لم يعد الإنسان المغربي يتحمل الغلاء، وتحرير الأسعار منذ سنوات، ولم يعد قادرا على مواكبة موجة الغلاء في المواد الغذائية واللحوم والوقود والخدمات، مما وضعه في أزمة مالية ونفسية عميقة، والجميع في حيرة من أمره، بين من يبحث في أسباب الأزمة، ومن يحاول إيجاد الحلول الناجعة لها .
وفي رأي المتواضع فالمجتمع المغربي كغيره من الشعوب عرف تطورا في الحياة المعيشية، وطرق العيش، والتي لم تعد تستسغي النمط القديم والتقليدي ذو خصوصيات الوساطية والإكتفاء بالاساسيات والضروريات في كل مناحي الحياة، واعتماد نمط اقتصادي في العيش، وربط المداخيل بالمصاريف ، وتجنب الاقتراض والمديونية والسلف، والادخار ، وهذا ما جعل الأجيال السابقة تعيش على إيقاع عادي في الحياة .
واليوم تغير نمط الحياة، واستشرى بين مكونات المجتمع أنماط جديدة ومختلفة من العيش، أغلبها مكلف ماديا، وهذا ما جعل الأسواق المغربية تعرف طلبا كبيراً مقابل العرض القليل ، إضافة إلى التزامات اقتصادية دولية في مجال التصدير ، مما عقد المعادلة الاقتصادية وطنيا ودوليا.
إن كل أزمة كانت اقتصادية أو حربية ستؤثر سريعاً على القدرة الشرائية للمواطنين ، في ظل نمط عيش يعتمد الاقتراض والسلف وغياب التوازن الحقيقي بين العرض والطلب.
وهذا ما يجب الإشتغال عليه في السياسات العمومية للدول والمجتمعات من أجل تجنيب الشعوب كوارث غذائية قد تعصف بالانسانية ومستقبل الكون.
إننا أمام أزمة استهلاك وعقلنة العيش ، وغياب رؤية واضحة في موضوع التغذية وضمان الأمن الغذائي العالمي.
يجب على الإنسان إعادة النظر في نمط العيش، والعودة إلى أنماط قديمة كانت ناجعة في ضمان الاستقرار الغذائي ونجحت في وضع البشرية في أمن وامان وتجنب المجاعة وغلاء الأسعار .