رحلة التأملات في أعماق بحر الانسانية
الفلاحة المعيشية بتاركا ن ماست
الجزء الثاني: نظام تنكافت (نظام السقي) Tanggaft (2)
….وتستمر هذه الوقفة التأملية التي تهم الفلاحة المعيشية في جزئها الثاني (المحطة الثانية)، المخصص لنظام السقي بتاركا ن ماست، المسمى تنكافت Tanggaft …وكما قلنا بالأمس، سنخصص هذه المحطة لتقريب قراء هذه التأملات وتعريفهم بهذا النظام، مـــن خلال الحديث عن سقي تاركا ن تسنولت التي تستفيد من عشرة أيام في الدورة المائية أوتا Awta…
قبل الدخول في بعض التفاصيل، وجب التذكير إلى أن الدورة المائية تمتد على ثمان (08) دورات متعاقبة على مدار السنة الفلاحية، وليس أربعة كما قلت بالأمس خطأ ؛ ( تم التأكد من هذا الأمر بعد معاودة الجلسة مع الوالـــد، الذي فصل لي مجددا بعض الحيثيات)
…تعرفنا على نصيب كل منطقة من حيث عدد أيام الدورة المائية. كما تعرفنا على الجهة المكلفة بتدبير العملية، أي فرقة إنكافــــن. سنفصل اليوم في الأيام العشرة المخصصة لأراضـــي قريتي تاسنولت. معلوم أن أيت تسنولت منذ القدم يعتمدون على تاركا Targa في مختلف أنشطتهم الفلاحية….والأراضي المخصصة لهذا الغرض تمتد على مساحات كبيرة. وهي مقسمة إلى جزئين كبيرين: الجزء الأول يسمى أورتان Urtan والجزء الثاني يدعى أريــــغ Arigh. كل جزء يستفيد من أربع دورات في السنة، على النحو التالي:
منطقة أورتان Urtan
– الدورة الأولـــى: من 01 مايو الفلاحي إلى 10 منه
– الدورة الثانــــية: من 01 غشت الفلاحي إلى 10 منه
– الدورة الثالــــثة: من 01 نونبر الفلاحي إلى 10 منه
– الدورة الرابـــــعة: من 01 فبراير الفلاحي إلى 10 منه
منطقة أريــــــغ Arigh
– الدورة الأولـــى: من 16 يونيو الفلاحي إلى 25 منه
– الدورة الثانــــية: من 16 شتنبر الفلاحي إلى 25 منه
– الدورة الثالــــثة: من 17 دجنبر الفلاحي إلى 26 منه
– الدورة الرابـــــعة: من 19 مارس الفلاحي إلى 28 منه
…. لتدبير هذه العملية تلجأ الجماعت Ljmaat “أهل القرية” إلى آلية تدبيرية مشكلة وفق تسلسل هـــرمي. في البداية، يعين أهل القرية أربعة أمناء، وبعده يتم تعيين أعضاء فرقة إنكافن، المكونة من ستة أفراد و فرد سابع يسمى ” أمين إنكافن” وهو بمثابة قائد الفرقة، وهو المخاطب الرئيس أمام الأمناء الأربعة في كل ما يتعلق بالحسابات المالية والأمور التدبيرية….هؤلاء الأعضاء يتم اختيارهم وفق مواصفات دقيقة. من أبرزها، المعرفة الدقيقة بتاركا وبمختلف قنواتها Issoura، وكذا بجميع الملاكين وحقولهم. هذا فضلا على اتصافهم بالنزاهة والعدل وحس العمل الجماعــــي، الذي يتطلب التعاون والتضامن….
بمجرد اقتراب الدورة المائية، يتم تحضير كل لوازم العمل، من خيمة وأدوات الطبخ وأدوات العمل …يتم تركيب خيمة إنكافن بتاركا، وتقسيم الأدوار فيما بينهم. كل فردين يتكلفان بقيادة الماء ” أرتكوادن” Ar tgwadn لمدة 24 ساعة، بينما الفردين الآخرين يكونان في فترة راحة والتحضير لاستلام مشعل قيادة الماء…بينما يتكلف الفردين المتبقيين لتتبع مسار الماء في اتجاه السد، عبر طريق جوابر والسمايسا وأيت أمريبط للمراقبة وإصلاح التسربات المائية، وردع بعض الفلاحين الذين يقومون ببعض المخالفات ….تستمر العملية بالتناوب طيلة العشرة الأيام المخصصة للدورة….مباشرة بعد سقي الحقول المبرمجة ، ومع انتهاء الفترة المخصصة لأيت تسنولت، يتم قيادة الماء من طرف إنكافن التابعين للمناطق الأخرى المعنية (أسماؤها في الجزء السابق)….
بالنسبة لاستخلاص مستحقات السقي، تتم العملية من طرف أعضاء الفرقة الذين يكلفون أحدهم بمهمة الكتابة، وتحديد القيمة المالية المستحقة بالنسبة لكل ملاك بناء على مساحة حقوله ” إمتلان” Imtlan، وكان والدي دومـــا هو المكلف بهذه المهمة…مازال يحتفظ ببعض من أرشيف العملية…..تجمع المستحقات أيام السوق الأسبوعي، وخلال الأيام العادية عبر التواصل المباشر مع المعني…..بعد تجميع كل المستحقات، تعطى منها نسبة معينة للجمعية المكلفة، عبر الأمناء الأربعة، والتي تتكلف بتنقية قنوات السقي “إسورا”…ويتم تقسيم الباقي بين أفراد الفرقة…..
إلى تأمل آخـــر، أرجــــو لكم ليلة رمضانية كلها أحاسيس إنسانية …. إلى لقا ء آخر بحول الله
يتبع..
ملاحظات:
– في الصورة جزء من تاركا ن ماست بعدسة هاتفي
– والدي أطال الله في عمره الذي كان ضمن فرقة إنكافن هو مصدر هذه المعطيات
إبــــــــراهيم عفيف
سوس ماســـــة