العقيدة الدينية هي قناعة شخصية تعكس الارتباط الوجداني بين الشخص والديانة التي يؤمن بها . وبذلك فهي بمثابة مجموعة من المشاعر الداخلية التي لا يعلم بها الا الفرد نفسه ولا تخضع لأي وصاية او تزكية من المجتمع .
وهكذا فالفرد قد يكون معتنقا لدينا معين دون أن يعي به المجتمع وقد يترك هذا الاعتقاد خلسة من المجتمع وفي غياب رصد هذا التحول ورقابته .
هذا المفهوم الشخصاني او الداخلي للاعتقاد الديني يتلاشى عند قراءة مقتضيات الفصل 222من القانون الجنائي حيث جعل المشرع من مسألة الاعتقاد بالدين الاسلامي أمرا موكول للجماعة هذه الأخيرة هي من تقرر في عقيدة الأفراد بتكريس مبدأ الاستمرار العقائدي الذي يمنع على الأفراد حق الخروج من المعتقد او على الاقل انهاء الاقتناع به .
وستتجلى أهمية هذا التحليل عندما يمارس شخص حقه في التعبير عن موقفه من وضعية اعتقاده الديني بشكل أدق عندما يدافع احد المتهمين المتابع بمقتضيات الفصل 222من القانون الجنائي عن نفسه بالقول “انا لا اعتنق اي دين او انا لست مسلما او انا اعتنق الديانة المسيحية ….”طبعا التعبير عن القناعة الدينية او ترك ديانة ما واعتناق اخرى هي افعال لا يجرمها القانون المغربي بل أن الدستور يضمن ممارسة هذه الحقوق .
اذن حرية المعتقد تفرض ان للفرد كل الحرية في اعتناق الدين أو الخروج منه أو الامتناع عن ممارسة الشعائر الدينية او بعضها في غياب أي تدخل من المجتمع والقانون سواء بالاجبار او الحرمان من ممارسة حق التدين .
وخلافا لهذا المبدأ فالمشرع الجنائي يلزم الأفراد بالابقاء على اعتناقهم للدين الاسلامي ويوكل للجماعة مهمة تزكية وفرض هذه الابدية الدينية ولو كان للفرد المعني شخصيا بهذا الاعتقاد الديني موقف اخر بل الاكثر من ذلك يفرض عليه عدم التعبير العلني عن حقه في الامتناع عن ممارسة شعيرة دينية .
ويتجلى هذا الامر من خلال صيغة الفصل التالية .”كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهَر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي”.
وهذا الوضع التشريعي يعكس ارتباك المشرع بل و تخبطه أحيانا كلما تعلق الأمر بمعالجة مسألة ذات بعد ديني .ففي المغرب إذا كنت مرتدا بل و تجاهر باعتناقك المسيحية مثلا بعد أن عرف عند اعتناق الاسلام فلا عقوبة عليك في القانون الجنائي علما أن حد الردة شرعا هو القتل و إن أفطرت علنا في رمضان فعقوبتك الحبس من شهر إلى ستة اشهر علما أن كفارة المفطر عمدا فقط إطعام المساكين .
* محامي بهيئة الرباط وناشط حقوقي