ربيعة مزوقة ، فنانة تشكيلية مغربية ، حملت ريشة الرسم منذ الصغر، لتصبح اليوم واحدة من التشكيليات المغربيات البارزات ، ريشتها مغمّسة بالحنين والحب والابداع ، أبرزت اللون وجمالياته ، وحصرت المسافات والأبعاد والرؤى ، في إطار جميل موضوعها قوي فرض وجوده في الساحة التشكيلية المعاصرة ، تمزج ألوانها بتراث بلدها المغرب الغني ، الذي يقع على تقاطع ثقافات وحضارات تعاقبت عليه ، وهي إذ تحافظ على هويتها الثقافية وخصوصيتها الوطنية تنفتح في الوقت عينه على الحداثة والتجريب والتعبير بالريشة واللون عما يعيشه الكائن المعاصر من شؤون وشجون وتطلعات ، كأن فرح ألوانها ما هو سوى محاولة للتخفيف من وطأة الأوجاع التي تصيب كلا منا في رِحلة العمر.
بأعمال رائعة يلتفت نظرك إلى رسوماتها ، في تجريدها وتعبيراتها البسيطة ، فيها شفافيات وشاعرية غريبة تلامس القلوب ، وكأنها متجهة إلى الفراغ ، تتفاجأ بمجموعة من اللوحات الجميلة برسومات كأنها تلامس الأرض ، لوحات واقعية بشكل بسيط تلامس كل متعطش للألوان ، حين تنظر إلى الشخوص التي ترسمها ربيعة مزوقة دائما تجد هناك سؤال مؤجل إلى حين .. وهناك دعوة للتأمل وهناك نص لم يكتب ، هناك إحساس عال من خلال خطوطها البسيطة التي تضعها على اللوحة.
في كل ضربة فرشاة وفي كل تدفق لون هناك شيء ما يعطي لمعانا للوحة ، ولهذا يصعب تقليد أعمال ربيعة مزوقة ، رغم بساطة خطوطها وكأنها في متناول العين لكنها صعبة جداً ، لأنها ترسم إحساساً بقلبها ، لتغريك لوحاتها الفائقة الجمال .
للخيول مكانة خاصة لدى الفنانة مزوقة ، فمنها تستلهم مواطن الجمال وتنسج قصائد العشق والحب، وقد هامت في فتنتها واختارت أن ترسم الخيل وتشكل منها لوحات في غاية الروعة ، فالمشاهد للوحات الفنانة مزوقة ، يكتشف قدرتها على اقتناص ملامح الجمال في الخيل ، من الحركة إلى السكون ، إلى حالات الزهو وحالات الجموح ، بأسلوبها الواقعي الأقرب لعصر النهضة ، وإبراز أدق التفاصيل ، متمسكة بأهمية النسب في رسم جسد الخيل وتحديد كل نوع.
تلاحظ في لوحاتها اهتمامها بالخيل وبالتراث المغربي الأصيل ، وكأنها تستعيد ذكريات البطولة ، أو ما نراه في لوحات أخرى لفرس ينظرهنا وهناك ، ويطيل النظر في الشيء ، صور خيالية استعيدت بعناصر حية ، معاصرة تؤكد حرص الفنانة المغربية على إرثها الثقافي والتاريخي ، وعشقها للخيل المعقود في نواصيها الخير.
تقول الفنانة ربيعة مزوقة : عشقت الرسم منذ الصغر ، وبدأت في تطوير أدائي وموهبتي منذ طفولتي ، وتضيف : الفرشاة صديقتي ، والرسم بالنسبة لي هو الملاذ والحضن الدافئ الذي ألجأ إليه لتفريغ طاقتي والتعبيرعن مشاعري وهو ما عزز من طموحاتي وأحلامي .
هكذا طوعت ربيعة مزوقة موهبتها في رسم لوحات فنية تتزين بألوان جميلة ، لكن الوضع لم يستمر طويلاً ، بل تحول إلى مشروع أكثر جمالاً بولوحات تغري الناظرين والمتتبعين .
ولدت الفنانة المغربية ربيعة مزوقة بمدينة مراكش في بيت يهوى الفن – فنانة عصامية وفاعلة جمعوية ، أعمالها مستوحاة من الواقع ، عاشقة للون ، شاركت في العديد من المعارض الجماعية الوطنية والعربية والدولية ، حصدت خلالها مجموعة من الجوائز والشواهد التقديرية .
هكذا تطمح الفنانة ربيعة مزوقة إلى نقل عالمها الفني الجميل إلى العالمية في المستقبل القريب ، وفق كل من يعرفها ويشاهد لوحاتها الفريدة والمميزة.
عبد المجيد رشيدي