقلية أو توجه إطلاقي لا يعمل بمنطق الإختلاف و التعدد.
في ما وصف الطالب بكلية العلوم القانونية بمدينة مكناس “عبد الرحيم العزاوي”، العنف بظاهرة إجتماعية لا يمكن فصلها عن المجتمع، ولمحاولة فهم العنف الجامعي يستلزم أولا ألا ينفصل عن الصراع العالمي، وما يهمنا حسب تعبير الطالب “هو عنف التصورات السياسية من دخل الجامعة”، معتبرا العنف المتواجد اليوم ليس بظاهرة إجتماعية، بقدر ما هو عنف سياسي يمارس على الحركة الثقافية الأمازيغية ، وتصدي للوجود الأمازيغي تاريخيا وكينونة.
وخلص الطالب لضرورة الاجابة على اسئلة من نكون؟ ـ من نحن؟ ـ ماذا نريد؟ كمحاولة للقضاء على العنف الجامعي باعتبارنا تصورات سياسية، والاجابة حسب تعبيره “ستؤدي بنا إلى المقارعة الفكرية التي ستثبت بأن هذا الشعب أمازيغي، وأن التصورات اليسارية لا يمكن أن يستمر مشروعها من داخل الجامعة، وستؤدي بهم المعرفة إلى آعتناق هدا الشعب، والإيمان بثقافة الإختلاف وتقبل الأخر، بذلك يزول العنف الجامعي”.
من منظور “ابراهيم الطاهري” باحث في سلك الدكتورة بجامعة أكادير، صرح أن العنف بشقيه الرمزي والمادي، يتجلى في تمظهرات متعددة داخل الفضاء التدوالي الجامعي، مع إعتبار العنف الفصائلي يحتل واسطة العقد في الامر، لاسباب ذاتية وموضوعية جمة، منها فصائل معينة لها مبرر فكري وايديولوجي، لممارسة العنف وهو بالكاد عنف مؤطر، بقاعدة وترسانة فكرية سباقة لهذه الممارسة، ولتقترب الصورة قدم الطالب مثال على ذلك بالاطلاع على المحتوى الايديولوجي “للطلبة القاعدين”.
في ما حصر الطالب أسباب العنف في سبيبين اساسيين، أولهما تبني فكر أحادي اقصائي لا يؤمن بالاخر المختلف، والثاني سيادة عقلية السيطرة والشرعية النضالية لفصيل على حساب كل المكونات الاخرى، وأحادية الفعل الطلابي. ومن الناحية المنهجية يضيف الطالب “لن نجد أدنى مبرر لتبني العنف كخيار في التعامل مع المخالف، إلا بداع التغطية عن الفراغ الفكري، والسياسي لمكونات العنف والإقصاء من داخل الجامعة، وهذا دليل على تآكل المرجعية الأيديولوجية على حساب المصالح الضيقة، التي تستلزم الانسياق وراء المواقف العدمية والتي تكون سبب في الإجهاز على كل المكتسبات التي راكمتها الحركة الطلابية، عن طريق تحويل الجامعة من فضاء للعلم والتثاقف والمقارعة الفكرية إلى فضاء للدماء والرعب والترهيب والاستعراضات العسكرية المفزعة، مع عدم اغفال ضعف تكوين البيئة الجامعية وضعف الاشتغال المعرفي والثقافي لدى الطلبة مما فاقم من الفراغ الذي تعانيه الجامعة”.
هذا وأعتبر “عسو” طالب بجامعة مكناس، أن العنف ليس أزمة بحد ذاته، بقدر ما هو نتيجة لأزمة فكرية، وأزمة مواقف، كون العنف ينقسم لعنف رمزي وأخر مادي، و الإنسان الأمازيغي بالجامعة تعرض للعنف الرمزي منذ فجر “الاستقلال” حيث تم تصريف مواقف معادية له كمثال : ـ لنناضل من أجل تعليم شعبي عربي علمي و موحد ـ الطالب المغربي جزء لا يتجزأ من الطالب العربي ـ القضية الفلسطينية قضية وطنية فيما الامازيغية مجرد مسألة ـ وشعارات كانت ترفع من قبيل: ـ مش عربي مش عربي لي يخون ثورة بلدي -، كل هذا التراكم السلبي حسب تعبير الطالب، ضد التواجد الأمازيغي، مع تسجيل دلائل ومواقف تدعوا للعنف المادي المباشر كموقف “النهج الديمقراطي القاعدي – البرنامج المرحلي” الذي يعلن علانية بالمواجهة في شعاره “لا بديل عن مواجهة القوى الشوفينية الرجعية.
وخلص الطالب، إلى تعدد أسباب العنف ـ أزمة خطاب ـ أزمة نفسية ـ أزمة منهج… لكن الحركة الثقافية الامازيغية طرحت مدخلا وحل للعنف وتجاوزه، حينما دعت الجميع لصياغة ميثاق شرف لنبذ العنف و الإقصاء، وهو من سيمنحنا الفضاء اللازم للتأسيس أرضية واضحة وملزمة لكافة الأطراف، بالرغم من اختلاف المنطلقات والأهداف.
في ما اعتقد ” زايد المرابط” طالب باحث أن مسألة العنف المادي/الرمزي، ليس إلا تحصيل حاصل، وليس إلا ترجمة للأفكار التي يحملها مرتكب العنف، قد تكون بأسباب مرتبطة بنص مقدس أو بنظرية ما، ولن يتم القضاء على العنف إلا بمحاربة كل الأفكار الإطلاقية المعادية لثقافة الاعتراف والإختلاف.